جولات مارثونية متعاقبة شهدها ملف المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال قبل أن تتشظى، وتجاوزت المفاوضات العشر جولات رسمية وغير رسمية وكلها باءت بالفشل، ومن المؤمل أن تلتئم جولة أخرى بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين كل الأطراف في مطلع فبراير المنصرم، خاصة بعد دخول بريطانيا في خط الوساطة التي يقودها مبعوثها للسودان وجنوب السودان، كريستوفر أتروت، الذي أبلغته الحكومة السودانية رسمياً بمشاركة بلاده في جولة المفاوضات المقبلة الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة عبد العزيز الحلو في أعقاب مباحثاته مع مسؤولين في الحكومة شملت، مساعد الرئيس إبراهيم محمود، ووزير الخارجية إبراهيم غندور، ويرجح أن تنحصر المفاوضات الوشيكة على قضايا جبال النوبة فقط بدون منطقة النيل الأزرق، حيث أدى انقسام الحركة الشعبية إلى أن تؤول سيطرة كل جناح على مناطق نفوذه الأصلية، وستركز هذه الجولة على المسائل الخاصة بوقف العدائيات. * مواصلة الحوار ونقل مساعد البشير ورئيس وفد الحكومة للتفاوض، إبراهيم محمود، للمبعوث البريطاني التزام الحكومة بمواصلة الحوار والتفاوض ومشاركتها في الجولة المقبلة مع الحركة الشعبية – شمال، التي ستعقد في الأسبوع الأول من فبراير القادم بأديس أبابا، وأكد محمود خلال لقائه أتروت بالقصر الرئاسي أول أمس، أن السودان منفتح للتوصل إلى حل حول المنطقتين، بما يخدم عملية السلام التي تركز على وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الانسانية وفقاً لخارطة الطريق والدخول مباشرة في الترتيبات الأمنية، أكد المبعوث البريطاني كريستوفر أتروت، أن زيارته جاءت في سياق دعم عملية السلام وجهود اللجنة العليا رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الافريقي برئاسة ثامبو أمبيكي، لتشجيع الأطراف لإنجاح جولة مفاوضات السلام المقبلة، وقال إنه إطلع على خارطة الطريق التي تتضمن وقف العدائيات وإيصال المعونات الإنسانية، معرباً عن أمله في نجاح الجولة المقبلة *جاهزية الحكومة وفي ذات السياق أكد وزير الخارجية إبراهيم غندور طبقاً للمتحدث باسم الخارجية، قريب الله خضر، جاهزية الحكومة للمشاركة في المفاوضات مع الحركة الشعبية -شمال برئاسة عبد العزيز الحلو استجابة لدعوة اللجنة العليا رفيعة المستوى والاتحاد الأفريقي.. وقال خضر في تصريح صحفي تلقته (سودان تربيون) إن غندور أعرب عن التزام السودان بالتوصل لاتفاق مع الحركة لوقف إطلاق النار بصورة دائمة، وفتح ممرات العون الانساني وحرية حركة المواطنين والبضائع والانخراط في مفاوضات الترتيبات الأمنية والسياسية، ويشار إلى أن الجناح الآخر من الحركة الشعبية بزعامة مالك عقار، حذر قبل أيام على لسان نائب رئيس الحركة ياسر عرمان من محاولات عزلهم من المفاوضات والعملية السلمية، وأبدى استعداداً للتعاون مع خصومهم في الحركة بقيادة الحلو للوصول إلى حل شامل *حلول وسطي وبالمقابل توقع الخبير الاستراتجي اللواء «معاش» محمد عباس أن تفضي جولة المفاوضات المقبلة إلى حل وسط في المنطقتين، مشيراً إلى أن الوصول لحلول نهائية وجذرية على خلفية الجولات السابقة التي كانت خلالها الشعبية أكثر خشونة من الحكومة، بما يجعل مصير المفاوضات المقبلة محفوفة ببعض علامات الاستفهام، وتابع بالقول هنالك نقاط خلاف جوهرية بين طيات كل الأطراف إن لم يتم التوصل بشأنها إلى اتفاق إطاري مصحوب ببعض التنازلات، فإنه لا يمكن الوصول لسلام حقيقي بالمنطقتين، وأردف الوصول إلى حلول لا يتم عن طريق وضع الشروط، وإنما بالتنازلات الحقيقة على أرض الواقع . * تجزئة الملف وفي ذات المنحنى يشير المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. راشد التجاني إلى أن الجولات السابقة حول المنطقتين لم يتم التوصل عبرها إلى حلول بين الحكومة والشعبية، للانقسامات التي شهدتها الأخيرة، ولفت إلى أن الآلية الأفريقية في الفترة الماضية قد أضناها البحث عن حل للمنطقتين، في أعقاب تعنت طرفي القضية الحلو وعقار في الانسجام والجلوس في طاولة واحدة، مع الحكومة، مبيناً أن السيناريوهات المتوقعة في جولة فبراير المقبل هي تجزئة ملف المنطقتين بجلوس الحكومة مع الجنرال عبد العزيز الحلو بشأن منطقة جبال النوبة دون استصحاب قضية النيل الأزرق التي يتم الجلوس خلالها مع عقار، مشيراً إلى أن الحكومة ستمضي إلى التركيز على ملف جبال النوبة مع الحلو، باعتباره الملف الأقرب إلى الحسم من الملف الآخر المتعلق بالنيل الأزرق، خصوصاً أن جولات المفاوضات السابقة كانت تصطدم بالفشل عند عقبه عقار وعرمان في مقابل الجدية والمرونة التي اتصف بها الحلو في أعقاب الجولة الأخيرة للمفاوضات، إلى ذلك توقع مراقبون أن يلعب المجتمع الدولي دوراً كبيراَ خاصة الولاياتالمتحدة في ممارسة الضغوط على الحركة الشعبية للانحياز للسلام، خاصة وأن المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان السابق اتهم قيادات الحركة بتغليب مصالحهم السياسية على مصالح مواطني المنطقتين، لافتاً إلى أن بعض عناصرها تسعى لتطويل أمد الصراع.