مع انطلاق اجراءات التقديم لأداء فريضة الحج للموسم الجاري برزت أزمة جديدة تضاف إلى حزمة الأزمات التي يعانيها الحجاج السودانيون، والتي ظلت تتوالى منذ سنوات طويلة، وتتلخص المشكلة الجديدة في حرمان الحجاج من مبلغ ال(1000) ريال التي كانت تمنح للحاج طوال السنوات الماضية لقاء الإعاشة من أكل وشرب وغيرها، وعادة ما يوفر الحاج جزءًا من هذا المبلغ لشراء الهدايا. وبدلاً عن ال(1000) ريال المخصصة للإعاشة قررت هيئة الحج والعمرة استبدالها بتقديم وجبات في أماكن سكنى الحجاج، على الرغم من أن الحاج يدفع للهيئة (6.800) جنيه سوداني مقابل السفر عبر الطيران والإقامة في مكة والمدينة ومنى والترحيل داخل المملكة لأداء سائر مناسك وشعائر الحج... وحتى العودة إلى الوطن إضافة إلى (1000) ريال سعودي للإعاشة. والغريب أن من ابتكر هذا الإجراء «العبقري» فات عليه أن من بين الحجاج من هم مرضى يحتاجون إلى أنواع محددة من الطعام قد لا تتناسب مع ما يقدم لهم في سكناهم، أو آخرين لا يرغبون في تناول أطعمة تفرض عليهم، إضافة إلى أن من حق الحاج الإنساني أن يتناول الطعام الذي يرغبه، كما أن بعض الحجاج يقللون إنفاقهم طوال أيام الحج كجزء من التعبد لتوفير نذر يسير من ال(1000) ريال تلك للتنقل داخل مدن المملكة لزيارة بعض الاماكن المقدسة والمزارات، أو داخل أحياء إحدى المدن التي يسمح للحاج بالتحرك داخلها لزيارة أقاربهم ووصل أرحامهم، فضلاً عن شراء هدايا الحج لأحبائهم، الذين ينتظرونها بشكل موسمي درج عليه السودانيون منذ مئات السنين. وعادة ما ينفق الحاج الواحد نحو (400) ريال أو أقل منها طوال أيام الحج المعدودات، ويدخر ما تبقى لقضاء حوائج له، خصوصاً إذا كان الحاج وسط مجموعة يتناولون وجباتهم ومشروباتهم ويتحركون كمجموعة مما يوفر قدراً ليس قليلاً من المال المخصص للإعاشة. وبهذا الإجراء الجديد الذي لا يسنده إلا منطق المنفعة الذاتية التي تعود بفوائد للبعض، تكون هيئة الحج والعمرة قد أضافت أعباءً جديدة للحجاج، وهي مسؤولة أساساً عن إراحة الحجاج وتسهيل إجراءاتهم لا تعقيدها، ولأجل تسهيل الإجراءات وتبسيطها أنشئت الهيئة ووفرت لها الدولة كل التسهيلات من مكاتب وأموال وغير ذلك، فلماذا تزيد من عذاب الحجاج بدلاً عن إراحتهم.. وهي المهمة التي من أجلها أنشئت الهيئة؟.