سقط الرئيس نيكولا ساركوزي في انتخابات الرئاسة الفرنسية وجاء في المركز الثاني بحصوله على ثمانية وأربعين في المائة من الأصوات بينما حصل على المركز الأول الاشتراكي فرنسوا هولاند حائزاً على نسبة واحد وخمسين في المائة من الأصوات. وبروح رياضية ديمقراطية اعترف ساركوزي بالنتيجة ولم يشك في نزاهة الانتخابات ولم يعلق مسؤولية الهزيمة على غيره وقال: كنت القائد والقائد يتحمل مسؤولية الفشل. وعلى الجانب الآخر قال الرئيس المنتخب فرنسوا هولاند: اختار الفرنسيون التغيير بانتخابي رئيساً للجمهورية وسأكون رئيساً للجميع. ولقد كان الفرق في نسبة الأصوات بين تلك التي حصل عليها الرئيس الفائز هولاند وما حصل عليه الرئيس المهزوم ساركوزي ضئيلاً للغاية إذ لم يتعد نسبة ثلاثة في المائة من الأصوات وهذا هو ما يحدث عادة في الديمقراطيات الحقيقية التي لا وجود لها إلا في العالم الأول بعكس ما يحدث في الانتخابات الرئاسية التي تجري في بلدان العالم الثالث والعوالم الأخرى التي تليه والحقيقة أن كثيرا من تلك الانتخابات الرئاسية ليست انتخابات بالمعنى الحقيقي للكلمة وإنما هي استفتاءات يكون فيها مرشح واحد وأحيانا يكون معه مرشحون آخرون من باب التجميل وخلق الإحساس بأنها انتخابات حقيقية وهؤلاء المرشحون الذين يخوضون الانتخابات ضد الرئيس يعرفون أنهم لن يفوزوا. ومجيء الاشتراكي هولاند إلى الحكم في فرنسا يعني أن الاشتراكية لم تمت فهي ما زالت مذهباً سياسياً اقتصاديا يتوخاه كثير من الناس الذين سحقهم النظام الرأسمالي الذي لا يرحم من هم في أسفل السلم الاجتماعي وكان المعتقد بعد اللطمة الكبرى التي تلقتها الاشتراكية مطلع تسعينيات القرن الماضي بزوال الاتحاد السوفيتي ومعسكره من الوجود أنه لن تقوم لها قائمة وصحيح أن اشتراكية الاتحاد السوفيتي ومعسكره مختلفة كثيراً عن الاشتراكية التي يعتنقها الاشتراكيون في أوروبا الغربية ويسعون لتحقيقها من خلال أحزابهم التي أقواها وأشهرها الحزب الاشتراكي الفرنسي والحزب الديمقراطي الاشتراكي في ألمانيا وحزب العمال البريطاني لكن سقوط أبرز وأرسخ النماذج الاشتراكية الذي هو النموذج السوفيتي كانت له آثار سلبية على الاشتراكية بمختلف مدارسها ولكن يظهر أن المحافظين الرأسماليين لم يقدموا البديل المقنع ولذلك عاد الاشتراكيون الفرنسيون إلى الحكم بعد أن أقصوا منه عام 1995م. وقال أحد مسؤولي الحزب الاشتراكي: أعتقد أن هولاند سوف يتحدث هذا المساء مع مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل لأن تحسن العلاقات الفرنسية الألمانية أمر مهم لإنعاش أوروبا ولإعادة توجهها نحو النمو والمنافسة. ويرى البعض أن محاولة إبعاد ميركل من سياسة التقشف التي تفضلها وهو ما سوف يحاوله الرئيس هولاند سوف تجد كثيراً من الصعوبة ويقولون إن افتقار هولاند للخبرة في مجالي الحكم والعلاقات الدولية قد لا يكون له تأثير كبير على أدائه وإذا استطاع أن يحقق ما كان يبدو مستحيلاً وهو الانتصار على ساركوزي فليس مستبعداً أن ينجح في تطبيق السياسات التي خاض بها الانتخابات الرئاسية. لقد انتهى عهد ساركوزي ودخلت فرنسا عهداً جديداً يتصدره فرنسوا هولاند.