# في هذا المساء أقص على قلبي حكاية بائع الأحلام.. ذلك الرجل الطويل القامة.. أسمر الجبين.. غامض العينين.. هادئ القسمات، والذي كان يحمل في صبانا حقيبته المليئة بالأحلام الوردية.. ويجوب كل المدن.. القريبة منها والبعيدة في خارطة العشق.. ليقف عند كل أبواب العذارى ويفتح حقيبته المملوءة فتختار كل واحدة منهن ما يناسب أمنياتها الجميلة أو واقعها النبيل من أحلام الحب والحياة.. إلا هي.. أميرة الحسن التي عشقت بائع الأحلام.. فكانت كلما جاء إلى بابها وفتح لها الحقيبة لتختار وقفت تطيل النظر إلى عينيه.. وتبعث «رجاء صامتاً» لقلبه.. فيمعن هو في الهروب والمراوغة لا لشيء إلا لأن الأحلام عنده كانت فقط.. للبيع. # ذات صباح.. تناقل الناس في المدينة نبأ بائع الأحلام الذي قبضت عليه السلطات بتهمة بيعه للأحلام الممنوعة.. ولم تكن تلك الممنوعات سوى حلمي الحرية والسعادة المطلقة.. ورغم أنها ظلت مجرد أحلام في خيال المشترين إلا أن السلطات توخت الحذر.. وخشيت من تحولها يوماً إلى واقع يتوق كل الناس لممارسته، مما يجعل بائع الأحلام «مهدداً أمنياً» على سلطات المدينة كونه يعلم الناس كيف يعيشون الحلم ويسعون لتحقيقه وإن ظل ذلك السعي مجرد.. حلم. # ترى.. كم بائعاً للأحلام في مدينتنا؟ وكم منهم يتاجر في أحلامنا الوردية المستحيلة؟ ومن منهم يحاول صادقاً أن يحيلها إلى واقع؟ وهل يمكن أن يتحول ولاة الأمر فينا إلى باعة للأحلام و.. الكلام أم أنهم صاروا كذلك وانتهى الأمر؟! وكيف يمكننا أن نساهم في إنزال أحلامنا إلى حيز التحقيق؟! وهل فهمتم شيئاً من أحلامي التي تراودنى ولا أقوى على التعبير عنها هذه؟ هل أبدو مضطربة الفكرة والأحلام؟.. ربما.. غير أننى أتمنى حقاً لو كان بإمكاننا أن نشتري لأنفسنا أحلاما «نحياها بعيداً» عن الواقع وإن كانت محض تجارة رابحة لرجل طويل القامة.. اسمر الجبين.. غامض العينين.. هادئ القسمات.. يحمل حقيبة كبيرة ليبيعنا أحلاماً مشروعة أو.. ممنوعة بأمر السلطات. تلويح: ما أضيق صدر الكون لولا فسحة الأحلام.. وما أوسع أرض النفاق لولا واحة الصداقة.. وما أروع بائع الأحلام لولا يد (ناس المحلية).