لم تكن ذكرى الراحل جون قرنق دي مبيور مساء أمس الأول مجرد ذكرى اعتيادية بطريقتها المعهودة بإيقاد الشموع وقراءة التراتيل الإنجيلية بالكنائس احتفاءً بروحه وإنما تخطت هذه المرة لتتعانق مع إرهاصات الوضع الراهن مع اقتراب موعد استفتاء بالجنوب ليتحدد حينها وجود سودان قوي موحّد أو دولتين تعانيان التمزق والجراح، حسب ما ذهبت اليه أمين عام الهيئة الشعبية لدعم الوحدة «إخلاص صلاح» في الاحتفال الذي أقيم بأم درمان في الهواء الطلق بمناسبة ذكرى رحيل قرنق. وتتساءل إخلاص: حين يقع الانفصال هل سيفصلون أيضاً الأنساب والدماء والأعراق وتستخرجون (باسبورت) للمواشي لتتخطى الحدود مثل ما يحدث للبشر؟ وانطلاقاً من فكر قرنق كما تقول السيدة إخلاص إنه ينبغي أن نتحرر من الجهالة أولاً قبل التفكير في الانفصال لأن السودان وُجد ليكون واحداً في ظل التنوع في القبائل والثقافات التي اعتبرتها دعامة أساسية للوحدة. ممثل الإدارة الأهلية بالخرطوم أم قرين بخيت، قالت ساخرة: «لا أتوقع إطلاقاً أن يكون هنالك انفصال وقد عايشنا الجنوبيين في كردفان وهنا.. هم يتداخلون معنا في الخرطوم في جميع أنحاء السودان بكل أمن وسلام». عدد من المشاركين أجمعوا أن الوحدة بالتأكيد ستكون الخيار الأول. فترى جين قور وهي شابة من الجنوب أن الانفصال ليس إلا أفكار سياسيين ورهان لمصالح سياسية تكتسبها السلطة فقط، وتقول: «أعتقد أن الوقت حالياً غير مناسب ليضعوا أمامنا الخيارات»، وتضيف: «لو كان قرنق موجوداً لتغير كل شيء». في ذلك المساء حمل كل السودانيين الشموع المضيئة واصطفوا على طول الطرقات في حين يرتقبون ما تعلنه نتائج الاستفتاء القادم.