البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    مساعد البرهان يتحدث عن زخم لعمليات عسكرية    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالفيديو.. من أعلى المنبر.. شيخ "الجنجويد" يفاجئ الجميع ويطلب من قائده "حميدتي" أن يزوجه من المذيعة تسابيح خاطر وساخرون: (متعودين على الشفشفة ومبروك يا سبوحة)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر في أمريكا حول الانتخابات والاستفتاء في السودان
نشر في الأهرام اليوم يوم 30 - 06 - 2010

نظمت جمعية الدراسات السودانية (SSA) بالولايات المتحدة الأمريكية مؤتمرها السنوي رقم (29) في الفترة 28 – 30 مايو 2010 الذي استضافته جامعة بوردو (Purdue) بولاية انديانا ممثلة في قسم الأنثروبولوجي (علم الإنسان) بكلية الآداب.
كُتِبت لهذا المؤتمر حوالي (26) ورقة لكن تم تقديم عشرين تقريبا بسبب غياب بعض المشاركين. كان من بين الغائبين البروفيسر ديفيد ديشان، قيادي سياسي جنوبي وخبير برئاسة الجمهورية في الخرطوم حيث كانت ورقته بعنوان: «انتخابات عام 2010 واستفتاء 2011: ثم ماذا بعد؟»
غطت الأوراق عدة محاور مثل: نظام الانتخابات في السودان مع تطبيق نظام تحليل البيانات على الواقع السوداني، وتاريخ السودان القديم، ومحور الصراع والعدالة والمصالحة، ومحور الانتخابات وآفاق التغيير، ومحور عن دارفور. وكان هناك معرض صور مصاحب للمؤتمر يحكي مأساة دارفور تحت شعار: «ثمن الصمت» (The price of silence).
كانت هناك محاضرات على هامش المؤتمر غاب عن إحداها مقدمها الباحث والكاتب المعروف محمود مامداني الذي صدر له كتاب عن دارفور تمت ترجمته إلى اللغة العربية ونشره مركز دراسات الوحدة العربية (بيروت) وهو تحت عنوان: «دارفور: ضحايا ومنقذون». لكن تم تقديم محاضرتين إحداهما قدمها البروفيسر بيتر بيشتولد (Peter K. Bechtold) . وهو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة ولاية بورتلاند (أوريجون). قدم محاضرة عن السودان حكى فيها تجاربه وخبراته في السودان منذ الستينات عندما جاء استاذا زائرا وممتحنا خارجيا للبحوث في جامعة الخرطوم وقد صادف وصوله الخرطوم اندلاع ثورة أكتوبر فحكى كيف أن البعض أصبح يتندر بذلك. وقال إن السودان أفضل من كل الدول العربية والأفريقية التي تحيط به وأن شعب السودان أعظم شعب. قاطعه أحد السودانيين المقيمين هناك بالقول إن السودان هو دولة بيوت الأشباح والتعذيب ...، تصدى له سوداني آخر، لكن تدخل الدكتور علي علي دينار (وهو أستاذ جامعي مقيم في أمريكا وعضو في المكتب التنفيذي لجمعية الدراسات السودانية) لتهدئة الأمور وطالب بالموضوعية. لم يعبأ البروفيسر بيشتولد بصاحب بيوت الأشباح واستمر يتحدث بإيجابية عن السودان وأضحك الحضور ببعض الطرائف.
بالإضافة لكونه باحثاً وأستاذا جامعيا عمل بروفيسر بيشتولد في عدة مواقع من بينها وزارة الخارجية الأمريكية (ولا أدري إن كانت له مهام غير ظاهرة) لكن مثل كتاباته وكتابات البروفيسر البريطاني بيتر وودوورد (منحته جامعة الخرطوم الدكتوراة الفخرية) شكلت المراجع الأساسية لدراستنا ( السياسة والحكم في السودان) بجامعة الخرطوم عندما كانت الدراسة باللغة الانجليزية. وقد تذكرني البروفيسر بيشتولد عندما رآني في المؤتمر فقد كنتُ مناقشا له في محاضرة قدمها في قاعة الشارقة بالخرطوم قبل ثلاثة أشهر كما التقينا في نوفمبر من العام الماضي في مؤتمر عن السودان بجنوب أفريقيا.
