{ لبث الشاعر محمد عبد الحليم، شاعر الثورة، عُمراً في صفوف حزب المؤتمر الشعبي، فقد ذهب غرباً باتجاه الشرق في مواسم الانشطار، ثم غاب وغاب صوته إلى أن عاد كما الربيع إلى مواسم الشعر منذ فترة قليلة، فلقد فوجئ الجمهور في احتفالية رفع تمام الدفاع الشعبي منذ نحو أيام بابن الحليم وهو يصعد على هامة الاحتفال ويقول قصيدته الجديدة القديمة: شعارنا العالي بيرفع والعالم كله بيسمع فلنأكل مما نزرع ولنلبس مما نصنع لي جنة نضيرة نحول الأرض البور البلقع وبالطاقة القصوى الكامنة حتلف عجلات المصنع وثمة أسئلة مقلقة تحتشد تحت ظل هذا النص، ولئن تجاوزنا أسئلة الغياب على أن منصات (المؤتمر الشعبي) لم تكن المنصات المناسبة (لتلف عجلات مصنع أشعار عبدالحليم)، فهل الزمان مناسب لإعادة إنتاج هذه القصيدة على منابر الوطن، أعني (القصيدة المحكمة) والتي يمكن أن تُستخدم (كوثيقة) ضد الحكومة نفسها، فبعد عقدين من الإنقاذ قد تحققت أشياء ولازال هنالك الكثير الذي لم يُنجز، على الأقل أن (النهضة الزراعية) لم تحدث بعد، ولا زلنا نستورد (نحنا قمحنا)، وكادت أن تمزقنا فاتورة القمح التي أقسمنا يوماً لنمزقها شر ممزق، لكننا نستمع لمقطع آخر ثم نعود فابقوا معنا.. وحنشيد نحنا بلادنا وحانفوق العالم أجمع وهدفنا الواضح عنو أبداً أبداً ما بنرجع ولو داير زول يتجرأ ويهدد سيرنا ويمنع حندلي الغصن الأخضر.. ونعبي في لحظة المدفع ومن جهة أخرى يزعم بعضهم أن للإنقاذ (عقلية خطيرة) يمكن أن تصنع المستحيل لو تركها الآخرون، ففي فسحة بسيطة من الزمان أنتجت النفط والسدود والطرق والجسور، لكن القوى العالمية جعلت الإنقاذ (مرهقة بالاحترابات والجبهات)، فكلما خمدت جبهة عبأ خصومها من وراء البحار جبهة أخرى، فلا زال مدفع الإنقاذ مشتهراً ومشهوراً منذ يومها الأول، ولا أتصور أن زعم بعضهم صائب بأن القوم (دعاة حرب)، فالحرب هي التي أفشلت مخططاتهم التنموية والعمرانية، فعلى الأقل أن الذي يحدث في إقليم دارفور يثبت ذلك، فالحكومة تذهب إلى قرية بغرض الإعمار والنماء وبناء المدارس والمشافي، فيعقبها المتمردون فيعاقبونها بتدمير ما صنعت، ثم يحولون أعزة أهلها إلى لاجئين ونازحين وأذلة. والأمل الجد برجوه الصف يقوي ويتجمع ونوحد كل جهودنا للخير دايماً نطلع وللدول الحولنا ديمه لي بيض إيدينا بنرفع والغيث في أول قطرة والموكب هادر يطلع وهنا ننشط ذاكرة القراء بأن جبهة طولها آلاف الكيلومترات قد فُتحت كجهنم في مواجهة الإنقاذ في صدرها الأول، امتدت تلك الجبهة من البحيرات جنوباً حتى سفوح البحر الأحمر، وهي جزء من الخطة الكبيرة لمحاصرة مشروع الإنقاذ النهضوي، فلا يمكن أن يتركك العالم وأنت من أول يوم تشهر في وجهه شعارنا العالي بيرفع.. والقمح... فلن تسمح واشنطن لدولة لها أجندة ومشروع يمكن أن يفتح باباً للتحرر، لا تسمح لها بأن تزرع وتحصد وتكتفي، فالقمح هو سلاح واشنطن لتركيع الشعوب، فالسماء هي التي تدخلت في آخر المطاف لتجعل القذافي يرحل.. ومبارك على طاولة بين سجن طرة وقاعة المحاكم.. وتشاد وأثيوبيا.. وأريتريا تجفف بؤرها وتبقى جوبا إلى حين. الإنقاذ كأطروحة للحكم تحفل بأخطاء كثيرة، وفي المقابل تحتفل بمكتسبات جهيرة، وعناية الله وحدها وحكمته هي التي جعلتها حتى الآن بلا ربيع عربي.. والله أعلم.. نحن الواثقين في الله ولي غيرو محال بنركع ونفوسنا كتير مشتاقة للمولى دوام تتضرع أنها تستشهد وترقى في الجنة سعيدة وترتع