{ عدت من عطبرة بعد واجب تلقي العزاء في والدة زوجتي وجدّة أولادي، عليها الرحمة ولنا الصبر والسلوان، لأجد أن الدنيا في السودان من أقصاه إلى أقصاه، وبرغم كل الظروف، تبكي العندليب الأسمر «زيدان إبراهيم» بعد أن انتقل إلى رحاب المولى عزّ وجل، تقبله الله في المرحومين والمغفور لهم بإذن الله. { ولم أدهش حينما علمت أن الراحل العزيز بنى بيتاً لله دون أن يعلن عن ذلك، وهذه مواقف أعلمها عنه دون أن يذكرها عبر زيارته التي كانت تتكرر إلى صحيفة «عالم النجوم» ووقتها كنت رئيساً لتحرير شقيقتها الصغرى أخبار المجتمع. { وفي عالم النجوم كان الراحل الفنان يجلس بين أفراد التحرير والإدارة متأدباً بصورة كانت تدفع الكثيرين من الذين هم حضرته إلى نفس السلوك المؤدب والتواضع الصادق دون تكلف. { زيدان عليه الرحمة واحد من أندر الأصوات التي تغنت بالحب بكونه واحداً من أرقى العواطف الإنسانية، وبذلك أصبح غناء زيدان هو تميمة العشق لشباب السودان طوال عقود أربعة. { وغنى زيدان للجمال مبدعاً كما غنى للحب، جاعلاً الصورة والزهرة خلفية لكل وجه جميل يتعشقه الإنسان عبر غناء زيدان. { وغنى زيدان لشعراء الأغنية السودانية دون أن يستنكف أن يغني لهذا أو لذاك، وإنما كان ديدنه الكلمة التي ترتج موسيقاها الداخلية، فيأتي اللحن عليها زيادة في الطرب بلا حدود. ألا رحم الله زيدان وسيظل باقياً في الوجدان بقدر ما أطرب. ودمتم