رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان يكتب: حقيقة الحرب في السودان    فضيحة كندية بشأن خطوة خطيرة في السودان    تفاصيل اجتماع مجلس الأمن والدفاع السوداني    بيان الصراخ... لماذا تفقد دبلوماسية سلطة ابوظبي المنطق ؟    هل القحاتة عشان لابسين بدل وبتكلموا انجليزي قايلين روحهم احسن من ابو لولو ؟    بالصور والفيديو.. المريخ يفتتح مشواره في الدوري الرواندي بعرض راقي وأداء ملفت.. شاهد إبداعات ومهارات محترفه الجديد التي لفتت الأنظار وملخص المباراة كاملة    شاهد بالصور والفيديو.. رغم الحرب والمعاناة.. جمهور كرة القدم بإستاد "ربك" يطرب نفسه بالمدرجات ويغني بمصاحبة الفرقة الموسيقية خلال إحدى المباريات "يا ظبية المسالمة"    وفاة مسؤول في السودان    يامال يثير ذعر منافسيه: اقتربت من استعادة مستواي    خالد عمر يوسف : قرار حميدتي بوقف اطلاق النار،، موقف مسؤول    شاهد بالصورة.. مشجعة الهلال السوداني الحسناء "سماحة" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بإطلالة مثيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    لاعبو المنتخب الوطني يرفضون أداء التمرين بقطر ويعودون للفندق والسبب تأخير "الحافز"    كامل إدريس يصدر بياناً لتأييد خطاب ومواقف رئيس مجلس السيادة    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تخطف الأضواء لحظة وصولها لإحياء حفل بإحدى القاعات بسيارتها "لاند كروزر" الفارهة والرجال يتزاحمون ويقفون لإستقبالها    شاهد بالفيديو.. حكومة "تأسيس" تصدر أوامر بالقبض على البرهان والعطا ومناوي وتطالبهم بتسليم أنفسهم لمركز شرطة الفاشر وتناشد المواطنين على مساعدتها في القبض عليهم    الهلال يغادر إلى لومباشي يوم الجمعة لمباراة لوبوبو    الاعلان عن فتح الباب لتسجيل حكام جدد بسنار    الإعيسر: حديث ميليشيا الدعم السريع المتمردة عن هدنة إنسانية مناورة سياسية مكشوفة تتناقض بشكل صارخ مع الواقع    لماذا يصعب الإقلاع عن التدخين؟    الموردة تكسب امير في افتتاحية مشوارها بدوري الأبيض    "نفير الأغاني".. رهان على الفن من أجل السلام    التضخم ..."غول" يحد من قدرة السودانيين على الشراء    بنك الخرطوم: استوفينا جميع المطلوبات لافتتاح فرع للبنك في مصر    السودان.. قرار بحظر نشاط صيد الأسماك وإغلاق لبحيرتين    لجنة عودة المواطنين للعاصمة تتفقد أعمال تأهيل محطات المياه والكهرباء بمحلية الخرطوم    لماذا لا ينبغي التعويل على تصريحات ترامب    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تمنع الرجال من الصعود للمسرح لمنحها "النقطة" وأحدهم يسقط على الأرض بعد محاولته الوصول إليها    شاهد بالصورة والفيديو.. أحدهم وقف أمامه وأنشد قصيدة.. "تمثال" قائد الجيش "البرهان" يثير جدلاً واسعاً وسط تعليقات متباينة ما بين مشيدة ورافضة (الكاهن يستحق أكثر من ذلك ورجعنا لعبادة الأصنام)    شاهد بالصور.. المقرئ السوداني الشهير "شيخ الزين" يثير تفاعلاً إسفيرياً واسعاً بعد ظهوره بإطلالة شبابية ب"الجينز" والجمهور: (أنيق تبارك الله ما يسحروك وأعمل حسابك واتحصن من عين البنات)    أطباء ينصحون بتقوية المناعة قبل دخول الشتاء    تحديث «إكس» يفضح مواقع إنشاء حسابات قادت حملات سلبية ضد السعودية    زراعة الخرطوم ومنظمة الفاو تنفذان حملة تطعيم الماشية بولاية الخرطوم    ادارة مكافحة المخدرات ولاية النيل الابيض تضع حدا لنشاط شبكة إجرامية متخصصة في الإتجار وتهريب الحبوب المخدرة    أكبر هبوط شهري منذ انهيارات الكريبتو في 2022.. لماذا ينهار سوق العملات المشفرة الآن؟    إدارة مباحث كسلا تفكك شبكة إجرامية لتهريب البشر يتزعمها أحد أهم المطلوبين الهاربين من السجن    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    أمريكا تفتح بوابة الرقاقات المتقدّمة أمام G42    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    شاهد.. صور ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان مع علم السودان تتصدر "الترند" على مواقع التواصل والتعليقات تنفجر بالشكر والثناء مع هاشتاق (السودان بقلب بن سلمان)    تسيد السعودية للإقليم خلال العقد القادم    الطيب صالح ناهض استعلاء السلطة عبر "الكتابة السوداء"    دونالد ترامب يفجّرها حول حرب السودان    السودان يعلن وصول شحنة من هولندا    فريق ميداني متخصص من إدارة مباحث ولاية كسلا يسدد بلاغ خاص بسرقة عربة بوكس    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الباري عطوان :لماذا نعتقد بأنّ الانسِحاب الأمريكيّ من شِمال سورية ليس طعنةً مسمومةً
