مضت خمس سنوات تقريباً منذ أن غادر رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومرشد الطريقة الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني البلاد الى عاصمة الضباب لندن، في سبتمبر 2013م، ليشد رحاله في أغسطس من العام الماضي الى قاهرة المعز ليستقر به المقام هناك. طوال هذه السنوات، مياه كثيرة جرت تحت جسر الحزب العتيق، وصارت الخلافات سيدة الموقف وسط قياداته، وكادت أن تعصف به وتؤثر في تاريخه الطويل. انقسامات غياب الميرغني أدى إلى إنقسام الحزب إلى عدة مجموعات، خاصة بعد قرار نجله محمد الحسن بالمشاركة في انتخابات ابريل 2015 والمشاركة في الحكومة، أو كان ذلك السبب المباشر في الخلاف بين الحسن وقيادات تاريخية بالحزب (الدواعش)، التي قام بفصلها قبل أن يصدر الميرغني قراراً بإعادتهم، ومن جانب آخر تداعت مجموعة أخرى من قيادات الحزب أمثال علي محمود حسنين والشيخ حسن أبو سبيب والخليفة تاج السر الميرغني، وكوادر من الشباب بالعاصمة والولايات لاجتماع في ضاحية (أم دوم)، وأقرّت بتشكيل هيئة رئاسية، ومكتب سياسي انتقالي يبدأ التحضير للمؤتمر العام للحزب، وانتقلت دائرة الخلافات الى داخل مجموعة المؤيدين للمشاركة في الحكومة، وقدم الحزب قائمتين للمشاركة في حكومة الوفاق الوطني واحدة من رئيس قطاع التنظيم الحسن الميرغني، والأخرى قدمها الأمير أحمد سعد بوزارة مجلس الوزراء، قبل أن يتدخل الميرغني الكبير، ويحسم الأمر لصالح قائمة أحمد سعد التي تشارك في الحكومة، فضلاً عن تكوين لجنة للتفاوض مع الوطني يرأسها حاتم السر وزير التجارة.. وكان الميرغني كلما أراد أن يتخذ قراراً يدعو قيادات الحزب للاجتماع به في القاهرة . تحريك ساكن: هدأت عواصف الخلافات في الحزب بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وأصبح الحزب شبه غائب عن الساحة السياسية، عدا مشاركات وزرائه في الحكومة، مراقبون أرجعوا هذا الركود الذي يعاني منه الحزب لغياب رئيس الحزب الذي طال أمده، وقبل أيام كتب القيادي بالحزب تاج السر الميرغني منشوراً في صفحته على (الفيس بوك) يطالب فيه الميرغني بالعودة الى الداخل، وإدارة شؤون الحزب أو اعتزال السياسة والمنصب الرئاسي، إن كان ظرفه لا يسمح، واعتبر السر أن إدارة حزب مشارك في الحكومة من الخارج غير ممكنة، مشككاً في صدقية القرارات والتوجيهات التي تنقل عن الميرغني ووصفها بالفبركات، وقال:(سفريات ابو الهول وحكاية السيد قال، مجرد نجر وفبركات لا تنطلي على أحد). كما انتقد استحداث وظائف جديدة في المكتب السياسي، وقال:(الحزب ليس شركة خاصة حتى يضم مكتبه السياسي سفرجية ومراسلاتية.. منشور السر حرك حجراً في بركة ساكنة، ودفع الى التساؤل لماذا هذا الغياب الطويل للميرغني، ومتى سيعود الى البلاد، وهل حقاً أن غيابه أثر في الحزب كما أشار السر في منشوره؟ القيادي بالحزب ومقرر مكتب المراقب العام هشام الزين شن هجوماً على تاج السر الميرغني، ونفى علاقته بالحزب، وقال في رده على استفسارات (آخر لحظة) مع احترامنا لتاج السر إلا أنه لاعلاقة له بالحزب.. مشيراً الى أن الميرغني قام بعزله من منصبه كمشرف سياسي لولاية البحر الأحمر، بعد تفجر الخلافات فيها، وفيما يتعلق بطلبه لرئيس الحزب بالعودة أو الاعتزال قال الزين تاج السر: (اختار أن يكون في المجلس الرئاسي لمجموعة أم دوم، وهو الآن خارج البلاد وأردف (لا تنه عن خلق وتأتي بمثله). غياب مؤثر: وحول تأثير غياب الميرغني على أداء الحزب أقر الزين بذلك، إلا أنه عاد وقلل من الأمر، وقال إن الميرغني يباشر مهامه كرئيس للحزب، ويتابع كل صغيرة وكبيرة داخله، وكشف الزين عن عودة مرشد الختمية قبل نهاية العام الجاري.. مبيناً أنه سيقوم بزيارة للمملكة العربية السعودية، ويعود بعدها مباشرة للخرطوم لمباشرة مهامه كرئيس للحزب والإشراف على انعقاد المؤتمر العام. وحدة قادمة: كان مجلس الأحزاب قد لوح من قبل بحل الحزب الاتحادي الأصل، لعدم التزامه بعقد المؤتمر العام عقب إنهاء المهلة التي منحها له، ولكن مقرر المراقب العام قلل من الخطوة وانتقدها، وقال (إن المجلس لا يحدد لنا انعقاد المؤتمر، بيد أنه أكد أن انعقاده مهم بالنسبة للحزب)، وأشار الى الترتيبات التي يجريها الحزب للخطوة أن مؤتمر الحزب الاتحادي لم يكن مثل بقية المؤتمرات، والمؤتمر لا يقوم بين يوم وليلة، ولا يمكن أن نعقد مؤتمراً صورياً، وكشف الزين عن اكتمال نسبة 55% من الاجراءات المتعلقة بالمؤتمر، كما أنه أفصح عن ترتيبات يقوم بها حزبه ومشاورات مع بعض الفصائل الاتحادية، بغرض الوحدة ولم الشمل.. لافتاً الى أنها جزء من أسباب تأخير المؤتمر.. مشيراً الى أنهم يسعون للوحدة حتى يكونوا جزءاً منه.. مؤكداً أنها قطعت شوطاً كبيراً متوقعاً نجاحها. خلافات قائمة: أما فيما يتعلق بالخلافات التي يعاني منها الحزب اعترف الزين باستمرار الجدل داخل الحزب، إلا أنها اعتبرها أمراً طبيعياً يحدث في كل الأحزاب.. مشيراً الى أن التيار الذي يرفض المشاركة في الحكومة لديه مبرراته وأسبابه، وكذلك الحال بالنسبة لتيار المشاركة، وقال مازال الخلاف قائماً ولكن سيتم حسمه داخل مؤسسات الحزب، هشام نفى غياب الحزب من الساحة السياسية، وأكد وجود حراك سياسي داخله، لكنه أشار الى أن الخلافات أصبحت هاجساً لعضوية الحزب.. لافتاً الى أن المؤتمر العام سيتجاوز كل تلك الخلافات.