{ شعرتُ، صباح أمس (الخميس)، بالأسف والحسرة على حال حزب (المؤتمر الوطني)، وأنا أشاهد المئات من عضوية (المؤتمر العام) تتزاحم حول (صيوان) منصوب على مدخل مقر الحزب بالخرطوم، وهي تبحث عن بطاقات الدخول أو (الديباجات)، وقفت بالخارج بجوار مجموعة تعرفت عليَّ، فأخذنا نتجاذب أطراف الحديث بانتظار أن يأتي الشخص المسؤول عن توزيع (الديباجات) لأعضاء أحد القطاعات، والآخر المكلف بضيوف المؤتمر العام من الإعلاميين..!! لكنهما لم يأتيا لنحو نصف ساعة.. اتصلتُ بالزميل «متوكل أبو سن» المسؤول عن تغطية نشاط (المؤتمر الوطني) بصحيفتنا، وقبل أن يصل، مر بجانبي الزميل «رحاب طه» - وهو من أعضاء دائرة الصحافة بالمؤتمر الوطني ومن المسؤولين عن توزيع البطاقات على رؤساء التحرير - قلت له: (يا أخي.. وين بطاقاتكم؟)، سألني: (ألم تصلك البطاقة؟) قلت له :(لا). انصرف إلى حال سبيله..!! { بعد دقائق، أطل الزميل «أبو سن» وهو يحمل لي ديباجة مكتوب عليها: (لجنة الإعلام)!! قلت له: أنا لست عضواً بلجنة الإعلام!! المفروض أن تكون هناك (ديباجات) - كما تعودنا في المؤتمرات السابقة - تحمل عبارة (إعلام) أو (صحافة)!! طلب مني أن أستخدم المتاح حالياً للدخول، ومن بعد ذلك يتم ترتيب الأمر.. ففعلت. { دخلنا، على بركة الله، ساحة النادي الكاثوليكي (سابقاً) - المؤتمر الوطني حالياً - ثم دلفتُ إلى قاعة المؤتمر بصحبة الزميل المجتهد «أبو سن» الذي اجتهد حقاً في معالجة (خطأ) اللجنة المسؤولة عن دعوة واستقبال (رؤساء التحرير) والصحفيين ووسائل الإعلام الأخرى، هذا إذا كان هناك (لجنة) - أصلاً - بهذا المسمى والتوصيف. { جلستُ في مقاعد بالصف الثالث من الجناح المخصص للصحفيين. بعد عدة دقائق من جلوسي اقترب مني داخل القاعة (فرد أمن) يرتدي بدلة سفاري ب (كم قصير)، أسمر اللون، طويل القامة، وخاطبني بطريقة مفتش التذاكر في القطارات: (ديباجتك لو سمحت)!! قلت له: ليست لديَّ (ديباجة)، لديَّ خطاب دعوة بتوقيع أمين الإعلام البروفيسور «إبراهيم غندور» وترويسة (المؤتمر الوطني - أمانة الإعلام) وهو في جيبي. قال لي: (طيب لو سمحت عايزنك)!!! تبعته بكل هدوء إلى خارج القاعة، وظل مصراً على ترديد سؤاله الساذج.. وفي هذه الأثناء تدخل أحد الشباب من اللجان المشرفة، واعتذر لي بكثافة، وأدب، لكن الشخص الذي تمثل مهمة (التأمين)، لم يرعو، وبدا لي أنه مكلف بأداء هذا (الدور) البايخ، خاصة أنه لم يتراجع عن (ثقالاته)، أو يشعر بحرج لأنه ارتكب خطأ، وتدخل في ما لا يعنيه، بعد أن تعرف أحد مشرفي تنظيم القاعة على الشخص (المطلوب للعدالة) - العبد الفقير إلى الله - وقدَّم له الاعتذارات. اعتذر (الشاب) ولم يعتذر (الفرد): (يا أستاذ أمسحها لينا في وشنا)..!! ولكن أين (وش) المؤتمر الوطني.. الحزب الذي لا يحترم الصحافة، ولا يعرف مقدار (رؤساء التحرير) في الدول المحترمة، فيترك أمر استقبالهم لأفراد، لا يقرأون الصحف، ولا يشاهدون الفضائيات..!! أو أفراد سذج مكلفين بأداء (مهام) صغيرة تسيئ للحزب ولقيادته قبل أن تسيئ لنا!! غريب أن يعرفك الناس في الأسواق والشارع العام، داخل وخارج السودان، ولا يعرفك مسؤول (تأمين) داخل حوش (المؤتمر الوطني)!! { شكرت الشاب المهذب، وآخر تدخَّل للاعتذار، وأصررت على مغادرة دار (المؤتمر الوطني) فوراً، وقبل بداية الجلسة!! { وطوال هذه الفترة لم يظهر أحد من مسؤولي أمانة الاعلام أو دائرة الصحافة!! { الأفضل ألا أضيع زمني في ما لا يفيد، فهناك محررون مكلفون بتغطية ما يستحق التغطية.. فماذا سأكسب من الجلوس لساعات طويلة لسماع كلمات طويلة جالبة للسأم من لجان المؤتمر وضيوفه من داخل وخارج السودان؟ { لقد جئت (مجاملاً) إعلام (المؤتمر الوطني) لحضور جلسة تشريفية مراسمية، لا أكثر ولا أقل، وهناك صحفيون أكفاء انتدبتهم الصحيفة لمتابعة جلسات المؤتمر، عسى ولعل أن يكون في ثناياها ما ينفع الناس، هل علمتم - الآن - لماذا لا أستجيب لحضور مناسباتكم (المفخخة) عديمة الفائدة؟! أرجو أن تكونوا قد علمتم. { على كلٍّ لم أخسر شيئاً، غير أنني آسف لأنني استيقظت مبكراً، وتكبدت المشاق، لأشهد هذا (الفصل) السخيف ممن زعم أنه (صاحٍ) وأنه (يؤمِّن) المؤتمر العام من الهندي عز الدين!! يا سبحان الله..!!. { لقد كفاني أحد كوادر (المؤتمر الوطني) عن التعليق على (هرجلة) الأمس، أثناء وقوفنا (على الناصية) وقبل دخولنا ساحة (المركز العام)، عندما قال متسائلاً بحزن: (بالله عليكم.. نحنا حاكمين البلد دي (20) سنة.. وما عارفين نوزّع البطاقات؟!!) السؤال مرفوع إلى اللجنة المنظمة، وإلى لجنة الصحافة على وجه التحديد.. { وبالمناسبة: من هوالأستاذ «الجنيد» الذي جيئ به رئيساً لدائرة الصحافة بالمؤتمر الوطني؟! من أين جاء.. وما علاقته بالصحافة والصحفيين؟! وأين مناديبه الذين كلفهم باستقبال الصحفيين على (البوابات) وتوجيههم إلى المقاعد المخصصة لهم؟! أم أنه لم يفعل.. ولن يفعل؟! يا أخي (ناس العرس) في الخرطوم بقوا يقيفوا (لابسين البدل) في باب (الصالة) يستقبلوا ضيوفهم!! بينما الحزب الحاكم يستقبل ضيوفه بالتأمين!! { في العام 1999م، وأنا صحفي بخبرة (3) سنوات، زرت المملكة العربية السعودية، وبصحبتي الأخ الأستاذ «حيدر موسى» الذي كان مسؤولاً عن العلاقات العامة والتسويق، بصحيفة (الوفاق)، آنذاك، وكان مذهلاً لي ولمرافقي مستوى الاستقبال الرفيع والضيافة الفخيمة التي توفرت لنا من (مطار) الرياض، حيث كان في انتظارنا موظف سعودي من وزارة الإعلام، وسيارة (شيفر)، ومراسم، والسائق (السعودي) يهرول ليفتح باب السيارة و...!! والأخ «حيدر» كانت الدهشة مرسومة على حاجبيه!! استضافونا بفندق (حياة ريجنسي) ذي الخمس نجمات، أفخم فنادق العاصمة السعودية، وفي «الرياض» قابلنا سمو الأمير «تركي بن سلطان بن عبد العزيز» مساعد وزير الإعلام، وزرنا مؤسسات ووزارات مختلفة، ومن «الرياض» توجهنا بعد أيام، إلى «المدينةالمنورة»، بالطيران السعودي، وفيها حللنا بفندق «انتركونتيننتال دارالإيمان» ومنها بالطيران - أيضاً - إلى «جدة» حيث أقمنا بفندق «هوليداي إن». { السعودية دولة (قابضة) وفق ضوابط نظامها (الملكي)، ورغم ذلك تحترم الصحافة والصحفيين، وما سقته أعلاه ليس للحكاوي و(البوبار)، ولكنها إشارات مقتضبة لمدى (الاهتمام) السعودي بالصحافة وتقديرها، وتوقيرها، بطريقة مختلفة عن طرائق البعض ممن يظنون أنهم يقومون بواجبات (التأمين) في بلادنا..!! وياله من (تأمين سلبي)!! { كل (مؤتمر عام).. وأنتم (آمنون) .. مؤمَّنون..!!