نشر في رماة الحدق يوم 08 - 10 - 2019

لماذا نعتقد بأنّ الانسِحاب الأمريكيّ من شِمال سورية ليس طعنةً مسمومةً جديدةً للأكراد فقط وإنّما هديّةً "ملغومةً" لأردوغان؟ وكيف نُفسّر الصّمت السوري الروسي حتى الآن؟ وما هي الأخطار الثّلاثة التي تنتظر الجيش التركي في شِمال شرق سورية؟ وهل ستُواجه الحُكومات الخليجيّة طعنات أمريكيّة مُماثلة وقريبًا؟
يصِف كثيرون الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب ب"الغباء"، وسياسته الخارجيّة خاصّةً في مِنطقة الشرق "الأوسط" ب"الفاشلة"، وهذا التّوصيف ربّما يكون صحيحًا لا جدال فيه، ولكن قراره المُفاجئ بسحب القوّات الأمريكيّة (2000 جندي) من شِمال سورية، ووصف الحُروب فيها بالعبثيّة، والتخلّي عن حُلفائه الأكراد يعكِس "مُراجعات" استراتيجيّة، واعترافًا بالهزيمة وتقليصًا للخسائر التي بلَغت حتى الآن حواليّ 100 مليار دولار من جرّاء التورّط في الحرب السوريّة.
الغزو التركيّ المتوقّع في أيّ لحظة لشمال سورية للقضاء على قوّات سورية الديمقراطيّة ذات الغالبيّة الكرديّة المُصنّفة على قائمة الإرهاب التركيّة لتحقيق عدّة أهداف أبرزها إقامة مِنطقة آمنة بعُمق 30 كم، وطُول 500 كم، في العُمق السوري، لإعادة توطين 3.5 مليون لاجئ يتواجدون حاليًّا في تركيا، هذا الغَزو ربّما يكون "مُقامرةً" كبيرةً "مُكلفةً" من قبل الرئيس أردوغان تؤدّي إلى نتائج عكسيّة تمامًا.
الرئيس ترامب بقراره المُفاجئ بالانسحاب من شمال سورية ربّما قدّم بذلك هديّةً مسمومةً وملغومةً إلى الرئيس التركي، واستدرجه وجيشه إلى مِصيدة بالغة الخُطورة، قد يَصعُب الخُروج منها، تمامًا مِثل المِصيدة السعوديّة في اليمن، والأمريكيّة في أفغانستان والعِراق، مع تسليمنا بوجود بعض الفوارِق، فترامب لا يُمكن أن يغفِر للرئيس التركيّ شراءه لمنظومات صواريخ "إس 400" الروسيّة، وتفضيلها على منظومة "الباتريوت" الأمريكيّة المُنافسة.
***
المخاطر على تركيا ستأتي من العديد من الجبهات والجهات أيضًا، ومُنذ اليوم الأوّل لدخول القوّات التركيّة المُتوقّع ويُمكن حصرها في النّقاط التالية:
أوّلًا: ستَجِد القوّات التركيّة المُهاجمة نفسها أمام قوّات سورية الديمقراطيّة العالية التّدريب والتّسليح والخُبرة القتاليّة، فالولايات المتحدة أغرقتها بالعتاد العسكريّ المُتطوّر، وأشرف خبراؤها على تدريب عناصرها طِوال السنوات الماضية على أحدث المناهج العسكريّة، أمّا الخُبرات القتاليّة فاكتسبتها من خلال حربٍ دمويّةٍ شرسةٍ خاضتها بدعمٍ أمريكيّ ضِد "الدولة الإسلاميّة" أو داعش"، ونجحت في إخراجها من مقرّها الرئيسيّ في مدينة الرقّة، وإنهاء وجود دولة الخلافة، واعتقال الآلاف من مُقاتليها.
الثانية: الكلفة الاقتصاديّة والماليّة الباهظة التي يُمكن أن تترتّب على هذه العمليّة الهُجوميّة، ثم بعد ذلك إدارة المناطق التي ستُخضع للسيطرة التركيّة، وتقديم الخدمات العامّة لمِئات الآلاف، وربّما ملايين المُواطنين في هذه المِنطقة، سواء من المُقيمين، أو الذين سيتم ترحيلهم من تركيا إليها، فالقيادة التركيّة كانت تُخطّط لتحميل الولايات المتحدة جُزءًا من هذا العِبء المالي عندما اتّفقت معها على المُشاركة في إقامة هذه المِنطقة العازلة، ولكن الانسِحاب الأمريكيّ ألقى بهذا العِبء الماليّ كامِلًا على الجانب التركيّ في وقتٍ يُعاني اقتصاده من أزماتٍ اقتصاديّة ربّما تتفاقم إذا نفّذ السيناتور ليندسي غراهام تهديداته بفرضِ الكونغرس عقوبات اقتصاديّة على تركيا عِقابًا لها على هذا القرار مثلما هدّد اليوم.
