على غير حالة الطقس في الخرطوم التي تميزت بمناخ معتدل منذ صباح أمس (الأحد) غطت أجواء ساخنة فضاءات المشهد السياسي إثر إعلان أكثر من (12) مرشحاً انسحابهم من العملية الانتخابية في يومها الأول، وكالوا سيلاً من الاتهامات للمفوضية القومية للانتخابات من نحو ضبط بطاقات مزورة، وخروقات كثيفة في عملية الاقتراع والسجل وضبط مجريات الانتخابات، وحوت قائمة المرشحين المنسحبين ثلاثة رؤساء تحرير: الهندي عز الدين (الأهرام اليوم)، محجوب عروة (السوداني) وعثمان ميرغني (التيار). ومنذ الصباح الباكر بدت شوارع الخرطوم الرئيسية، أمس (الأحد) مع انطلاق عمليات الاقتراع، خالية أو شبه خالية من المارة، بينما أصابت أسواق وسط الخرطوم حالة ركود مفاجئة، وفي مراكز الاقتراع تباين توافد الناخبين، فبينما كان مركز (مدرسة سان فرانسيس) في قلب الخرطوم مزدحماً لدرجة يصعب معها المرور بين صفوف الناخبين، كان مركز الديم غرب شبه خال ولم يتجاوز عدد الناخبين (50) شخصاً، وكان العنوان الأبرز لليوم الأول للاقتراع (فشل ذريع للمفوضية القومية للانتخابات)، وفي السياق دون مراقبون وإعلاميون ومرشحون خروقات كثيفة على ثوب العملية الانتخابية، تمثلت في: سقوط أسماء من السجل الانتخابي، وضع رموز مرشحين مكان رموز مرشحين آخرين، سقوط أسماء مرشحين من السجل، سقوط رموز وأسماء مرشحين من بطاقات الاقتراع، اختفاء أسماء لبعض المرشحين من بطاقات الاقتراع ووجود أسماء ورموز منافسيهم، هذا فضلاً عن البطء في عملية التصويت المعقدة، حيث لاحظت (الأهرام اليوم) أن ناخبين يستغرق الواحد منهم نحو (15) دقيقة حتى يكمل الاقتراع، بينما لاتتجاوز المدة التي يستغرقها أسرع الناخبين (5) دقائق. وفي أول ضربة موجعة للعملية الانتخابية أعلن أكثر من (12) مرشحاً انسحابهم من العملية الانتخابية بعد (7) ساعات من انطلاق عمليات الاقتراع، لتتسع دائرة المقاطعات التي ابتدرها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي الذي حاز حزبه على أكبر عدد من الأصوات في آخر انتخابات جرت بالبلاد في أبريل من العام 1986م، والحزب الشيوعي ومن بعدهما الحركة الشعبية بالشمال فضلاً عن حزبي الأمة الإصلاح والتجديد والبعث العربي الاشتراكي. وكانت أعداد مقدرة من المواطنين تدافعت (الأحد) على مراكز الاقتراع بمختلف أرجاء البلاد للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تعددية في البلاد بعد (26) عاماً عن آخر انتخابات مماثلة، وقد خيٍم الهدوء على الخرطوم وبدت العاصمة منذ ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف النهار شبه خالية فيما كانت حركة السير والناس أكثر من عادية، وتدافع العشرات من الصحافيين والإعلاميين من مختلف أرجاء العالم إلى مراكز الكثافة وسط الخرطوم حيث تمركزت أعداد هائلة من كاميرات المصورين والمراسلين والمراقبين، في حين خلت الاطراف من كثافة التواجد الإعلامي والرقابة التي شهدها مركز العاصمة.