حتى وفاته عام 1973؛ كان الدكتور طه حسين هو أكبر اسم في الأدب العربي المعاصر، وكان لقبه هو عميد الأدب العربي، وكانت حياته ممتلئة باهرة إلى أقصى مدى. ولم يكن عادياً أن يصل من هو في ظروف طه حسين من فقر وعمى مبكر وتخلُّف في البيئة الصعيدية التي نشأ فيها؛ إلى ما وصل إليه، إذ أصبح كاتباً رشيقاً مقتدراً، ومؤلفاً لعشرات الكتب التي كانت من أمهات كتب القرن العشرين، وعميداً لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ومديراً لجامعة الإسكندرية، ووزيراً للتربية والتعليم. وهو من أوائل، وربما أول عربي حاز على الدكتوراه من جامعة السربون، وأول من حصل على جائزة الدولة التقديرية في مصر، وحصل عليها بعده العصامي الكاتب الجبار عباس محمود العقاد. أصبح الدكتور طه حسين منذ منتصف عشرينيات القرن الماضي نجماً ساطعاً في الحياة الأدبية، السياسية، الاجتماعية في مصر. وكان، ويظل في مقدمة ملوك الإلقاء في العالم العربي، وكان البعض يرون أن حياة طه حسين هي أعظم كتبه وأجملها، وكان هو يرى أن أعظم كتاب بالنسبة له بعد القرآن هو زوجته الفرنسية سوزان. ومن الغريب أن الدكتور طه حسين لم يحصل على جائزة نوبل للآداب التي حصل عليها قبله وبعده من هم أقصر قامة منه في الإنتاج الأدبي، وكان أول عربي يحصل على هذه الجائزة في العالم العربي هو الروائي المصري نجيب محفوظ، وكان جديراً بها، وقد تأخرت الجائزة عليه. وعندما مات طه حسين؛ نعاه الشاعر نزار قباني بقصيدة استهلها بقوله: إلق نظارتيك ما أنت أعمى إنما نحن جوقة العميان ولا يعرف البعض، وربما كثير من الناس، أن الشاعر السوري المقتدر كان ناثراً مقتدراً، مثلما أنهم لا يعرفون أن عميد الكتابة أو النثر العربي الدكتور طه حسين كان شاعراً، ولكن يظهر أنه توقف عن نظم الشعر في فترة مبكرة من عمره. وفي جريدة «الوفد» المصرية عدد الاثنين 24 مايو، وفي باب «من خفايا التاريخ» الذي يحرره عبد المنعم الجميعي نقرأ ما يلي: نظم الطالب الأزهري طه حسين الذي لم يبلغ العشرين قصيدة وصف فيها أطماع الإنجليز في مصر وما وصلت إليه البلاد على أيديهم وعبر عن آلام البلاد وآمالها، ومما قاله: تيمموا غير وادي النيل وانتجعوا فليسَ في مصرَ للأطماع متسعُ كفوا مطامعكم عنا أليس لكم مما جنيتم وما تجنونه شبعُ وكان ذلك في عام 1909 وكانت المناسبة أن المستشار المالي لشركة قناة السويس سعى لأن تمد الحكومة المصرية امتياز الشركة أربعين سنة جديدة فيمتد أجل الإمتياز إلى 31 ديسمبر 2008 بدلاً من 17 نوفمبر 1968. لكن ضابطاً شاباً اسمه جمال عبد الناصر أمم القناة في 26 يوليو 1956م.