الثالثة: احتمالات دخول الجيش العربي السوري إلى الميدان، والانخراط في مُواجهاتٍ آنيّةٍ أو لاحقةٍ مع القوّات التركيّة "الغازية"، فقد حذّرت القِيادة السوريّة من أنّها لن تسكُت عن أيّ اختراقٍ تركيٍّ للسّيادة السوريّة، وستتصدّى لأيّ هُجوم.
الرابعة: في حالة نجاح الهُجوم والسّيطرة بالتّالي على المِنطقة المُستهدفة كاملةً، فإنّ الحُكومة التركيّة ستكون مسؤولةً عن قنبلةٍ موقوتةٍ مُمثّلةٍ في وجود آلاف من مُقاتلي تنظيم "داعش" المُعتقلين في سُجون الأكراد، فكيف ستتعامل مع هؤلاء؟ هل ستُقدّمهم إلى المُحاكمة وتُصدر أحكامًا بسجنهم؟ وتحمّل نفقات احتجازهم؟ وأين في شمال سورية أم في تركيا نفسها؟ خاصّةً أنّ جميع هؤلاء، والأوروبيين خاصّةً، ترفُض عودتهم.
حالة الصّمت التي تسود أوساط الحليفين السوري والروسي تُجاه هذه النّوايا التركيّة باقتِحام شمال سورية عسكريًّا تطرح العديد من علامات الاستفهام.. فهل هذا الصّمت دليل المُوافقة، ووجود "تفاهمات" مُسبقة جرى التوصّل إليها في قمّة أنقرة الثلاثيّة الروسيّة التركيّة الإيرانيّة، أم أنّه عائدٌ إلى التمسّك بفضيلة التريّث والانتظار، لأنّ الرئيس أردوغان هدّد أكثر من مرّةٍ في السّابق بهذا الغزو، ولكنّه عاد وتراجَع في اللّحظات الأخيرة.
هُناك سيناريو تُردّده بعض الأوساط التركيّة هَمسًا يتحدّث عن "مُقايضة" تمّت برعايةٍ روسيّةٍ أثناء قمّة موسكو الأخيرة، مفاده غضّ النّظر عن الاجتياح التركي لشمال شرق سورية مقابل غضّ نظر تركي مُقابل للهُجوم السوري الروسي المُتوقّع لاستعادة مُحافظة إدلب كاملةً، وبِما يؤدّي إلى لجوء عناصر الجماعات المسلحة المُسيطرة عليها إلى الحزام الآمن شمال شرق الفرات، ولكن مصادر سوريّة جرى الاتّصال بها استبعدته، أي السيناريو المذكور كُلِّيًّا، وقالت إنّ الجيش العربي السوري سيستعيد إدلب، مثلما سيتصدّى لأيّ احتلالٍ تركيٍّ لكُل بقعة أرض سورية سواء في الشمال الغربي أو الشمال الشرقي، ويُحرّرها مثلما حرّر أكثر من 85 بالمئة من التّراب السوريّ حتى الآن.
***
سحب ترامب للقوّات الأمريكيّة من سورية وإخراج بلاده من هذه "الحرب العبثيّة" ليس طعنةً مسمومةً جديدة في الظّهر الكرديّ الذي لم يتعلّم مُطلقًا من طعنات أمريكيّة سابقة، وربّما يكون أيضًا مُقدّمةً للانسحاب العسكريّ الكامل من المِنطقة برمّتها، سواء من العِراق أو السعوديّة أو الكويت، وكُل القواعد الأمريكيّة في مِنطقة الخليج، وتنفيذًا للوعود التي تعهّد بتنفيذها ترامب أثناء حملته الرئاسيّة.
فعندما ينقل ترامب مقر قيادته الجويّة من قاعدة العديد في قطر إلى الأرض الأمريكيّة، ويسحب حاملات طائراته وسُفنه الحربيّة من مِنطقة الخليج إلى المحيط الهندي، ويقول إنّه لا يقبَل أيّ لوم من الأكراد على غسل يديه منهم والتخلّي عنهم، لأنّهم حصَلوا على المال والعَتاد العسكريّ مُقابل قتالهم لداعش تحت الرّاية الأمريكيّة، فهذا يُؤشّر على أنّ الرّجل قرّر الرّحيل وترَك مِنطقة الشرق الأوسط لحُروبها العبثيّة، ولأطرافها لكيّ يُقلّعوا شَوكَهم بأيديهم.
تخلّي ترامب وبهذه السّرعة والسّهولة عن حُلفائه الأكراد يجب أن يكون "فألًا سَيّئًا" لحُلفائه العرب في السعوديّة ومِنطقة الخليج كلها الذين راهنوا على الحِماية الأمريكيّة، فخناجر ترامب المسمومة جاهِزةٌ للطّعن في الظّهر والصّدر أيضًا، والمَسألة مسألة أولويّات وتَوقيت.. واللُه أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.