السودان..انتحار موظف أجنبي وفرض سيّاج من السرية حول الحادثة    مسؤول مصري يكشف عن تحرّكات لإيقاف حرب السودان    التوقف الدولي وغرف الإنعاش    أخطَاء دُيوف هَل تَحدث في السِّر؟    المسابقات تعاقب التحرير وتعتبره خاسراً أمام النيل وتوقف لاعبه لمدة عام    شاهد بالصور والفيديو.. بعد توقف دام لأكثر من عامين.. مطار الخرطوم يعود رسمياً للعمل ويستقبل أول طائرات ركاب    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    المريخ والهلال يطلبان المشاركة في الدوري الرواندي    وزير العدل يدشن امتحان تنظيم مهنة القانون دورة أكتوبر 2025    الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل    الإمارات: إصدار وثيقة العودة في حال فقدان جواز السفر لحاملي الإقامة الذهبية مجاناً وخلال 30 دقيقة فقط    رحيل ليونيل ميسي فجّر أزمة "ركلات حرة" في برشلونة    فينيسيوس يقتحم قائمة الأغنياء خلف رونالدو وميسي    يامال وراء تراجع برشلونة عن ضم جوهرة البرازيل.. واللاعب يرد عمليا    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    وزارة الثقافة والإعلام والسياحة توضح أسباب غياب بيانات الناطق الرسمي    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    شاهد بالفيديو.. بفضل هدف محترفه المالي.. الهلال يكسب البوليس الكيني في معقله ويضع قدماً في المجموعات    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    القبض على الفنانة عشة الجبل    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    علماء يكتشفون فوائد جديدة للقهوة    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    السودان يدعو العرب لدعم إعادة تعافي القطاع الزراعي في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بالقاهرة    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير تاج السر : من يمنح الجوائز الأدبية؟
نشر في رماة الحدق يوم 24 - 02 - 2020

كما نعرف جميعا، فقد أصبح في العالم العربي، في السنوات الأخيرة، كم كبير من الجوائز الأدبية، التي تمنح للإبداع بمختلف أنواعه، سواء كان شعرا أو نثرا، أو مسرحيات قابلة لتحويلها إلى أعمال مرئية.
بعض هذه الجوائز تمنح بأسماء بلاد نشأت فيها، أو أشخاص هم بالقطع ممولوها، أو ربما ورثوا تمويلها من آباء ماتوا، لكن استمر نهجهم. أيضا نجد عددا من دور النشر الصغيرة والكبيرة على حد سواء، ابتكرت جوائزها، وتمنحها سنويا تشجيعا للقراءة، وترويجا لأعمالها.
هذه الجوائز، التي في كثير من الأحيان لا تصاحبها أي عوائد مادية، بمعنى أن ينشر العمل الفائز فقط، من دون أي حقوق أخرى، لن تبدو مفرحة بكل تأكيد، ونحن نفهم الحزن والإحباط في حالة عدم الفوز بجائزة، لكن علينا أيضا أن نفهمه في حالة الفوز، وعدم حصول المبدع على أي شيء، سوى ورقة مستطيلة مكتوب عليها اسم الجائزة وتاريخ الحصول عليها، وصورة تمثله مع منظمي الجائزة، ووعد بنشر الكتاب في أقرب فرصة، ليلحق بمعارض الكتب، ويأتي صاحبه المحبط ليجلس ويوقع لقراء افتراضيين، قد يأتون وقد لا يأتون، وفي الغالب لن يأتوا لأن مسألة التوقيع هذه، التي تعرضتُ لها كثيرا في مقالاتي، أعتبرها أكثر اقتباساتنا من الغرب فشلا، فالذي يجلس من الكتاب الغربيين في أي ركن أو زاوية حتى في الشارع العام، ليوقع للجمهور، ليس أي كاتب أو شاعر، إنه مبدع مغنطيس، يتبعه جمهور شغوف ومتشوق إلى أي مكان يذهب إليه، بينما عندنا لا اعتبار أبدا لهذه المسألة.
هنا لا أتعرض للجوائز الكبيرة التي أنشأتها دول أو مؤسسات كبرى مثل البوكر وكتارا والشيخ زايد وسلطان العويس والبابطين، والطيب صالح في السودان، ولكن أريد الإشارة إلى الجوائز الأخرى، التي بلا عائد كما ذكرت، وأحيانا حتى عائد نشر الكتاب لا يحدث.
