تمكنت أخيرا من استعارة نسخة من كتاب (مايو سنوات الخصب والجفاف) الذي ألفه الرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر عضو مجلس قيادة الثورة في الفترة من 25 مايو 1969م إلى أكتوبر 1971م وقد تبوأ بعد حل مجلس قيادة الثورة عام 1971م كثيرا من المناصب التنفيذية والسياسية وظل حتى آخر لحظة من عمر النظام المايوي من رموزه. وبحكم الدور الكبير المتميز الذي لعبه في تدبير وتنفيذ انقلاب مايو 69 الذي كان اسمه ثورة مايو فإنه بعد الإطاحة بذلك النظام صباح 6 أبريل 1985م اعتقل وحوكم بالسجن المؤبد وحوكم معه الأحياء من زملائه الذين دبروا ونفذوا ذلك الانقلاب وهم الرواد خالد حسن عباس وأبوالقاسم محمد إبراهيم ومأمون عوض أبوزيد ولم يحاكم الرئيس نميري الذي كان وقت الانقلاب عقيدا لأنه كان خارج السودان. وكانت الأستاذة المناضلة آمال عباس استعرضت في بابها اليومي بجريدة الصحافة هذا الكتاب أو بعضه وهو كتاب مهم يستحق أن يقرأ وأشكر الأستاذ يوسف الشنبلي الصحفي المخضرم ورئيس تحرير جريدة (الآن) الذي أتاح لي ذلك. وكان واضحا أن الرائد الراحل زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر يحب ويقدر ويحترم رئيسه جعفر نميري لكن ذلك لم يحل بينه وبين نقده ومواجهته وإسداء النصح له لكنه كان في نفس الوقت يشعر بكثير من المرارة جراء حل مجلس قيادة الثورة وانفراد نميري بالسلطة وتهميشه له ولأعضاء مجلس قيادة الثورة الآخرين. وذكر الرائد زين العابدين على استحياء أنه لم يكن للرئيس نميري دور في التصدي لانقلاب المقدم حسن حسين في سبتمبر 1975م وانقلاب العميد محمد نور سعد الشهير بانقلاب المرتزقة في يوليو 1976م وهو الانقلاب الذي دبرته أحزاب الأمة والحركة الإسلامية وبعض الاتحاديين بقيادة الشريف حسين الهندي بالتعاون والتمويل التامين من جانب العقيد معمر القذافي، لم يكن للرئيس نميري دور في دحر هذين الانقلابين وكان خلالهما مختبئا في بيت عبدالفتاح باباتوت وبشير طه نميري الذي لا يمت لجعفر نميري بصلة القرابة. وكان واضحا أن الرائد زين العابدين هنا ينطلق من مرارة شخصية مزمنة فالقائد في العصور الحديثة لا يحارب بطريقة خالد بن الوليد وعبدالرحمن النجومي وأبوقرجة وتطرق الرائد زين العابدين إلى الكتب التي أصدرها الرئيس نميري مثل النهج الإسلامي لماذا والنهج الإسلامي كيف والخ وقال إن الذين كتبوها هم مستشاره الصحفي محمد محجوب سليمان والصحفي المصري عادل رضا ونسأل ما الغريب في ذلك ألم يكن هيكل هو الذي كتب فلسفة الثورة والميثاق وخطب عبدالناصر. إن كثيرا أو معظم الرؤساء لا يكتبون لكنهم يكلفون آخرين بكتابة أو صياغة ما يريدون تبليغه لشعوبهم وليس في ذلك ما يعيب ونعتقد أنه رغم أن الذي درس الرائد زين العابدين اللغة العربية في الثانوي هو الأستاذ كرف شخصيا إلا أنه لم يكن هو الذي صاغ كتاب مايو سنوات الخصب والجفاف.