سمعته وهو يحادث ابنه الذي رزق به منذ أسبوع فقط: طفلي العزيز.. فلذة كبدي وطحالي.. ها هي التهاني تنهال عليّ من كل حدب وصوب «مبروك المولود» ولا زيادة في العبارة التي كانت تردف ب«يتربى في عزك».. ولأن أصحاب التهاني كانوا يعلمون أن لا «عز» لي ولا يحزنون؛ اجتنبوها وتغاضوا عنها. كانت (السماية) من ضمن ذاك «العز» ولكن من أين؟ يا حسرة!! طفلي، أنصت إلى حديثي جيداً لأنني أعلم أن (طبلة) أذنيك ما زالت معافاة، ولم تتلوث بعد بالكذب والتضليل والخداع والزيف والغرور ونفي الآخر، وهي من أمراض السياسة (الستة) التي لن تستطيع أن تحصن نفسك منها في مُقبل أيامك.. كان الله في عونك. ليس لدي من مخزون ما، أورثك إياه سوى هذه الوصايا العشر: { الوصية الأولى: بني، اعلم أنك في أسبوعك الأول هذا لا تستطيع أن (تجمّع) في ما تقع عليه عيناك، وسوف يتشابه عليك البقر والغنم وأمك ووالدك وإخوتك والبزَّازة والمروحة والبعوض وعداد الدفع المقدم والماسورة.. ولكنك لن تخطئ ملامح ثلاثة، فرسان ثلاثة، رسخت ملامحهم من قبل في ذاكرة أجدادك، وفي تلافيف مخيخ والدك، والآن جاء أو حان دورك، حتى لو كان لديك (حَوَل) أو (عمى أنهار) أو (عمى كباسة) حتى، سوف تتعرف عليهم، وهل يخفى القمر؟! إنهم كانوا (المقرر) على جدك ووالدك والآن عليك، يا ولدي لا تحزن كما قال عمك نزار قباني، فحبهم هو المكتوب عليك، غصباً عني وغصباً عنك، وعن سنسفيل أجدادك، ولا يحتاج ذلك إلى فنجان مقلوب أو معدول. { الوصية الثانية: هي أن تعلم يا بني، أن اسمك الحقيقي ولقبك واسم الدلع يجب ألا يخرجوا من دائرة أولئك (الملامح الثلاثة)، تيمناً بهم، وسعياً وراء بركاتهم الواصلة في علوم الدين والتصوف والعلوم الحديثة والآداب والرياضة والفنون. { الوصية الثالثة: عليك أن تدرك يا ولدي أن تضاريس وطنك ومناخه يبدآن بأولئك الثلاثي وينتهيان عندهم، إنهم خطوط الطول والعرض، وثُلاثينا يهز الأرض!! إنهم الصيف والخريف والشتاء، بالطبع لا يمكن أن يكون معهم ربيع. إنهم الكتاحة والفيضان، والجفاف الذي لا ينفع معه أي ملح (تروية). { الوصية الرابعة: يا بني، شنفوا آذاننا من قبل بمقولة «احترم من رأى الشمس قبلك» ما عارفين ناس الإسكيمو رأوا شنو؟ وهؤلاء الثلاثة رأوا الشمس والقمر وأول من حط على القمر والنجوم في عز الضهر، وكل الأفلاك والنيازك، لذا عليك أن تحترمهم من أخمص قدميك وحتى مخيخك!! { الوصية الخامسة: سوف تصبح يا طفلي من (الراجلين) في المستقبل، فابشر بطول ترجل، لذا عليك ألا تسير إلا على طريق «المشاة» وإن فارقت هذا الطريق إلى طريق السيارات، لا سيما الطريق المخصص لسيارات الثلاثة إياهم، فلا تلومنّ إلا نفسك، إذ أنك لا محالة هالك تحت إطارات زهوهم وغطرستهم وتبجحهم. { مسطول عاوز يقتل مرتو.. قام خت ليها مسدس في الشوربة!!