{ منذ أن أصدر الطيب صالح رائعته العالمية «موسم الهجرة إلى الشمال»؛ تدافع بعض كتابنا إلى كتابات مماثلة لكنها لم تبلغ مثار شهرتها دعك من قرائها. { ولعل أشهر من سار على هذا الدرب من المؤلفين السودانيين الكاتب - وهو مسرحي أكثر منه كاتب رواية - عمر الحميدي، الذي كتب جزيرة العوض - وحاول أن يترسم خطى الطيب صالح حذو النعل بالنعل. { ولكن فشله جاء في عدم قدرته على إيفاء العبارة حقها واللغة قدرتها في التعبير كما كان يفعل الطيب صالح، ولهذا بقيت جزيرة العوض وما تزال حبيسة أدراج المكتبات!! { وأذكر أيضاً، مختار عجوبة وهو أستاذ جامعي، يتمسك بأهداب الآداب، وأصدر روايته صالح الجبل، التي لقيت بعضاً من نقد، ولكنها بقيت أسيرة أدراج المكتبات مثل صاحبتها جزيرة العوض. { ولكن واحداً من أبناء منطقة الطيب صالح، وفي نفس (عمودية) كرمكول.. من أبناء الغابة، شق لنفسه طريقاً مغايراً لعجوبة والحميدي.. لم يتلمس الطيب صالح في كثير أو قليل.. { وأصدر الرواية المعروفة (بحوش حمد) وهي رواية أسعدني حظي أن أقرأها أكثر من مرة. { المرة الأولى يوم أن جاءني صاحبها يحملها على خجل منه ويطلب مني رقم إيداع، لا لأنه سيقوم بطباعتها، وكنت وقتها أمين عام مجلس الصحافة. { فلم أدع أمرها للجنة النشر ولكني قمت بتقويمها بنفسي وأشركت معي في التقويم أستاذنا محمد سعيد معروف - عليه الرحمة - وهو قاص ممتع أشهر قصصه (مات حجر). { وكان أن أُجيزت الرواية تماماً وتم تسليم صاحبها الروائي محمد سعيد شلي رقم الإيداع المطلوب للنشر، وفعلاً نُشرت الرواية. { ولكن غربة الأستاذ شلي في سلطنة عمان أضرت به شخصياً كروائي من الطراز الأول وكصحفي، إلى أن عاد مؤخراً وانضم إلى كوكبة العاملين بمجلس الصحافة مديراً تنفيذياً لمكتب الأمين العام. { وحوش حمد تستحق الوقوف عندها ولعل شيخنا الأستاذ نبيل غالي يفعل. ودمتم.