إن الإنسان كائن بوصفه أخلاقياً والمجتمع هو السلطة الأخلاقية.. (دريم) إن الشخصية البشرية هي بطبيعتها ما لا تتكرر مرتين لأن كل إنسان منا هو نسيج وحده خلقها الله ولها بصماتها الخاصة بها ووجود الإنسان هو وحده وكل إنسان كفيل بأن يفرض تنظيماً خاصاً في توازن يكسبه المعنى. ولا بد من يكون بيننا من يأخذ على عاتقه مسؤولية الكلام والتنفيذ والفيلسوف حين يتكلم باسم الإنسان والإنسان تساؤل وتعجب واستفهام. وإذا كان السموأل عند قدامى العرب يجسد المعنى الحي للوفاء والإخلاص حتى جاء المثل «أوفى من السموأل» فكثير من الأسماء قد انطبقت على المسمى «والسموأل» لمدى أهل الثقافة والفن خاصة ولدى المصلين عامة هو موجود بشري متواضع مثقف لا يعلو حتى على نفسه ينفذ فيبدع ومعاييره ابتداء من ذاته، يستند في أفعاله الحرة الى المتاح فيعطي الشعب حقه الذي يستحقه، لا يملك سوى وضوح البصيرة وقوة الحدس والحب ويجيب على كل ما يثيره الفنان من موضوعات والتي لا تكاد أن تعدو أسئلة ثلاثة هامة ما الذي يمكنني أن أفعله وما الذي تفعله الدولة لي وما الذي أستطيع أن آمله. ارتباطه الوثيق بالجماعة وإلمامه التام بالمعاني السامية يقود المصلين فيؤم الجماعة ويلقي الخطب، يقود الحركة الثقافية ويعطي كل ذي حق حقه، منبر يستحق الوقوف فيه ومقعد يستحق الجلوس فيه، تعايشه مع الأفراد والجماعات فليس بالإمكان أن تقوم أخلاق بمعنى الكلمة إلا إذا شعر الفرد باستناده الحي الى المجتمع واعتماده عليه وارتباطه به فهو رجل الأخلاق الذكي المحبوب الذي يحس بآلام الآخرين فتمسك الفرد بأهداب الجماعة، هو التمسك بأهداب المثل الأعلى الاجتماعي، والسموأل له حظه من الاحترام الديني الذي يثيره في نفسه المثل الأعلى الاجتماعي لتعلقه بالجماعة الذي ينطوي على تعلقه بالأفراد ذوي الظروف الخاصة في ما يرى (وركايم) إن المجتمع هو الغاية القصوى لكل نشاط أخلاقي لا لأنه يعلو على شتى الضمائر الفردية فحسب بل لأنه يحمل أيضاً كل خصائص السلطة الأخلاقية التي توجب الاحترام وهو الذي يفرض علينا بعض الواجبات وهذا ما يسمح لنا بأن ننظر إليه باعتباره غاية أخلاقية منقذة تمديدها للمبدعين والواقع أن الاعتراف بالملك المستحق للإنسان السوداني لا يسلتزم حتماً أن ننفي عن إنسانيته هذا العطاء وهذا التنفيذ (مقولة ده حق)، ولو كان كل مسؤول إن هو إلا ما يصنع من نفسه وما يصنع لنفسه فحسب لما كان ثمة إنسانية ولما كان ثمة أمانة وتاريخ ورابطة جماعية. تحياتي لهذا الرجل الذي يشعر نحو الأفراد بمحبة حقيقية كحبه للمبادئ فإنه لن يستطيع أن يشهد آلام إخوته في الإنسانية دون أن يشاركهم أو أن يمد يد العون لهم بفهمهم والتعرف عليهم وسبر غور إمكانياته المتاحة وقواه فإن الإنسان أحوج ما يكون أن يعرفه الإنسان وأن الفنان أفضل ما يعرفه الفنان. إن الدرامي بين الموجودات الفنية جميعاً هو أكثر شقاء وأعمقها ألماً وأرهفها حساسية وربما كان السر في ذلك أنه قد طرق أبو الفنون فحمل هم أبنائه وأنه كان سراً في شقاء ذاته البشرية في أنها لم تبلغ مطلقاً مرحلة الاتزان المطلق، هو ينشد حالة امتلاك الذات دون أن يقوى على بلوغ هدفه لأن ذاته للآخرين. وأنه المخلوق الذي لا يكاد ينتهي حتى يبدأ من جديد وها هو يبدأ من جديد في عهد السموأل بمشاركته الوجدانية وهي الطابع الأخلاقي الذي يمتاز به بوصفها عناصر أصيلة جوهرية وهي التي تتصل اتصالاً بشتى النوازع الأخلاقية، على سبيل المثال لا الحصر، زيارة الدراميين العمالقة الذين أقعدهم المرض مثال الأستاذ الأنور محمد عثمان والريح عبدالقادر ومنير عبدالوهاب، فهو ملم بأحوال كل فرد من الدراميين ويكاد أن يعرف أعلى نسبة منهم بأسمائهم وظروفهم الخاصة. التقاؤه بأعضاء الاتحاد العام للمهن الدرامية في دارهم المتواضعة قبل أيام كان له وقع خاص حيث إنه تعرف على مشاكل الدراميين وكيفية الشروع في حلها وتنفيذ فوري باقتراحه تأسيس مكتبة للدراميين بداية بترشيح عدد من الأسماء وتبرعهم بعدد من الكتب إضافة الى أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الذي تبرع كل عضو فيهم بعشرة كتب ثم مساهمة وزارة الثقافة وأروقة. الإعداد لافتتاح الدار وتأسيسها بتخصيص عدد من المعدات والمكتبة الإلكترونية، الشروع في انتزاع حقوق الدراميين بإعادة قطعة الأرض المستحقة والمخصصة لدارهم التي استولت عليها مؤسسة تربوية. نتمنى أن تنفذ كل القرارات الخاصة بوعود الدراميين لتتحقق الوعود الجميلة وتكون فيطور التنفيذ السريع ولئن كنا لا نستطيع بطبيعة الحال أن نتنبأ بمستقبل إنسان أو ظروف وأن نرسم صورة صادقة له وليس في استطاعة أحد أن يزعم بأن المستقبل مضمون حتماً لأن طريق الإنسانية طريق وعرو وشائك ملئ بالعوائق والصعوبات فإننا نأمل أن تزدهر الدراما بيد السموأل، كما ازدهرت في عينيه المتطلعتين والتي تشع ذكاء وصدقاً.