من الأعمدة الصحفية اليومية المقروءة عمود الأستاذ الكاتب الصحفي اللبناني سمير عطا الله الذي ينشره في جريدة «الشرق الأوسط» السعودية، وهو مقروء لأنه مفيد وجميل، ففي كل مرة يجد القارئ معلومتين أو أكثر مع جمال لغوي لا تخطئه العين، وواضح أن الأستاذ عطا الله قارئ كبير، فبالإضافة إلى ما تفرضه عليه المهنة من متابعة للصحف والمجلات ووكالات الأنباء والإذاعة والفضائيات فإنه يقرأ الكتب وهو أمر نادر في هذا الزمن. ومن الغريب أن هذه الندرة، ندرة قراءة الكتب، لا تقتصر على عامة الناس وحدهم وإنما تشمل كثيراً من الكتاب والصحفيين والشعراء. وقد ترجم سمير عطا الله أحد كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل الصادرة أو المؤلفة باللغة الإنجليزية وهذا يعني أنه بالإضافة إلى إجادته للغة العربية فإنه أيضاً يجيد اللغة الإنجليزية. ولفت نظري الأسبوع الماضي وأعجبني في نفس الوقت قوله عن الأستاذ العقاد الأساتذة العقاد.. منتهى التكريم لعصامي خارق كانت كتاباته حتى سنة 1964م تاريخ وفاته لا غنى عنها لكل المثقفين العرب. وقد نال في بلده مصر عام 1959م أعلى درجات الاعتراف الأدبي فقد مُنح جائزة الدولة التقديرية وكان ثاني مصري يفوز بها وكان الأول هو عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وكان الثالث هو توفيق الحكيم. الأساتذة العقاد.. يا لجلال اللقب وكان العقاد يكتب في كل شيء وعن كل شيء إنه موسوعة تمشي على قدمين، وكان قوى الشخصية معتداً بنفسه وبحقيقته كاتباً - ولقد كانت الكتب أو القراءة أهم محاور حياته. ولم يتزوج لكنه أحب، أكثر من مرة وتجرع الخيانة وعاش التجربة بكل قسوتها وعرف بهدلة المحبين المجروحين لكنه كان يجد في المزيد من القراءة والمزيد من الكتابة والمزيد من الشهرة ما يخفف عنه الجرح والعذاب والمكتبة العربية مدينة له بأكثر من سبعين كتاباً منها بعض الدواوين فقد كان العقاد شاعراً وكان له رأي سالب في شعر شوقي وحافظ إبراهيم ويرى البعض أن شهرته ناثراً أكبر من شهرته شاعراً لكنه كان شاعراً مجيداً وكان له كثير من الشعر الجميل العذب الرقيق ويكفي أن منه قصيدة «شذى زهر» التي غناها بكل التطريب والجمال الكبير عبدالكريم الكابلي. وكان للعقاد تلاميذ يرتادون صالونه الشهير بحي مصر الجديدة وكان من هؤلاء التلاميذ أساتذة جامعيون مثل أنيس منصور الذي استقال من التدريس في الجامعة ليحترف الكتابة الصحفية التي بلغ فيها شأواً عظيماً وعن أيامه أو سنواته مع العقاد ألف كتاباً رائعاً هو «في صالون العقاد كانت لنا أيام». الأساتذة العقاد.. وصف أو لقب صادق حقيقي أطلقه سمير عطا الله على كاتب يستحق.