كانت هناك أوراق محدودة عن موضوع الانتخابات وقد تمت كتابتها وإرسالها للجنة المنظمة قبل أن تُجرى الانتخابات الأخيرة في السودان. ولم يتم التطرق لانتخابات إبريل 2010 إلا في المداخلات لبعض الأوراق مثل ورقتي التي كانت تحت عنوان: «النظم الانتخابية والسلوك السياسي: التحديات التي تواجه التحول الديمقراطي في السودان»
(Electoral Systems and Political Behaviour: Challenges facing Democratization in the Sudan)
استعرضت ورقتي (في 27 صفحة) كل النظم الانتخابية التي مرت على السودان منذ الاستقلال وقارنت النظم الانتخابية في الحكومات العسكرية بالحكومات الديمقراطية. وركزت على خصوصية الانتخابات الحالية التي جرت في ابريل 2010 (بغض النظرعن نتائجها) باعتبارها تأتي في وجود جيل كامل لم يمارس الانتخابات حيث ألغت حكومة الإنقاذ الديمقراطية في عام 1989. وهذا يفرض عدداً من التحديات من أبرزها: (1) انقطاع الممارسة الديمقراطية يحتاج لجهد كبير لبناء الثقافة السياسية والتي تشكل أحد المتطلبات اللازمة للممارسة الديمقراطية الواعية والسليمة؛ (2) غياب الديمقراطية أضعف الأحزاب السياسية (المحظورة) والتي عانت أيضا من الانقسامات الداخلية (intra-party schisms) وهذا سوف ينتج عنه معارضة ضعيفة؛ (3) إن تأثير وسيطرة الإثنية (العرقية) على السلوك السياسي للفرد السوداني نتج عنه تسييس القبيلة في المناطق الريفية، وقبلنة (tribalization) السياسة في المناطق الحضرية، وكان النتاج هو سلوك سياسي غير راشد. وينطبق هذا على مستوى الجماهير كما على مستوى النخب. وشرحت الورقة الديناميكيات التي تؤثر بصورة فاعلة في السلوك السياسي في السودان وهي ديناميكيات تقليدية مثل القبلية والإثنية والطائفية والطرق الصوفية... وهي تشكل عوامل سلبية في طريق الوصول للسلوك السياسي الواعي للفرد والمؤسسات السياسية. وقدمتُ في الورقة اقتراحات علها تساعد في تشكيل المناخ السياسي الموائم لممارسة ديمقراطية سليمة تمهد للتغيير الحيقيقي.
في سياق مداولات الحضور لورقتي تعرض البعض للانتخابات الحالية في السودان وسألتني بروفيسر كارولاين لوبان (من جامعة رود آيلاند) قائلة: دكتور عبده إنت الوحيد من المشاركين الذين حضروا من السودان وقطعت كل هذه المسافة لذلك نتوقع منك أن تكون موضوعياً، سؤالي: ما هو تقييمك للإنتخابات في السودان؟ قلتُ لها أنها جيدة لحد ما (rather good) لأنها – على علاتها – تمهد للتحول الديمقراطي. وقلتُ أنني تحدثت في تلفزيون البي بي سي أيام الانتخابات نقدت في حديثي موقف الأحزاب التي انسحبت وطالبتها بالمشاركة فيها مهما كان رأيها لأننا نريد إرساء المبدأ. قلتُ لهم: شاركوا ثم تحدثوا بعد ذلك عن الاخفاقات والسلبيات. وقلت ل (كارولاين) بأن هناك فعلاً تزوير لكنه محدود، وهناك أخطاء فنية وإدارية كثيرة اعترفت بها الحكومة وأعلنت عن إلغاء الانتخابات في عدد من الدوائر في العاصمة والولايات وأعادت العملية الانتخابية فيها. وقلت من الخطأ تطبيق المعايير الدولية بصورة مطلقة على دولة مثل السودان – تعاني الأمية وتفتقر للخبرة الفنية والامكانيات المادية والبنية التحتية – ولم تتم عملية بناء الديمقراطية عبر مئات السنين مثل ما في الغرب؛ كما أصبحت الأمور معقدة باتباع نظام انتخابي مختلط (نسبي ومباشر ونسبة للمرأة وقائمة الأحزاب...) وتعقدت بتعدد البطاقات (12 في الجنوب و8 في الشمال) فكيف لا نتوقع أخطاء، وكيف يحق لنا أن نقيسها بالمعايير الدولية؟
لم تكن بروفيسر كارولاين قد اقتنعت بحديثي، فالموضوعية عندها (أسيرة للرؤية النمطية الغربية للإسلام والسودان) هي أن أقول: كل الانتخابات فاشلة وأن الحكومة فاسدة وأن التزوير شامل.
