وأن تصمم حلقة إضافية في برنامج (المحطة الوسطى) بفضائية الشروق مساء الاثنين الماضي لإعادة ذات الأسئلة على الشيخ المثير للجدل (الأمين عمر الأمين)، فهذا عبث بعقول المشاهدين، فلم يكن هناك جديد يضاف إلى نكهة البهارات الحارة التي يرشها حوله من الأزياء إلى التعليقات التي تطلق عنه وحوله! * والحولية التي دارت طبولها تضجُّ داخل قناة الشروق ساعتين بليلتين مختلفتين، كانت إدارة الحوار فيها المرة الأولى، تقترب من أن تضع الورق على كف السيد الشيخ، ليكتب أسئلته دون الحاجة إلى فريق إعداد يزيد عن أصابع اليد الواحدة. أما المرة الثانية فقد كان الجذب واضحاً إذ طفقت المذيعة تكرر (الناس بيقولوا) وهو يطالبها هادئاً ( طيب ما كان تسأليهم عن كده!) * كذا طريقة صوفية في السودان تدير شؤونها الدينية والعلمية والإنسانية والتربوية بمحبة واسعة، ضيّقت كثيراً جداً من شقاق البيوت والنفوس الكبيرة في الأحياء، وجعلت من نفسها منظمات مجتمع تقدم المشاريع الحيوية للشباب والنساء، وتضيء نور القرآن في ظلمة الصدور، بل وساندت كثيراً جداً في السياسة - الدور الكبير الذي قام به الشيخ الودود (عبد الرحيم وقيع الله البرعي) أثناء تعسّر نيفاشا، يرحمهم الله جميعاً! * والجمع الذي اجتمع مساء ونهارات أيام شدّة الصراع باختلاف الروايات كما تابعناها عبر الصحف وأفواه سكان الحي، بغض النظر عمّاذا؟ ومن؟ وكيف؟ فإنه يقول إن هناك غبائن بايتة وصامتة في صدور سكان الحي، وحادثة صغيرة في تفاصيلها سرّعت بانتشار شرارة، قال عنها السيد (الأمين عمر الأمين) في النسخة الأولى من الحوار معه (الموضوع ده دايرنو يكون شرارة لحاجة معينة ! فالسودان اجتمع واتوحد بعد مشكلة هجليج دايرننا تاني نبقى أي زول في جهة!) - ترون التوجيه السياسي؟ - ولم ينس أن يشكر المعتمد والجهات المسؤولة. * المسؤولية الدينية في المقام الأول التي تقع على عاتق كل من يُنصّب شيخاً لطريقة، بالضرورة لا تأتي مشيخته عبثاً ما لم يكن على قدرها، ترمي على كاهله عبئاً ثقيلاً تراه في خطواته، وهذا غير ما يكون سريّاً في علاقته مع رب العالمين. وتتبعها مسؤوليات أخرى مجتمعية وإنسانية، يجعلها هو وحده قريبة أو بعيدة من السياسة كما يفعل بعض الشيوخ. * ومشيخة الطرق الصوفية في السودان ذات تاريخ عريق لا يحتاج إلى مثلي ليقول عنه، خلاويها تضيء الليل بنيرانها وتشق عباب السماء أصواتها المرتلة ونهاراتها معاشٌ حياتي جميل، قد حاولت أن تنأى بنفسها عن الصراعات (الدنيوية) بقدر الإمكان، رغم أنها تحدث جداً لكنها تبقى في داخل الداخل - صراعات الخلافة لكل سجادة - للإبقاء على الشخصية الاعتبارية للصوفية موقرة ومحترمة، بما تشكله من قيمة في التكوين الفكري والوجداني لدى السودانيين. * الأنين الصادر من شوارع أحياء عريقة في أم درمان جراء سوء تفاهم أو سوء استخدام سلطة - دينية أم سياسية - يضيّق الطريق ويفتح أسئلة كبيرة كأن لماذا في هذا الوقت بالذات؟ وأيهما أحق بالبقاء الشارع أم الطريق المختلف حول طريقته في التصوّف؟ وهل البرنامج لم يجد موضوعاً في ظل ارتفاع الأسعار وفوضى الذهب والتعليم إلخ.. إلا أن يعيد زيارة الشيخ؟ أم ليتصل به مريدوه عبرهم؟ عموماً وبحسب مقولة الإمام (ابن عربي): (إذا رأيت باباً مغلقاً فاعلم أن وراءه أمراً فتعمل في فتحه)!