نص المذكرة التي تقدَّم بها الشيخ علي طالب اللّه مؤسس حركة الإخوان المسلمين في السودان 1982م وسلم منها نسخة لمكتب الرئيس نميري وأودع نسخة في كل سفارة عربية وإسلامية ومكتب جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي هذا رأيي فاشنقوني أيها الملوك العرب.. أيها الرؤساء العرب.. أيها الحكام العرب.. لقد فشلتم جميعًا فاستقيلوا.. لقد قاد الزعماء هذه الأمة: سعد زغلول في مصر، إدريس السنوسي في ليبيا، محمد الخامس في المغرب، الحسين بن علي في الحجاز، عبد العزيز بن سعود في الجزيرة العربية، محمد أحمد المهدي وإسماعيل الأزهري في السودان، يوسف العظمة في سوريا، أمين الحسيني وعبد الكريم الريفي وعمر المختار وغيرهم من الجيل الذي سبقكم قادوا هذه الأمة العربية المسلمة فصارعوا الاستعمار وقهروه وفتحوا أبواب الحرية فدخلوها مرفوعي الرؤوس هم وزملاؤهم، واتضح الطريق طريق العزة ووصلوا أطراف التاريخ حتى التحم أولهم بآخرهم وماضيهم بحاضرهم وطردوا الاستعباد والاستعمار إلى ما وراء الحدود وأشرقت شموس المجد والخلود وبدأت الأمة الوسطى تفتلز الكوكب الأرضي وتنهض وتتحرك أشرقت شموس العدالة والحرية والكرامة تضيء الطريق واتضح أمام الأمة الزاحفة تحت ظل الرجولة والوثابة والإقدام الكاسح والفضيلة التي تضيءالطريق واتّضحت أمام الأمة الفاضلة مسالك الحرية والعدل لتلجها شعوب العالم أجمع وراءهم كما فعلت من قبل ذلك بقيادة نبي من أولي العزم ورجال اختطوا للبشرية جمعاء مرافئ السلام وأشاروا بسيوفهم وحكمتهم وعزيمتهم التي لا ترهب طغيانًا ولا تخاف إلا الله إلى مشارف المجد والسلام فاتبع العالم أجمعه درب علومهم وحضارتهم التي استنارت بآيات نزلت من فوق سبع سموات.. ثم ماذا؟ ثم جاء الأن جيلكم، جيل الحكام الذين فارقوا الطريق فذلوا أنفسهم وأذلوا شعوبهم، فهم جيل الحكام العملاء الذين خضعوا لمؤامرات الأعداء والأسياد في موسكو وواشنطن وباريس ولندن (ليتبعوا ما بدأه عبد الناصر بقيادة نهرو وتيتو) عندما رفضوا الإسلام وعدالة الإسلام واتهجوا بالشعوب الإسلامية بالقهر والإفساد إلى مناهج القومية البغيضة التي رفضها وأدانها الإسلام فجعل من الزنج والأقباط والفرس والأفغان والعرب والسودان أمة واحدة اختارتها السماء لتقيم كلمة الله ودولته وملكه بين عباده، تلك الأمة التي قادها عمرو بن العاص، عقبة بن نافع، طارق بن زياد، عبادة بن الصامت، وعمر بن عبد العزيز وجده بن الخطاب وأبوبكر الصديق ورسولنا محمد القاسم، تلك الأعمدة الفولاذية التي قام عليها صرح المجد البشري والعدالة الإنسانية ومقاييس أسنان المشط. أيها الرجال.. إنه لا تزال تنبض بخفقات الإيمان وومضات الهداية قلوبنا ولا تزال تستضيء بنور الإسلام عقولنا فنحن أقرب إلى السماء منكم.. أيها الحكام.. ابعدوا عنا وخلوا بيننا وبين أعدائنا وسنعرف كيف نعيد الكرّة عليهم، ونبدأ الجولة يا أشباه الرجال ولا رجال... تنافرتم أهواء وأغراضًا.. واختلفتم أسيادًا وأربابًا فارفقوا بنا وخلوا بيننا وبين أعدائنا.. لقد فشلتم جميعا فاستقيلوا.. تائهون في مهامة التبعية والعمالة.. فشلتم في أن تقودوا أمة من أعظم الأمم وأخطرها شأنًا إلى معركتها التاريخية بعدتها وعتادها وإمكاناتها وأهدافها التي يسندها حائط من التاريخ المضيء ويدفعها شرع من العدالة والحق والسلام والقوة القاهرة الغلابة التي لم يعرف لها مثيل،،، قاتل الله الجهل والجهلاء... لقد سقتم جموعنا مهزوزة بالخيانات، مزودة بالأسلحة الفاسدة، جائعة عارية.. سنة 