لكن يبدو أنها تجنبت الدخول معي في جدل على خلفية ما حدث بيننا من جدل في جنوب أفريقيا في نوفمبر من العام الماضي عندما قدمتْ ورقة عن الشريعة في السودان في مؤتمر عن مستقبل السودان بعد الاستفتاء (نظمته جامعة جنوب أفريقيا ببريتوريا) حيث اختزلت كارولاين الشريعة في بتر الأيادي والحدود ناقلة ما حدث في فترة نميري. ثم قالت إن المشروع الحضاري للإنقاذ قد فشل أو انتهى ولم يبق منه إلا النظام العام والذي أصبحت الصحفية لبنى أحمد حسين أحد ضحاياه والتي أصبحت بطلة عالمية؛ وأن المسيحيين في السودان مهددين بالإسلام السياسي. وأعدتْ كارولاين كتابا سوف يُنشر قريبا تحت عنوان: «Shari a and Islamism in Sudan: Conflict, Law and Social Transformation»
أي: الشريعة والإسلاموية في السودان: الصراع والقانون والتحول الاجتماعي. وقالت أن هناك مَن بدأ في ترجمته لينشر باللغة العربية.
من الأوراق المميزة التي التزمت بموضوع المؤتمر ورقة الدكتور راندال فيجلي (Randall Fegley) من جامعة بينسلفانيا كان عنوانها: خيارات التصويت: آليات الانتخابات في نظم موسومة بالأمية. حيث قدم تحليلاً لأنماط التصويت المستخدمة في مجتمعات تعاني من نسبة عالية في الأمية بالتركيز على انتخابات السودان لعام 2010 . تناول المزايا والعيوب في استخدام الرموز والصور والألوان وأشكال أخرى من التكنيك والتقينات المستخدمة في الماضي والحاضر خاصة في مجال تصميم بطاقات الاقتراع. تحدث عن أنواع جديدة للأمية مثل الأمية الوظيفية والأمية السياسية. ولاحظ أنه حتى في الدول الفقيرة جدا أن للناخبين الرغبة في التعبير عن خياراتهم وفق ترتيب واع للافضليات والخيارات السياسية. وأشار إلى تجربة جنوب أفريقيا في انتخابات عام 1994 والتي اختلفت عن السودان لأن جنوب أفريقيا دولة بسيطة (unitary) أي تدار مركزيا بينما السودان دولة اتحادية (فيدرالية). وأشار إلى أن للرمز في الدول النامية دلالات كبيرة ففي انتخابات عام 1968 في غينيا الاستوائية غيّر فرانسيسكو ماكياس نجويما رمزه في اللحظات الأخيرة من (الديك) إلى (النمر). وأشارت الورقة إلى أن الأمية ليست دائما عقبة في حجم المشاركة في الانتخابات ففي بعض الدول المتخلفة حققت الإذاعة نجاحا كبيرا في تعبئة وتحريك الناخبين الأميين للمشاركة بصورة فاقت بعض الدول المتقدمة.
قدم بروفيسر سام لاكي وهو سوداني من الجنوب (متخصص في اقتصاديات الموارد بالمركز الدولي لإدارة المياه والموارد بجامعة سنترال استيت) ورقة حول دور النفط في الحرب الأهلية في السودان. قال: إن الحكومة السودانية تشتري الأسلحة والطائرات الحربية من موارد النفط المستخرج من الجنوب لقتل الجنوبيين وتشريدهم واغتصاب نسائهم.
