النقطَة ولا صَمّة الخَشُم    تحذير أمريكي للسودان..ماذا هناك؟    شاهد بالفيديو.. العميد طارق كجاب يكشف ما حدث في بابنوسة ويشيد بقادة الفرقة 22: (إختاروا الله على الشيطان واختاروا الوطن على القبيلة وخاضوا معركة فاصلة هزموا فيها متحركات للمليشيا كان قائدها دقلو)    شاهد بالفيديو.. قبل يوم من المباراة.. معلق مباراة السودان والجزائر "العماني" يتوقع فوز صقور الجديان على محاربي الصحراء في كأس العرب    هدايا الدوسري تمنح المنتخب السعودي فوزًا صعبًا على عمان    شقيق الفنان الأسطورة الراحل محمود عبد العزيز يكتب الحلقة الأخيرة عن تفاصيل وفاة "الحوت": (والله العظيم ما خرج من بطن الراحل لم يكن أمراً عادياً مياه بكمية تملأ "كريستالة" كاملة)    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    الخرطوم تعيد افتتاح أسواق البيع المخفض    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    رئيس أركان الجيش في الدمازين ويطلق تصريحات مهمة    شاهد بالفيديو.. قصة إسلام رجل "فلبيني" بالقوة على يد مواطن "سوداني" وأصبح بعدها من الدعاة المعروفين وأسلم على يده الآلاف    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تعود لإشعال مواقع التواصل بوصلة رقص مثيرة على أنغام أغنية مصرية    لاعب ليفربول لصلاح: لن تلعب أساسياً.. حتى لو كنت "ميسي"    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على تعزيز التعاون مع البنك الدولي    بوتين: إذا بدأت أوروبا حربا ضد روسيا فلن تجد موسكو قريبا "من تتفاوض معه"    الجيش يكشف تفاصيل الهجوم على بابنوسة    شبان بريطانيا يلجأون للمهن الحرفية هربا من الذكاء الاصطناعي    لجنة أمن بحري تشيد بعودة التيار الكهربائي وترتيبات إعادة موقف سفريات شندي    توقيع مذكرة تفاهم بين محلية شيكان ونادي كريمة الرياضي بالأبيض    احذر تناول هذه الأدوية مع القهوة    الصفا والأهلي الأبيض وجهاً لوجه بإستاد مدني في التأهيلي    ايمن قلة : لعبنا من أجل النتيجة والموسياب فريق منظم ومحترم    الأمين العام للأمم المتحدة: صراع غزة الأكثر دموية للصحفيين منذ عقود    والي الخرطوم يوجه بتخصيص البصات للعمل في خطوط دائرية بتكلفة التشغيل للمساهمة في تخفيف معاناة المواطنين    بشكلٍ كاملٍ..مياه الخرطوم تعلن إيقاف محطة سوبا    فيلم ملكة القطن السوداني يحصد جائزة الجمهور    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    شاهد بالصور.. "ننسي الناس نعيش في دنيا برانا".. الفنانة توتة عذاب تبهر المتابعين في أحدث ظهور لها    شقيق الفنان محمود عبد العزيز يواصل سرد كواليس اللحظات الأخيرة من حياة "الحوت": (شارد، سرحان، كلامه معاي مختصر شديد، هادي على غير العادة... وكان رايق بطريقة غريبة)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    5 تحذيرات مهمة بشأن الكركم    أيّهما صحي أكثر.. الدجاج أم السلمون؟    العطش يضرب القسم الشمالي، والمزارعون يتجهون للاعتصام    إخطار جديد للميليشيا ومهلة لأسبوع واحد..ماذا هناك؟    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشرطة في السودان تعلن عن إحباط المحاولة الخطيرة    الميليشيا ترتكب خطوة خطيرة جديدة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مخاوف من تأثر أسواق دارفور بقرار منع حظر خروج السلع من الشمالية    بالصورة.. مذيعة سودانية كانت تقيم في لبنان: (أعتقد والله اعلم إن أنا اكتر انسان اتسأل حشجع مين باعتبار اني جاسوسة مدسوسة على الاتنين) والجمهور يسخر: (هاردلك يا نانسي عجرم)    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    شاهد بالفيديو.. التيكتوكر المثيرة للجدل سماح عبد الله تسخر من الناشطة رانيا الخضر والمذيعة تغريد الخواض: (أعمارهن فوق الخمسين وأطالبهن بالحشمة بعد هذا العمر)    شاهد بالصورة والفيديو.. بثوب فخم ورقصات مثيرة.. السلطانة تشعل حفل غنائي بالقاهرة على أنغام "منايا ليك ما وقف" والجمهور يتغزل: (كل ما نقول نتوب هدى عربي تغير التوب)    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في الوجه الآخر لمايو ويوليو ومذكرات المرحوم الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر
نشر في الصحافة يوم 08 - 06 - 2012

٭ فعنوان الكتاب الذي صدر لمذكرات الرائد زين العابدين مثير للجدل والشكوك حول مايو نفسها التي يدافع عنها الكاتب تارة ويهاجمها تارة أخرى وذلك منذ أن اتخذ السؤال مدخلاً الى مذكراته (سنوات مايو خصب أم جفاف؟!) فتلك علامة استفهام كبيرة وضعها الكاتب واختارها.. فهل كان ذلك بمحض ارادته أم هنالك أشياء اخرى تعود بنا الى ما سبق ذكره عن صدور المذكرات في غياب كاتبها أو بالاحرى صاحبها الذي نسبت اليه..
