«مجرد سؤال» يفرد اليوم مساحته للرسالة التي وصلت إلى بريده من الأستاذة سامية الحويج عن العلاج بالخارج.. وما قلنا ما ممكن تسافر!! حمداً لله على سلامتك رقية أبو شوك، إنه رهق مهنة المتاعب، في ميزان حسناتك بإذن الله تعالى. دعيني أوجه الآن سؤالاً: لماذا العلاج بالخارج؟ لا سيما أن أطباءنا الأعزاء ملائكة الرحمة والإنسانية يستخدمون سلاح الإضراب لتحقيق مطالبهم، وما ذنب هذا المريض؟ و«ما في حد بيموت قبل يومه» وهناك آخرون مستعدون للتضحية، وسأبدأ بالإجابة قبلك. إذا أتينا بكل علماء الرياضيات لفك لغز دخل المواطن السوداني مع منصرفاته؛ لفشلوا. لكنهم صابرون ومحتسبون وكل يوم في حال أفضل بإذن الله تعالى، «ونجد أسياد الفهم الدكاترة الواحد يقولوا ليه أنت دكتور كناية عن العلم، وزمان البيدخل طب ده منو بيلحقه. يستخدم الأطباء إنسانيتهم لتحقيق مطالبهم، المريض له رب يحميه، ألا تلاحظون أن المريض السوداني أصبحت القاهرة والأردن أقرب إليه من أقرب مستشفى!! قبل الإضراب أجيبوا على السؤال لماذا العلاج بالخارج؟ لا أنسى في الأردن الشقيق الدكتور نسيم جراح الذي تحولت عيادته إلى متحف من الشهادات العلمية عند قراءته نتائج فحص يخصني بدا الفرح عليه ووقف ومد يده محيياً وقال بالحرف الواحد «حمدت الله كثيراً سامية الكنت بخاف منه ما صار»، تخيلوا معي تلك اللحظة الإنسانية. ولا أنسى وأنا في بلدي وفي مستوصف خاص وأنا منتظرة نتيجة فحص تم إرسالها إلى الخارج لمدة شهر وعند وصولها لم يقصروا وهاتفني معمل التحاليل للحضور وكانت المسافة للوصول مثقلة بهم النتيجة ومن قبل الدعاء بالسلامة وما أن وصلت حتى قلت للأخ الدكتور الصغير بالمعمل: «إن شاء الله خير؟»، قال لي: «ما بعرف، الدكتور يخبرك». زاد خوفي ونسيت أنه «زهجان وقرفان ودي طريقة مقابلة عادية»!! ولا أنسى طرفة عمرها عشر سنوات وأنا أعاني آلام المخاض في مستشفى، جاء الطبيب إلى السستر وأمرها بأن تعطيني (درب) ما يسمى صناعي، ارتسمت الحيرة على وجهها بأن لا داعي، لكنها خافت أن يجادلها، فقلت للطبيب بآخر نفس: «أنا في حالة ولادة ولا أحتاج إليه» فقال بالحرف الواحد: «نحن ماشين عايزين نخلص لو ما عاجبك امشي!!»، «أمشي؟ أمشي وين؟». سيتذكر الكثيرون الكثير من المواقف اللا إنسانية من أعزائنا المضربين. لفت انتباهي رجل كبير في السن، فقال لي: «عليك الله شوفي ديل أنا كان عايز أموت بخلي واحدة منهن تعالجني؟ حليل الدكاترة»، عندما التفت وجدت العجب، طالبات إحدى كليات الطب يرتدين ثياباً في غاية التبرج ويضعن نظارات عجيبة الشكل على رؤوسهن لا عيونهن. تحسرت على «الروب» الأبيض مربوط في وسطهن. نعتذر عن هذا المذكور أعلاه لأطباء نعرفهم غاية في النبل وعملوا فترة الإضراب في الحوادث بتواضع. هم اختصاصيون ووطنيون وإنسانيون قبل كل شيء. رغم عن كل ما ذكر أعلاه لا نخفي الجميل ونفخر ونعتز بالنطاسي البارع الذي رفع هامة بلادنا وهو ينال جائزة تميز علمي عالمية، البروفيسور سليمان صالح فضيل، والدكتور محمد توم موسى الرجل الإنسان، وقد سمعت مرافقاً لمريض يقول «يا ريت لو مرضت عشان يعالجني البركة ده»! والدكتور محمد بشارة أحييه وهو مثال للإنسانية والتواضع، والدكتور حسب الرسول صديق وحديثه بلسم قبل الدواء، والقائمة تطول. رغم هؤلاء الأرقام فهناك فئة تأبى إلا أن تزيد جراح الوطن لا تضميدها. التحية للخالة سستر آمنة بدار الشفاء وهي تتقاضى أجراً لا يكفي لمواصلاتها ولكنها تسهر وتبتسم وتخفف الألم، اتخذوها مثالاً للإنسانية والرحمة. أضربوا، أنتم الخاسرون فالأجر والثواب لمهنة الإنسانية قبل المال.