أما بروفيسر بانايا يونقو-بيور (من جنوب السودان) يعمل في جامعة كترنج Kettering قدم ورقة حول: «برامج عاجلة لجنوب السودان في مرحلة ما بعد الاستفتاء»، قال فيها إن معظم الجنوبيين سوف يصوتون لفصل الجنوب وإقامة دولة جديدة. وقال إن الأمل في إنشاء دولة جديدة هو الذي يوحد الجنوبيين ويقلل من معارضة حكومة الجنوب. وقدمت الورقة برامج مقترحة لحكومة جنوب السودان بعد انتخابات عام 2010 تتمثل في ادماج معظم السكان في أنشطة انتاجية مختلفة وأعمال ومشاريع تنمية ريفية مع الانتظام في دفع المرتبات الشهرية، وتسويق المحاصيل ، وتوفير المياه، بناء التعليم، وتطويرالمرافق الصحية. على أن يتزامن كل ذلك مع مشاريع للمدى البعيد مثل تشييد مصاف للنفط ومد خط أنابيب لنقل نفط الجنوب عبر ميناء لامو الكيني على المحيط الهندي.. والتنقيب عن الذهب وبناء مشروعات الطاقة الهايدروكهربائية وتأسيس الجامعات الرئيسية الثلاث في الجنوب وتحديث المدارس الثانوية ، وتدريب المعلمين ومستشفيات تعليمية حديثة ... كل ذلك يعطي صورة متفائلة للمواطن الجنوبي عن المستقبل.
المفاجأة في المؤتمرأن باحثة إسرائيلية شاركت بورقة عن دارفور وهي (إريت باك (Irit Back أستاذ مشارك في العلوم السياسية بجامة تل أبيب (إسرائيل). وكان عنوان ورقتها: «القوات الأفريقية في دارفور: استجابة السودانيين لتدخل الاتحاد الأفريقي». وقد سألها أحد الأساتذة السودانيين المقيمين في أمريكا (بروفيسر طبيب/ عبد الفتاح نور) عن الدافع وراء مشاركتها في مؤتمر عن السودان؟ فقالت أنها جاءت أصالة عن نفسها وهي لا تمثل أي جهة.
وعند خروجنا لفترة القهوة (coffee break) اقتربتُ منها وحاولتُ استنطاقها لكشف سبب أو أسباب اهتمامها بالشأن السوداني؟ فقالت إنها باحثة ولها اهتمام بالأزمة السودانية من خلال متابعتها لها. ونكرت بأن تكون ممثلة لجهة ما. وكما جرت العادة على هامش المؤتمرات طلبت مني تبادل بطاقات الزيارة (visiting card) فاعتذرتُ لها بأن علاقات بلدينا لا تسمح بذلك. وافترقنا وفي ذهني التساؤل قائم. الآن حتى النخبة الإسرائيلية تهتم بالسودان وليس الساسة فقط. إنها نظرة بعيدة وليس اهتمام شخصي.
كلمة أخيرة:
= إن جمعية الدراسات السودانية يقوم على أمرها علماء أمريكان (وفرع آخر في بريطانيا والسودان) في تخصصات مختلفة، ومثلما كان للاستشراق جوانب ايجابية كذلك لهذه الجمعية؛ على الأقل أنها تقدم خدمة علمية في مجالات الدراسات السودانية المختلفة. أرى ضرورة تشجيع الباحثين السودانيين للمشاركة في منابرها وفعالياتها، وهي منابر أكاديمية (ليبرالية) مفتوحة للجميع وذلك حتى لا تذهب (في اتجاه واحد) فمشاركة من هم بداخل السودان يستطيعون نقل صورة واقعية ومتوازنة عنه.
= لقد اعتذرتْ لي جامعة أمدرمان الإسلامية عن تمويل مشاركتي في هذا المؤتمر، وكذلك اعتذرتْ لي جهة حكومية أخرى يهمها موضوع المؤتمر. استدنتُ وسافرتُ، فهل كنتُ ذاهبا في سياحة؟!!