1948م ألقيتم رجالنا إلى الصحراء فماتوا ظمأ. وقتلتم عبد القادر الحسيني في القسطل وطردتم القاوقجي قائد المجاهدين العرب وقتلتم فرغلي وعودة وأسلمتم رجالنا في الفالوجة وسحبتم البقية الباقية من المرضى والجرحى إلى زنازين الطور من ساحة المعركة المضطرمة إلى ظلمات الزنازين ثم عدتم إلى عروشكم وإماراتكم وسلطانكم تجرون ذيول الخيبة التاريخية تطلبون الرأي من موسكو وواشنطن (وهو ما لا يقبله ويعتمد عليه أجهل الجهلاء بحقائق الأمور) وتركتم حدودنا سائبة مبتذلة في أيدي الصهيونية والأمريكان فعبثوا بنا وبحقوقنا وعروضنا وأرضنا كما شاءوا وكيف ما شاءوا ولقد قلنا لو كنتم تسمعون أو تفهمون نخوضها إسلامية عارمة كاسحة تحت راية القرآن لنهزمهم ونشتت شملهم كما فعلنا بهم في خيبر، فالذي يحاربنا عنصري يهودي قلتم لا، لأن في لبنان شرذمة من المسيحيين المارونيين، خبرونا ومن هم؟ من المسيحيون، أهم سعد حداد وفرنجيه وكاميل شمعون آل الجميل وفصائلهم التي تحاربكم الآن بجانب الإسرائيليين وتنتهك حرمات المسلمين وتقتل الآلاف من المسلمين وتشوه تاريخ الحق ومعاني الفضيلة على هذا الكوكب، وتضربنا من الخلف، هؤلاء هم المسيحيون الذين تركتم من أجلهم الإسلام يا أجهل الجهلاء. واحتميتم بأمريكا التي توقع الاتفاقات الإستراتيجية يوم اجتماعكم في فاس وتبدأ المناورات على الشواطئ العربية ضد الوجود العربي مع الجيش الإسرائيلي.. وعقدتم آمال السراب على روسيا التي كانت ومازالت تصدر مئات الآلاف من يهودها عن طريق بولندا إلى ما أُعد لهم من مستعمرات في أرض العرب لاحتلالها إلى الأبد. أيها الرجال: استقيلوا جميعًا وخلوا بيننا وبين أعدائنا فهذه الأمة تعرف من بين سطور كتابها ما هو مصيرها: ومن أين تبدأ.. فشلتم أن تفعلوا شيئاً حتى بعد إبادة المسلمين من العجزة والنساء والأطفال بالآلاف وأن تقرروا القرارات المناسبة والحاسمة لحماية أرضنا وأرواحنا وعروضنا. أيها الرجال: ليس هذا هو السلوك المناسب والإجراء الصحيح لحمايتنا وحماية عقيدتنا. استقيلوا جميعاً لقد فشلتم: مجلس الأمن وأي أمن هذا: ألم تعلموا أن الغرب لا يعترف بمجلس أمن وكسر وخالف جميع قراراته ونحن في انتظار المجالس واستجداء الدول، وأن الحريات والحقوق لا تستجدى ولكن تؤخذ بأيدي الشعوب الحرة وبقيادة الرجال المخلصين الصادقين مع أنفسهم ومع شعوبهم فكم بربكم من القضايا التي عرضتموها على مجلس الأمن سيطر عليها أساطين الاستعمار الخمسة وعدتم فاشلين.. وعندما كانت إسرائيل تتسلح حتى بلغت المستوى الذري كنتم أنتم في شغل شاغل بالحفلات الراقصة والموسيقا الحالمة والمؤتمرات الفارغة من كل محتوى وجئتم الآن تتخاذلون وراء قوة إسرائيل عليكم في العدة والعتاد وكنتم تتخاذلون وتتخاصمون وتتشابون كالأطفال من أجل مصالحكم الشخصية بمعزل عن مصالح الشعوب التي أمنتكم وسلمتكم قيادها وكنتم تتنافسون في اقتناء الموديلات الفارهة من السيارات بدل المدرعات والطائرات والدبابات كما كانت تفعل إسرائيل فبدَّدتم أموالنا وضيَّقتم إمكاناتنا وأشعلتم النار في تاريخنا المضيء وألحقتم العار بأمتنا القائدة.... أيها الحكام العرب.. أيها الرؤساء العرب.. أيها الملوك العرب.. لقد فشلتم جميعًا فاستقيلوا.. وخلو بيننا وبين أعدائنا تمنيتها ثورة للعلا تجلل كالعاصف الزعزع تميل على كل عاتٍ عتا فتدمي وتعمي وليس تعي فتدور القبور فلا ميت وتمحو السطور فلا مدعي وتدوي في الكون من رجعها زئير في الأفق الأوسع تمنيتها ثورة للعلا تبوح بسرى ومستودعي