فالمرحوم الرائد زين العابدين او صاحب المذكرات وناشرها ليسوا وحدهم شهود القضية ومعاصريها.. كما ان الحقبة التي تناولتها المذكرات حقبة تاريخية وسياسية حظيت باهتمام نخبة عريضة من السودانيين ينتمون الى كافة قطاعات المجتمع لم يكتفوا بالنظر او الفرجة الى صراعات مايو ومعارضتها المقدرة كماً ونوعاً..!! فالحدث الذي لا يشير اليه الكاتب من قريب أو بعيد عندما يكتب في اقتضاب عن ادوار محمد ابراهيم والشايقي في حماية مايو والدفاع عنها- رغم انه كان أهم أسباب الصراع داخل مجلس ثورة مايو الذي انقسم الى مدافع عن الجريمة ومرتكبها ومنهم الرائد المرحوم كاتب المذكرات والى مدافع عن دولة العدالة وسيادة القانون بقيادة الرائد فاروق عثمان حمد الله، والذي يقع الامر برمته في نطاق مسؤوليته ووظيفته واختصاصه كوزير للداخلية وهو ما يحاول الكاتب اخفاءه باثارة تلك الاستفهامات والاسئلة المبهمة!!
فهل كان المرحوم الرائد زين العابدين عندما يتحدث او يشير الى دور محمد ابراهيم في القضاء على ثورة شعبان يقصد تلك الحادثة التي انطلقت خلالها القذيفة من المدرعة التي كانت تقف بالقرب من معمل استاك والسكة حديدلتقتل وعلى الفور طالباً من المتظاهرين وترسل رسالة شديدة اللهجة والعنف الذي لم يسبق له مثيل ولم يتكرر حتى الآن في السودان- فالمظاهرات قبل ذلك وبعده تتصدى لها الشرطة وهى التي كانت تطلق الرصاص في احلك اللحظات وتتجنب اصابة المقتل- فهل كان ذلك هو الرجل نفسه الذي كان وقتها ضابطاً في سلاح المدرعات بعد ان تمت ترقيته من الصف بسبب اشتراكه بفعالية وحماس في انقلاب 52 مايو 9691!!
٭ فنحن ايضاً نتساءل الآن عن القادة الحقيقيين والمفجرين لانقلاب مايو أو ثورتها وعلى رأسهم الرقيب ثم النقيب والعقيد محمد ابراهيم سعد، وليس صعباً ان يدرك المرء أو يستدرك ان الرجل كان رقماً خطيراً لا يمكن تجاوزه حتى من قبل الرئيس جعفر نميري او الرائد زين العابدين محمد احمد عبد القادر ويحق كذلك للقاريء لمذكرات الرائد زين العابدين وعن تجنيده كما يزعم للرقيب محمد ابراهيم وضمه الى مسرح المأساة والملهاة التي حدثت في 52 مايو وبعدها، ولعبت ادوارها في مسرحية شاهد ما شافش حاجة كالرائد المرحوم زين العابدين الذي لم يسمح له نميري بالدخول الى معسكر المدرعات بالشجرة لحضور المحاكمات بينما كان الجندي المزعوم حسب مذكرات الرائد زين العابدين بطلاً في تلك المحاكمات يحكم على الضباط ويقوم بالتنفيذ في مسرحية من قتل من ومن يجند من؟؟
أما هجوم كاتب المذكرات على قائده وزعيمه العقيد جعفر نميري فيخرج الى ابعد من الشكوك والتساؤلات إلا انه أى الكاتب زين العابدين يظل عاجزاً في مذكراته المثيرة للجدل عن تقديم الاجابة الشافية عن ملابسات اختفاء ثم ظهور جعفر نميري فجأة في كل الازمات والصراعات التي واجهتها منذ يوليو 17 أو في شعبان سبتمبر 37.. أما في سبتمبر 57 حسن حسين أو يوليو 67 محمد نور سعد، فانه لا يملك غير الحيرة والريبة في مكان وتوقيت الاختفاء ثم الظهور في لحظة حاسمة والسيطرة سريعاً على مقاليد الامور ومجرياتها، وهو أمر لا يحسب على نميري بقدر ما يحسب على رفاقه الذين لم يلعبوا غير دورهم التقليدي في كواليس مايو وصفوفها الخلفية بعيداً عن مسرح الرئاسة وسلطتها التي انبطت بجعفر نميري وحده دون أى شراكة من الآخرين خاصة من مفجري الثورة وروادها المزعومين!!
