اطّلعت على المقال الذي سطره السيد / د. خالد التيجاني النور ، و نشر بصحيفة الجريدة بتاريخ 11/03/2017 بعنوان ( انتهى الدرس فهل من معتبر؟ ) أثار إنتباهي نص الفقرتين التاليتين من حديث السيد / د. خالد"- (... و الحقيقة أن خروج الحركة الإسلامية بنسخها المتعددة التي توالدت على خلفية صراعات قياداتها الداخلية على السلطة والنفوذ من دائرة القرار في الحكم الإنقاذي ظلت تضعف و توهن تدريجياً حتى بدأت في التلاشي تماماً منذ المؤتمر العام للنسخة الحكومية من الحركة الذي جرى في 2012 و الذي سلمت فيه آخر قلاعها للشرعية العسكرية) الفقرة الثانية و نصها كالتالي:- (.. يبدو أن منطق الأشياء يثبت دائماً أن شرعية المؤسسة العسكرية بغضّ النظر عن المزاعم الأيديولوجية الطارئة أطول باعاً و أعمق وجوداً و حرفة من أن يبتلع ، فكان أن وظفت شرعيتها في ابتلاع التنظيم و إعادة تشكيله ليخدم أجندة المؤسسة العسكرية الأكثر رسوخاً). و ألخص تعليقي على حديث السيد / د. خالد التجاني في النقاط التالية :- أولاً : إن الدور السياسي للمؤسسة العسكرية في السودان يختلف عن دورها السياسي في دول أخرى مثل مصر أو تركيا ...فالمؤسسة العسكرية السودانية ظلت طوال تاريخ السودان الحديث مؤسسة قومية محايدة و لكن اخترقتها الاحزاب السياسية و كونت خلايا لها وسط الضباط و استغلتها سياسياً في أحداث انقلابات عسكرية لصالح هذا الحزب أو ذاك ، و بالتالي لا يمكن أن نتحدث عن أجندة خاصة بالمؤسسة العسكرية تتعارض مع توجهات الحركة الإسلامية، و كأن هناك مواجهة بين المؤسسة العسكرية و الحركة الإسلامية ، بالرغم من أنه قد يكون هناك توجه ملحوظ نحو عسكرة السلطة الحاكمة ... و في تقديري أن تفسير هذا التوجه يكمن في أن السلطة الحاكمة قد وجدت نفسها في مأزق سياسي له أبعاده المحلية و الإقليمية و الدولية بسبب عباءة الحركة الإسلامية ، و رأت أن المخرج هو أن تخلع عباءة الحركة الإسلامية و ترتدي العباءة العسكرية التي قد تجد قبولاً محلياً و إقليمياً و دولياً ، مقارنة بعباءة الحركة الإسلامية ، و يتم هذا التوجه نحو عسكرة السلطة عبر عناصر عسكرية تنتمي للحركة الإسلامية و ليس خارجها ... و بالتالي لا أعتقد أن هناك مواجهة بين ( شرعية عسكرية ) و شرعية الحركة الإسلامية كما حدث في مصر مثلاً عندما انقلبت المؤسسة العسكرية على سلطة الحركة الإسلامية و دخلت معها في مواجهة حادة و عنيفة. ثانياً: إن العلاقة بين المؤسسة العسكرية السودانية و جميع الأحزاب السودانية التي إستغلتها للوصول للسلطة لم تكن علاقة ( ابتلاع) متبادل و إنما علاقة وقتية ترتبط بلحظة تنفيذ و نجاح الانقلاب العسكري و بعد تلك اللحظة تعود المؤسسة العسكرية إلى ثكناتها بثوبها القومي و يسرح و يمرح الحزب السياسي الذي استخدمها كأداة في عالم السلطة والنفوذ... فكل الأنظمة الانقلابية زالت و بقيت المؤسسة العسكرية كما هي و لم تفقد قوميتها بالرغم من كل الجهود السياسية الحزبية على مرّ تاريخ السودان الحديث في تغيير طابعها و تحويلها إلى فصيل عسكري تابع للسلطة الحاكمة. ثالثاً : إن الحركة الإسلامية الآن ليست هي الحركة الإسلامية في 30 يونيو 1989 ، فقد خرج من جلبابها العديد من المجموعات و الأحزاب و التنظيمات و العناصر التي تتحرك داخل حوش الإسلام السياسي .... و جميع هؤلاء مهما اختلفت مواقفهم الآن من السلطة الحاكمة إلا أنهم في النهاية طلاب سلطة ونفوذ.. لذلك لا أعتقد أن ( الدرس قد انتهى) كما ذكر السيد / د. خالد التجاني في مقاله ... بل أقول الدرس لم يبدأ بعد ،لأن الواقع السياسي الحالي يؤكد أن هناك اتجاها لأسلمة الصراع السياسي .. بمعنى أن يكون الحاكم و المعارض من داخل حوش الإسلام السياسي مثلما يحدث في إيران .. إسلامي حاكم.. إسلامي إصلاحي.. إسلامي تقليدي.. إسلامي لبرالي.. إسلامي متطرف .. الخ.. ما زالت أمامنا حلقات و حلقات من التوهان و الضياع . مع احترامي و تقديري للسيد / د. خالد التجاني النور