هذه الجوائز نشأت بلا شك في فورة من حماس ما، ألمّ بشخص أو مؤسسة صغيرة تجاه حدث ما، أو نتيجة لوفاة مبدع يستحق أن يتمدد اسمه في جائزة، أو على أقل تقدير، ترويجا لدار نشر ناشئة، تحتاج لترسيخ اسمها قليلا عند قراء مستهدفين، تعلن أسماء تلك الجوائز، وتعلن شروطها البسيطة، وهي إرسال عمل مخطوط من كذا ألف كلمة، أو ربما أعمال منشورة حديثا، ثم الانتظار حتى تعلن الجائزة، ويتوج بها من يستحق حسب لجنة تحكيم الجائزة، وفي الغالب لن يكون هناك فائز واحد وإنما عدد من الفائزين، من الجائزة الأولى إلى الثالثة.
إذن لا مشكلة أبدا في تلك الجوائز، التي نشأت راسخة واستمرت راسخة، والتي نشأت بسبب الحماس، ومحاولة كسر الرتابة في مجتمع الكتابة والقراءة، وما دام المبدعون راضين بالشروط التي تورد قبل التقديم، ويقدمون رغم ذلك بكثافة، وينتظرون بتوتر وشغف، ويعلنون فوزهم في صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إن فازوا، وأيضا يتلقون المواساة، إن خسروا، لا مشكلة لأن الرتابة هنا كسرت، والإبداع الذي يأتي في ذيل «البيزنس»، إن اعتبرنا الأمر مربحا، قد كسب صيتا ما بوجود جوائز تحمله على ظهرها، وتأتي المشكلة في عدم الوفاء بالوعود، حتى لو كانت بسيطة، وغير مكلفة، مثل أن يترك الكتاب الفائز سنوات قبل أن يتذكره أصحاب الجائزة، وينشروه، أو لا يدفع المبلغ البسيط جدا لمن يستحقه، وبلا أي سبب.
منذ سنوات، وفي عهد النظام المظلم، كنت في الخرطوم، وأخبروني عن مبدع حصل على جائزة في القصة القصيرة، قيمتها حوالي المئة دولار، كانت أعلنتها سلطة الولاية التي يقيم فيها، فرح كثيرا بتلك الجائزة، وارتفعت معنوياته وآماله، في أنه يستطيع أن ينافس بإبداعه ويحصل على جوائز، حتى لو كانت بسيطة، وتلك المئة دولار، رغم هشاشتها، وأنها مبلغ ضعيف إذا ما قورن بالمبالغ المالية، يمكنها أن تسد ثغرة ما في الحياة الصعبة. الذي حدث أن المبدع حصل على شهادة التقدير التي كتب فيها اسمه بحبر أزرق، ووقع عليها الوالي، ولم يحصل على المبلغ المرصود، طالب بحقه حوالي العام ولم يحصل عليه، وتوفي من دون أن يحصل عليه.
هذه جائزة حكومية كما يفترض، وقيمتها أقل من قيمة عشاء عادي يمكن أن يتعشاه أي مسؤول، في مطعم عادي على شاطئ النيل، ولا تساوي شيئا أمام تلك الأموال الغزيرة التي نهبت وتكدست في خزائن بعيدة، وشيدت بها أبراج هنا وهناك، جائزة منهكة، صغيرة، ورغم ذلك لم تمنح لمبدع حصل عليها، ومات وهو ينتظرها، وكان السؤال: لماذا إذن هذه الجائزة؟ ولماذا إذن أعلن عن مبلغ مالي لها، وليست هناك نية لدفعه؟
كان من الممكن ترك الأمر، مجرد ورقة مستطيلة، وسيرضى بها المبدع، وسيبتسم وهو يحملها، أو حتى لا يعلن أصلا عن جائزة أدبية ما دام الأمر بهذه اللعنة؟
نموذج آخر، لا أعتبره احتيالا ولكن سوء تقدير من الذين رصدوا جائزة فيها مبلغ مالي، ولكن لم يقدّروا حجم الخسارة التي يمكن أن يقعوا فيها، وبالتالي وقفوا عاجزين حين حدثت الخسارة. هنا تعلن دار نشر متحمسة عن تلك الجائزة، وفي ذهن أصحابها ربح كبير من جراء بيع الكتب سيحدث، يغطي مبلغ الجائزة، ويفيض، وتطرح الكتب ولا يغطي بيعها شيء. هنا ثمة إحباط مشترك بين الناشر صاحب الجائزة، والمبدع الذي حصل عليها، وحرج كبير بكل تأكيد، قد لا يستطيع أحد معالجته.
لست ضد الجوائز كما أردد دائما، ولكن أتمنى قبل الإعلان عن جائزة، خاصة إن كانت مالية، أن يوضع مبلغها بعيدا عن الاستهلاك، ويصبح جاهزا ليتسلمه الفائزون، بدلا من طرح العشم بلا فائدة، وتحويل المناخ الإبداعي إلى ساحة صراع وتنافس على الوهم. الناس تحتاج لرعاية إبداعها، أكثر من احتياجها لتجويعه هكذا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.