الحمل، المخاض، الولادة، متواليات تُثقل كاهل المرأة أينما وجدت، ولأن الله جعل هذه المتوالية طريقة لحفظ نوع بني البشر، فإن العديد من بلاد العالم تهتم بالأم وجنينها ثم من بعد وليدها من أجل خروج إنسان معافى يعمل على تعمير وطنه وسائر أرض الله خالياً من الأمراض. وفي الخرطوم تتعدد منابر التوليد الحكومي والخاص ولكن هناك نساء يفضلن (الولادة بالمنزل). فأيهما أفضل، أن تضع المرأة مولودها في المنزل، أم في المستشفى؟ هذا السؤال يبدو ساذجاً لأن إجابته معروفة، فالولادة في المستشفى هي الأفضل نسبة لتوفر الامكانيات والمعدات الطبية والأطباء الاختصاصيين، بمعنى أن هنالك اهتمام بحالة المرأة التي تكون في حالة مخاض. «الأهرام اليوم» سألت الأمهات ثم الدايات. السيدة عفراء الفكي بعد أن مرت بهذه التجربة، قالت إن هناك عدم اهتمام بالمرأة الحامل التي سوف تضع مولوداً حيث تتأخر عنها الاسعافات ولا تجد من يهتم بها من أطباء أو اختصاصيين. وعندما تحين لحظة الولادة تُترك للقابلات (الدايات) اللائي يقمن بإهانة الأمهات والاساءة إليهن كأنهن مجرمات بدلاً من تخفيف معاناتهن من ألم لحظة الولادة التي لا يعادلها ألم. فعندما تحين تلك اللحظة فإن الأم تذهب إلى الموت وترجع منه بعدها. وبسببها كُرّمت الأم في حين أن هؤلاء الدايات هن أمهات أيضاً قد مررن بهذه التجربة ويعرفن مدى ألمها، فلماذا يتعاملن بهذا الأسلوب القاسي الذي لا يتصف بالرحمة أبداً؟ وأضافت بأن: الإهمال يطغى في المستشفيات سواءً من الدايات أو طلبة الامتياز حيث يتمثل في عدم الاحساس بالمرضى وصراعات احساسهم بمدى الألم إذ لابد من إكمال إجراءات تلك المرأة المتألمة فوراً. وقالت السيدة فتحية عبد العال: إن ما تعانيه المرأة من ألم ومخاطر عملية الولادة يجعلها تذهب إلى المستشفى لكي تحافظ على سلامتها وسلامة جنينها نسبة لما توفره المستشفيات من معدات وأطباء، وتفادياً لما قد يحصل فجأة. عادة ما تقوم بعملية الولادة (الدايات) وتجد أن أسلوب الدايات أسلوب قاسٍ في التعامل أو كما يُقال في العامية أسلوب (كعب) ليس لديهن صبر، فالمرأة كما هو معروف عند الولادة تصرخ وتتألم مما يجعل (الدايات) يستخدمن أسلوب (النهر) بدلاً من التخفيف عنها وبعد الولادة تخرج الداية وتقول (عاوزة فرحة الطفل قروش) وبعدها لكي تخرجك من غرفة الولادة وتذهب بك إلى عنبر الانتظار لابد من دفع مبلغ مقدر (حق التوصيلة). فيما أبانت السيدة مي أحمد بأنه من المفترض في كل امرأة أن تضع مولودها في المستشفى وذلك حرصاً على سلامتها وسلامة طفلها، ففي لحظة وصولك إلى المستشفى يتم عمل الإجراءات اللازمة من فحوصات ثم يعاينك الطبيب ويخرج ويدع الأم للدايات اللائي يتعاملن معها معاملة قاسية جداً بدون مراعاة بأنك تعاني من ألم الولادة وبعد أن تضع مولودك (مافي) مساعدة إلا بعد ما تدفع قروش. هنالك قصص كثيرة حصلت فيها مآسٍ كثيرة بسبب الإهمال لذلك الأغلبية العظمى من الأمهات يفضلن ولادة المنزل رغم خطورتها بسبب المعاملة السيئة والإهمال. وعن هذه الاتهامات ترد الداية التومة عبد الرسول: إن ما تقول به الحوامل وأقربائهن، هي تهمة كبيرة جد نحن بُراء منها. وأنا لا أقول هذا الكلام دفاعاً عن العاملين في المستشفى أوسياسة المستشفى، بل دفاعاً عن صحة المريضة. والمرأة في لحظة الولادة تكون غير (واعية) لنفسها وتصرفاتها مما يجعل الدايات يتصرفن معها بطريقة قد تكون غير مرضية للأم ولكن في الحقيقة تكون منقذة لها ولطفلها. والمرأة عندما تصرخ ليس من مصلحتها مما يجعل الداية تعمل على تهدئتها حتى لو بالصراخ فيها وهذا كله من أجل أن يخرج الطفل سليماً معافى. وأضافت: من ناحية التعامل مع المرأة التي سوف تضع فإنها تعامل معاملة كريمة منذ وصولها إلى المستشفى حتى تضع مولودها. وأصلاً عملية الولادة في مراحل لذلك لابد أن (تطوِّل) بالها. وقبل الولادة يتم الكشف على الأم من قِبل الطبيب المختص ولا يتركها إلا بعد أن يتأكد من كل فحوصاتها وأن لحظة الولادة قد حانت والدايات يقمن بالتوليد فقط أما باقي الإجراءات فيقوم بها الدكتور وخاصة بعد أن تنتقل إلى العنبر وذلك من أجل الاطمئنان على سلامتها وسلامة وليدها، وعند انتهاء الولادة تذهب الداية إلى أهل المرأة بالخارج لكي تخبرهم أنها وضعت وتأخذ منهم ملابس الطفل والأم. وما يخص المبلغ الذي تأخذه الداية فهي عادة سودانية تسمى (البشارة) والواحدة منا لا تأخذها إلا إذا منحت لها عن رضى ولو أحست بعدم الرضا لا تقبلها حتى لو كان مال قارون. وأضافت أن عدد الزوار أو الموجودين لحظة الولادة عدد كبير جداً وهذا ليس من مصلحة الأم أو الطفل وقد يتعرّض الطفل إلى أي مكروه وهذا ليس من مصلحته. ووجهت الداية التومة نصيحة لكل سودانية بأن تذهب إلى الطبيب بمجرد أن علمت بأنها حامل وتواصل الكشف الشهري وأن تستعمل كل الأدوية التي يقررها الطبيب حتى تضع، وأن ترضع الطفل لمدة ستة أشهر دون تناول شيء آخر، ووجهت نداء لكل زائر بمستشفى الدايات أو غيرها (أرجوكم دعوا النفساء تأخذ راحتها وزوروها في منزلها واختصروا الزيارة لأن لحظة النفاس تتطلب الراحة).