فالامر لم يكن بتلك البساطة التي يتصورها كاتب المذكرات ورفيق الدرب لمايو وقائدها.. وهو لم يبدأ كما يعتقد المرحوم الرائد زين العابدين بتلك الاجتماعات التي تعقد في منازل مجهولة دون اذن اصحابها وعلمهم بما يدار داخلها من التآمر والمكايد.. فلقد كانت هنالك آثار اخرى ومؤثرات اجنبية على مسيرة الثورة وقائدها سابقة لعلاقة المرحوم الرائد زين العابدين بذلك الشأن بما يزيد على العقد الكامل من عمر الزمان، فلقد كان ناظر مدرسة حنتوب الثانوية المستر براون بريطاني الجنسية معجباً بالطالب جعفر محمد نميري الذي كان مستواه وسطاً وله نشاط رياضي كبير(...) وكما يقول مؤلف كتاب السودان في عهد نميري الخواجة انتوني سلفستر (1) ترجمة د. مبارك بابكر الريح ويقول الرئيس نميري في هذا (لقد شجعني المستر براون لمزاولة انشطة متعددة وضاعف من حبي لكرة القدم.. لقد كان رجلاً موضوعياً ومحبوباً.. علمني أشياء كثيرة في الحياة.. وقد حرصت لدى زيارة بريطانيا في مارس 3791 ان يكون المستر براون معي عند تلبيتي لدعوة ملكة بريطانيا لتناول طعام الغداء بقصر بكنجهام) انتهى كلام نميري في كتاب الخواجة البريطاني وما لم يقله نميري هو انه انضم للكلية الحربية بتوجيه من مستر براون ناظر مدرسة حنتوب الثانوية.
فالكاتب الخواجة انتوني سلفستر متحمس ايضاً لنميري ونظامه ولا يخفي عداءه للثورة السودانية وقيادتها الوطنية فيكتب في صفحة 58 من كتابه السابق.
كان تنظيم الضباط الاحرار بقيادة المقدم جعفر نميري يتأهب في منتصف ليلة الخامس والعشرين من مايو 9691م للانقضاض على النظام القديم.. وفي ذلك اليوم حدثت بلبلة حيث عرف الشيوعيون بالسر واشيع انهم ربما يكشفون الامر للسلطان.. وفي هذا يقول الرئيس نميري ( في الساعة الرابعة من مساء يوم 42 مايو 9691 ذهبت شخصياً الى منزل عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني واخبرته ان يلتزم الصمت ولا يفشي خطتنا للحكومة.. واخبرته ان الحركة تسيطر الآن بالفعل على كل المرافق العامة في البلاد وأى مقاومة للثورة ستؤدي الى سفك الدماء الذي لا نريده.. وللحقيقة وافق عبد الخالق الا يفعل شيئاً واوفى وعلى الرغم من ذلك لدى مغادرتي لمنزله امرت اثنين من رجالنا لمراقبة منزله) انتهى نميري والخواجة سلفستر الذي نقلنا عنه من الطبعة المترجمة لكتابه الذي صدر في العام 9791 عن دار النشر بجامعة الخرطوم.
وفي تمهيد الكتاب يذكر المؤلف ما يلي ( لقد داومت زيارتي للسودان مرة كل عام منذ عام 9691) انتهى ومما اورده الكاتب في ثنايا مؤلفه يبدو انحيازه جلياً ودفاعه المستمر واعجابه بجعفر نميري، فهل كان هذا الخواجة الذي يشارك مستر براون في الجنسية البريطانية والاعجاب بنميري يمارس نوعاً من التلقين السياسي لجعفر نميري كما فعل الخواجة الصهيوني داؤود روبيني مع عمارة دنقس اول ملوك الفونج أو السلطنة الزرقاء فتلقينات روبيني استفاد منها عمارة دنقس في حماية شعبه ومملكته من غزوالسلطان سليم الاول، بينما تأكدت حماية المنظومة الرأسمالية الغربية بقيادة امريكا وبريطانيا لنظام نميري بعد احتوائه سياسياً واقتصادياً.
فما جرى من التصفية والاعدامات في يوليو 17 لم يكن صدفة ولم يكن بسبب انقلاب 91 يوليو أو مجزرة قصر الضيافة المزعومة فلقد جاء نميري محرضاً بأجندته المعلنة والخفية، وكان اول المستهدفين وفقاً لتلك الأجندة العالمية الشهيد عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني، خاصة بعد ان تصدى بفكره وثقله السياسي لانجاز المرحلة الوطنية الديمقراطية التي اكتشفها الشهيد بعبقريته ووعيه التام بالقضية السودانية التي فقدت أهم مراحل تبلورها الوطني الديمقراطي، خاصة عند تشكيل تنظيماتها السياسية والفكرية حول الطائفية الرجعية والعقائدية المذهبية المتطرفة يميناً او يساراً.
إلا ان القوى الدولية المتحالفة مع عناصرها من الوطنيين ووكلاء الاستعمار الحديث في الشرق الاوسط وافريقيا تكالبوا على الثورة السودانية الوطنية الديمقراطية الى ان وئدت في مهدها منذ الثاني والعشرين من يوليو 17 وحتى الآن ولا تزال مقبورة في مقابر اولئك الشهداء العظام والى ان تبعث من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.