ماذا أكتب من هول ما رأيت بأم عيني، أكتب عن المكيف داخل الطائرة أم أكتب عن ما تحمل الطائرة. شددنا الرحال الى مطار الخرطوم منذ السادسة صباحاً ونحن داخل صالة كبار الزوار ننتظر رحلتنا المتوجهة الى نيالا أم الى تشاد أم الى بنين؟، لا أدري من أين تبدأ الرحلة..!. وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ونحن داخل الطائرة نستمتع بسخانتها الشديدة ونحن نتهبب بكراسة تعليمات السلامة، وبيننا أطفال صغار يتامى يبكون من شدة الحر، والكل ينتظر إقلاع الطائرة التي لم يحدد مسارها بعد، علماً بأنها طائرة خاصة تم استئجارها خصيصاً. ونحن نسأل الطاقم الروسي والمصري والسوداني عن سبب تأخيرنا، ولم نجد غير كلمة (اللاندينق والبيرمشن) لسع ما أدونا ليه ولسع ما جانا. وناس المطار نسوا ورقة عايزنها عندنا وهم جايبين السلم ونحن ذاتو دايرين ورقة منهم). مللنا الجلوس داخل الطائرة بسبب عدم وجود تكييف لفترة ساعة ونصف، وفي تلك الفترة أحضر سلم الطائرة بعد أن تم سحبه وإغلاق الباب. وبعد ذلك نزلنا أسفل الطائرة نستنشق هواء المطار «العليل». وبينما أنا أتجول تحت الطائرة لفتت نظري هذه الصور فذهلت من شدة ما رأيت، عجلات الطائرة الأمامية التي تستخدم في الهبوط منتهية تماماً، والخلفية حدث ولا حرج (منفسة عديل كده والشرشر ظاهر للعيان، والخيط الأبيض يمكن أن تسحبه وتخيط به ما شئت شوالات، أحذية... الخ). دار في ذهني عدة أشياء وأنا أتأمل هذا المنظر: هل يمكن لي أن أربط هذا اللستك على عجلة وأتقدم خطوات وأنا مطمئن؟ والله العظيم لو قيل لي أربطه في (درداقة) لخفت أن (يطرشق اللستك) وأصاب. كيف سمح لهذه الطائرة بالترخيص والعمل في هيئة الطيران المدني؟ وأسأل أهل الطيران المدني والعسكري، وربنا يسألكم يوم القيامة، هل اللساتك التي في الصور صالحة لطائرة تحمل ما يقارب 120 شخصاً؟ وهل يمكن أن تتجولوا بها داخل المطار دون عمل اللاندينق؟ لو ربطت هذه اللساتك في عربة أحدكم هل يمكن أن يطمئن على سلامة، نفسه، ناهيك عن المئات؟ أفيدونا، أفادكم الله. لا أعرف الكثير عن السلامة الجوية وشروط الطيران للطائرات، ولا أريد أن أعرف إذا كان هذا هو حال من أوكل لهم سلامة من يحلق في الأجواء السودانية. علماً بأن المقعد الذي كنت أجلس فيه ليس به مظلة الهبوط الاضطراري، والله العظيم، أكثر من مقعد ليس به هذه المظلة. بعد أن رأيت هذه الصور، قمت دون تردد بإلغاء رحلتي في هذه الطائرة والرجوع الى دياري. وأسأل الله العظيم لمن هم في هذه الطائرة الرجوع سالمين الى ذويهم. وإذا رجعوا سالمين، أرجو من كل فرد منهم أن يذبح الذبائح لسلامة عودتهم. قمت بعد ذلك بزيارة الى مكتب أهل الاختصاص، وسألت منهم ثلاثا دون معرفة أسمائهم، فكان يكفيني لبسهم الذي يرتدونه، سألتهم بالذي خلقهم هل تلك اللساتك صالحة لهذه الطائرة لعمل اللاندينق؟! فما كان ردهم إلا أن قالوا (دي طائرة جابوها جديدة، وهذه أول رحلة لها). إن اللساتك رأيناها لا تصلح. والصور أبلغ دليل دون الرجوع لأهل الاختصاص. طبعاً الرد حيكون: نحن ما بنقوم طائرة دون التأكد منها، ونحن حريصون على سلامة المواطنين، ونحن عندنا إشادة من كذا وكذا والدولة ذاتا شاهدة لينا. وبعدين اللساتك صالحة تعمل لاندينق لسفينة خليك من طائرة: علماً بأن الإشعار المسلم للراكب بالمطار يحمل (درجة أعمال). ما بالضرورة تحصل كارثة عشان يكون كلامي دا صاح. ويفهمني البعض بأني متشائم ولي قصد في ذلك. والله المستعان،،