النفي لحقيقة أن شأن طلاب الجامعات صار واحدة من فضائح الحكومة الحالية، إن كان بالقمع أو الإهمال أو الطرد أو العجز؛ هو نفي الإثبات. فبعد حوادث الخرطوم - الجامعة وليس المستشفى - التي انتهت بإخلاء سبيل الطلاب ثم تقرير فتح أبواب الجامعة في شهر مارس القادم، بلا تصريحات لتحفظات أو حواجز من إدارة الجامعة تجاه شروط الدراسة بعد التعليق؛ تظهر الآن قضية طالبات جنوب كردفان من جامعات مختلفة، بمدينة الواحة بأم درمان، باختلاف أنهنّ لم يقمن بسداد الحقوق المادية لمالك العقار - سيد البيت وليس الوالي المخلوع! - ويبقى القاسم المشترك هو الإخلاء بقوات تتبع للشرطة بحسب تقرير كثير من المنابر الإعلامية أمس. والمسائل التعليمية لا شك أصبحت في هذا البلد تخضع لتضريبات أخرى ومجاهدات أوّلية غير التحصيل الأكاديمي والتنوير المعرفي والثقافي للطلاب في عموم مراحل التعليم، فكما (يطرد) طلاب الجامعات من الداخليات بسبب الصيانة ورسوم الإيجار والاختلافات السياسية؛ (يطرد) طلاب الأساس والثانويات من الفصول بسبب الرسوم والاختلافات التوجيهية! ومؤتمر التعليم هو حضور الغياب عن قضايا أساسية ليس من ضمنها أبداً مدّ سنين العذاب للمعلّم في كل مراحله. ومراحل تسلسل القضية وصولاً إلى السادة الصندوق القومي لدعم الطلاب، ومسمياته الأصيلة والتأصيلية والموصلة، هي مراحل متأخرة تتطلب منهم الدعم النفسي والاجتماعي والمالي للطلاب. لكن هذا لا يحدث منهم إلا بما يخدم موجهات الحزب الحاكم وأمانة الشباب والتأصيل والطلاب بالمؤتمر الوطني، وذلك بحشد وتسيير القوافل والمواكب والقاعات والهتافات ليصرّح المسؤولون (الكبار) بأنه الحزب الوحيد الذي به دماء شبابية متجددة وقاعدة طلابية عريضة مفقودة في الأحزاب الأخرى! وجهة النظر الأخرى تقول: طيب ليه ما دفعن القروش؟ ووجهة نظر قبلية تقول: ألم تكن هناك موجهات بالقبول الجغرافي للطلاب؟ حتى يتم تفكيك وحل أزمة السير والمرور للطلاب في الحجيج السنوي من ولاياتهم إلى الداخليات؟ ووجهة نظر معكوسة تسأل: ما هو حكم مشروعية المساكن الخاصة للداخليات الفاخرة للطالبات والطلاب؟ ما هو دور الصندوق من هذه الداخليات الخاصة، وهو يشيّد المدن الجامعية الكبرى وبمساحات خرافية تبتلع داخلها ميادين لأحياء سكنية، عشان خاطر عيون حلوين؟ ووجهة نظر صحيحة تسأل: وين راح (عشا البايتات)؟ مبيت بنات جنوب كردفان ومناشدتهن لمولانا (أحمد هارون) يفيد كثيرين - منهم مساحتي كموضوع للكتابة - لمضغ لبانة الهامش والمركز وتلك الأحاجي المسيخة التي لا يحترز لها شباب وشيب الصندوق وأمانات الشباب والطلاب مقابل اهتمامهم بالحشود وتطبيع علاقاتهم مع رموز شبابية لأحزاب المعارضة، ويقلل من صدق المتحدثين في القنوات الفضائية لتبرير مشكلة طلاب جامعة الخرطوم كنموذج، وإسقاطها على بقية الجامعات الأخرى كحلول. فبغض النظر عن خصوصية مشكلة داخلية بنات جنوب كردفان، فسترى العيب واضحاً في كلية قضايا طلاب الجامعات من قطع المياه في الحمامات، وخيارات التسكين - والتمكين - في المدن الجامعية بحسب الولاء السياسي، إلى تعليق الدراسة والزج في السجون. عيبٌ واضح وصريح، لأنها كقرارات صادرة من السادة القادة والمسؤولين أولئك الذين درستهم هذه البلد بنظام (الأبونيه) ومصروف الداخلية للكل، البترسل للأهل! والبعثات الخارجية عشان ينفعوا البلد، بلد البنت والولد!