{ تُرى، هل تختلف مواصفات فارس الأحلام من بلد لآخر وفقاً لثقافة المجتمع وأعرافه؟ وإن كان، ففارس الأحلام يظل دائماً حلماً يجول في خواطر الفتيات ويُمعنَّ في إسباغ كل الصفات النبيلة والمثالية والحالمة عليه حتى يمضي قطار العمر فيضطررن للتنازل شيئاً فشيئاً عن هذه الصفات وفقاً لمتطلبات الأوضاع وتقدم العمر والظروف المحيطة والخوف من العنوسة. ورغم ذلك يبقى فارس الأحلام مشكلة كل فتاة. و(العريس اللقطة) عُرف اجتماعي أزلي ومطلوب رغم تفاقم الأزمة المالية وعزوف الشباب عن الزواج وازدياد معدلات الطلاق والخوف من المسؤولية وغيرها من الأسباب التي جعلت من الزواج «غولاً» مخيفاً. ففارس الأحلام ظل صامداً في خيال الفتيات حتى وإن كان بلا جواد أبيض. { مؤخراً، أثبتت دراسة متخصصة أن مواصفات هذا الفارس (العريس) تخضع لبيئة التربية الاجتماعية وشخصية الفتاة ومعدل طموحها وإدراكها وثقافتها، وخرجت علينا هذه الدراسة بإحصائية تقريبية تطلعنا على واقع الحال في ما يتعلق بأحلام البنات العربيات اللائي نصرُّ على أن ننضم إليهن كسودانيات، وجاءت نتائج الدراسة على النحو التالي: 30 % يحلمن برجل أعمال ثري! 37 % يردنه مغترباً يحقق لهن أحلام السفر، لا سيما إلى الغرب 16 % يحلمن بالرجل الرومانسي الحالم 14 % يردنه وسيماً أنيقاً جذاباً! 12 % يتمنين أن يكون لديه إحساس عال بالمسؤولية ويقدر المرأة ويحترمها. 1 % يحلمن برجل مثقف ومدرك. { وأول ما استوقفني، النسبة الضعيفة جداً التي كانت من نصيب الرجل المثقف، ولا عزاء للزملاء الصحفيين والكتاب (ناس عزمي وطلال) وكل الشباب المُبهرين بعقولهم النيرة في «الأهرام اليوم»! { ولكن كان من المنطقي على أيامنا هذه أن يحظى الرجل الثري بأعلى نسبة بسبب الأوضاع المادية المتردية في معظم البلاد العربية إلا من رحمهم الله بالنفط المتوارث، فغالبية العباد يقفون على خط الفقر ويبحثون عن أية وسيلة للتراجع منه إلى الأعلى. ومن الملاحظ أن الإحصائية تبين أن معظم الفتيات يبحثن عن العريس (اللقطة) أو فارس الأحلام هذا بما يشبع نرجسيتهن، دون حساب لضرورة التوافق والتكافؤ والالتزام، علماً بأن الأخلاق لم يرد ذكرها على الإطلاق في هذه النسب، وكأنما لم يعد هناك خوف من سوء السلوك أو الخلافات المتفاقمة أو الطلاق، كما أنهن لم يضعن في الحسبان ضرورة توفير الأمان النفسي والرعاية والاحترام إلا بنسبة ضئيلة، وكان الهدف الأساسي والأول هو الأمان المادي مهما كان المقابل! { فهل يعقل أن تقع معظم الفتيات العربيات في فخ السطحية والمادية والفهم العقيم؟! وهل يكفي في نظرهن ثراء الرجل وحده لخلق شراكة زوجية سعيدة وناجحة، والزواج يعتمد أساساً على الإحساس بالمسؤولية والاحترام المتبادل والإخلاص والمودة والسكن؟! وماذا إذا كان الفارس المترجل هذا بمقاييس (دونالد ترامب) المادية ولكنه مريض بالخيانة والانحراف ولا يفقه شيئاً في أمور الحب والتقدير ولا يمت للأخلاق والأصالة والتقوى بصلة؟ وإذا كانت (الفلوس تعمي النفوس) وتخفي (المعايب) وتتم النواقص وتشتري أسباب السعادة؛ فهل يمكن لأية امرأة أن تصبر طويلاً على عشرة رجل لئيم وخائن وجاحد وتؤاسي نفسها بالأساور الذهبية وأوراق البنكنوت؟ لا أعتقد أن أية امرأة سوية يمكنها التعايش مع مأساة اكتشاف الحقائق المتأخرة لفارس الأحلام التي تحولت إلى كوابيس. ولا أسلم بهذه الدراسة ونتائجها لأن الشريحة المستهدفة كانت من غير المتزوجات، بل جاءت من اللاتي لم يختبرن المعنى الحقيقي المفروض والمطلوب للزواج. { تلويح: الما عارف يقول... (مليونير وبس)!!