على هامش المؤتمر:
· شارك في المؤتمر بالحضور وفد من سفارة السودان بواشنطون بقيادة نائب السفير (الوزير المفوض) الأستاذ/ فتح الرحمن علي محمد وهو من المعارف القديمة (لكن تفرقت بنا السبل). وكان معه الزملاء محمد سليمان وصفوت. قدموا لي الدعوة لكي أذهب معهم لواشنطون لكني اعتذرت وشكرتهم. شارك وفد السفارة في المناقشات وقدموا مداخلات جيدة.
· الحضور في المؤتمر لم يكن كبيرا بالدرجة التي توقعتها، ولكنه كان حضورا نوعيا. لم يتم توزيع نسخ ورقية للحضور فكل شئ كان الكترونيا والتقديم بالاسقاط الضوئي وبرامح البوار بوينت (الحمدلله كنت جاهزا لذلك).
· جامعة بوردو تقع في مدينة لافاييت الغربية (West Lafayette) التي تبعد ساعة عن انديانابوليس عاصمة ولاية انديانا وهي مدينة جميلة وهادئة. وهي تبعد ساعتين بالسيارة من مدينة شيكاغو – مدينة ناطحات السحاب (ثالث مدينة في أمريكا) حيث أخذني الشاب الباحث السوداني محمد الفكي (جامعة بوردو) بسيارته إلى هناك وقضينا يومين في تلك المدينة التي جاء منها الرئيس أوباما.
· سُميت الجامعة على رجل أعمال فرنسي اسمه (بوردو) منح أرضه الواسعة للجامعة التي تحمل اسمه وهي جامعة حكومية بها عشر كليات وقد تخرّج فيها (نيل آرمسترونج) وهو أول رجل وطأت قدماه سطح القمر وله تمثال في الجامعة.
· جلستُ لأكثر من ساعة مع رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة (بروفيسر بيرت روكمان) هو عضو متميز في اللجنة التنفيذية للجمعية الأمريكية للعلوم السياسية. وقد اقترب من السبعين أو بلغها بالفعل. بعد تبادل الحديث عن العلوم السياسية وتجربتهم في المناهج والتدريس سألته عن سن المعاش للأستاذ الجامعي في أمريكا فقال لي في بعض الجامعات (70) وفي البعض الآخر (72) سنة. وتعجب عندما قلتُ له نحن في السودان ستين سنة فقط ويتم استبقاء (المحظوظ) إلى سن الخامسة والستين (بالمشاهرة).
· استقبلتني في المطار واستضافتني في منزلها البروفيسر إلين جروينباوم رئيسة قسم الأنثروبولوجيا بجامعة بوردو وناشطة في جمعية الدراسات السودانية ويعمل معها زوجها، بروفيسر (Jay)، في القسم ذاته. وفي بيتهم الجميل الراقي تفاجأتُ بوجود (عنقريب) سوداني، وطباقة من كردفان ودارفور وأمدرمان، وبنابر (حبل) وهبابة وعدد من الأشياء التراثية السودانية. فقالت لي أنها وزوجها عملا في التدريس بشعبة علم الاجتماع بجامعة الخرطوم في الفترة من 1974 وحتى بداية عام 1978 (أي غادرا الجامعة قبل دخولي لها ببضعة أشهر)، وعملتْ لفترة قصيرة في كلية الأحفاد الجامعية بامدرمان وأحبا السودان وقالوا أنه أطيب شعب ولذلك أكرموا الشعب السوداني في شخصي. يتحدثان القليل من العربية السودانية الدارجة، ولها كتاب عن خفاض الإناث في السودان، ومهتمين بالتراث السوداني أيما اهتمام. أتمنى من جامعة الخرطوم تكريمهما في احتفال التخريج القادم.
· عزمتني في منزلها أسرة الدكتور أبو القاسم السوداني (المسيري) بجامعة بوردو فأبدعت زوجته (الجعلية بنت خالة جلال يوسف الدقير ) في العصيدة والتقلية وفي وجبة أخرى الكسرة بملاح البامية (المفروكة) بجوار الفراخ الأمريكي ، فكانت مفاجأة أن أجد في بلاد العم سام (ويكة تمام).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.