رأت صحيفة "هافنجتون بوست" الأمريكية، أن الزخم الذي اكتسبته الشراكة الاستراتيجية الحالية بين إيران والسودان نتيجة للتطورات الجيوسياسية الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا قد يكون له بعض التداعيات السلبية على السودان. ولفتت الصحيفة الأمريكية في مقال تحليلي اليوم، إلى أن هذا التحالف الاستراتيجي يهدف في المقام الأول لإضعاف شوكة إسرائيل، وبالتالي الولاياتالمتحدة في كافة أنحاء شرق إفريقيا مضيفة "ويشتمل هذا التحالف المتنامي بين إيران والسودان على محاولات من قبل الجانبين لتحقيق أهداف أخرى، من بينها كفاح السودان ضد القوى الأخرى التي تشكل تهديدات وجودية لنظام الخرطوم ومصلحة إيران في إنشاء ممر أسلحة بديل لغزة ولبنان، لاسيما وأن سوريا من المرجح أن تستمر في حالة من عدم الاستقرار على المدى القريب إلى المتوسط". وتابعت قولها "ومع ذلك، بعض من حلفاء السودان من الدول العربية ذات الأغلبية السنية، كالمملكة العربية السعودية، تعارض وبشدة تنامي الشراكة (الإيرانية-السودانية)، وهو ما يمثل تحديا للخرطوم لتعزيز علاقتها مع طهران، بينما تحافظ على تحالفها مع السعودية ودول أخرى في المنطقة منوهة إلى أن الخرطوم قد تواجه مشكلة حقيقية، إذ أنها تعتمد اقتصاديا في ما يقرب من ثلاثة أرباع الصادرات السودانية تصل إلى دول مجلس التعاون الخليجي على دول من المرجح أن تعارض تزايد الوجود الإيراني في شرق إفريقيا باعتباره يمثل انحراف جيواستراتيجي". علاوة على ذلك، فقد ارتفعت بعض الأصوات داخل المعارضة السودانية والتي تعارض التواجد العسكري الإيراني في البلاد، بدعوى أن العلاقات السودانية - الخليجية ستواجه صعوبات، فضلا عن أن هذا الوجود العسكري قد يقوض احتمالات إقامة أي علاقات ودية مع الولاياتالمتحدة. وأوضحت الصحيفة أن الرئيس السوداني عمر البشير يرى أن معظم التهديدات الوشيكة لبقاء نظامه تضاءلت نتيجة لهذه الشراكة المتنامية مع إيران، فتدفق المزيد من الأسلحة المتطورة والتدريب من قبل إيران سيعزز موقف الخرطوم، في ظل التكهنات باستمرار الصراع بين السودان وجنوب السودان لسنوات قادمة. وأشارت الصحيفة إلى أن البشير لديه كل ما يدعو إلى مواصلة تعميق العلاقات السودانية-الإيرانية، فهو يدرك أن إيران عازمة على توسيع نفوذها في إفريقيا، وأن السودان لديها دور فريد في تعزيز ذلك الهدف؛ وفي ظل استمرار النزاع بين إيران وإسرائيل والولاياتالمتحدة حول برنامج طهران النووي، واستمرار الأزمة السورية - التي يهدد تفكك "محور المقاومة" في الشرق الأوسط - والتوتر بين السودان وجنوب السودان، يبدو أن إيران والسودان يعتبران الشراكة الاستراتيجية بينهما سيكون لا غنى عنها ولفترة طويلة. واعتبرت الصحيفة أن الأنباء الأخيرة التي نقلتها وسائل الإعلام بشأن توقيع زيمبابوي عقد لبيع يورانيوم لإيران، والتي تم نفيها من قبل وزير المناجم في زيمباوي أوبرت مبوفو، سترفع من الرهانات بشأن محاولات إيران المفترضة لامتلاك الأسلحة النووية، وستكون حافزا للسودان لتعزيز الدور الذي تقوم به في توسيع سعي إيران للسلطة والنفوذ في الشرق الأوسط وما وراءه. وبناء على ذلك، وبرغم التداعيات السلبية والانتقادات، رجحت الصحيفة الأمريكية أن يستمر السودان في لعب دور غير مباشر ومؤثر في المشهد الجاري في إفريقيا والشرق الأوسط.