إن من سنن الله عزَّ وجلَّ وقوانينه الكونية التي مضى القرآن في آيات كثيرة يبيِّنها ويذكِّر بها أنه لا تقع مصيبة إلا بمعصية، ولا تُرفع إلا بتوبة وأن عذاب الله وسخطه حاق بقوم لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر، قال تعالى «لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» وما تمر به بلادنا من محنٍ وابتلاءاتٍ وضمورٍ فى التديُّن وذُبول في القيام بأمر الله نهيًا عن المنكر وأمرًا بالمعروف وانتفاش للباطل وأهله وإحباط في أوساط الإسلاميين في ظل حمّى المذكرات تبقى مؤشرات تستوجب الوقوف عندها، هذا الكلام أسوق بيِّنته وبرهانه بعض ما يُكتب في الصحف اليوم وما نراه على شاشات الفضائيات السودانية التي تستعرض في شكل دعائي زواج المساكنة والزواج العرفي في تسويق يهدِّد أخلاق شباب الأمة، القارئ الكريم صدِّق أو لا تصدِّق أن هذا الكلام الذي سأسوقه كُتب في صحف تطبع في الخرطوم!، الخرطوم التي قاطعت الدنمارك عندما سخِرت صحفها برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!، وقد كتب الدكتور محمد وقيع الله عدة حلقات في الرد على المدعو طه إبراهيم المحامي الذي كتب مقالات لا يمكن أن يصدق أحد أنها نشرت في صحف سودانية، فقد ذكر أن الله أمر بأوامر في الشريعة وهي مضرة بالبيئة وأن كثيراً من آيات القرآن بحاجة إلى مراجعة ومن ذلك ما نشره سابقاً بصحيفة السوداني عن الحدود الإسلامية وثوابت الدين وكان مما كتبته يداه الآثمتان وقد سأل سؤالاً: هل النسخ محكوم بزمان معيَّن؟ بمعنى هل توقف النسخ بانقطاع الوحي أم يمكننا نسخ آيات القرآن حتى الآن؟ ثم أجاب عن سؤاله قائلاً: علينا أن نتعرّف على آيات الله، وأن نعمل ونواصل اختبارها في الواقع، فمتى ثبت عدم صحتها علينا أن نقرِّر أنها نُسخت باعتبار أن الله حكم بذلك، فظهور كذب الآية كلياً أو جزئياً هو علامة نسخها الكلي أو الجزئي، وهو أمرٌ يستوجب مواصلة البحث عن الآية التي تحل محلها، أو أية آيات جديدة تقدِّم تفسيرات أدق للكون والطبيعة والحياة!!، القارئ الكريم هل تصدق أن هذا الكلام قد نشرته صحيفة سودانية؟! إن القرآن الكريم نقوم باختباره علميًا لمعرفة صدقه من كذبه!!، وأن بعض أياته قد يثبت كذبها فتكون بذلك قد نُسخت وأن نسخ القرآن وإلغاء أحكامه غير مرتبط بالوحي!!، إن الخرطوم التي تسمح بنشر مقال على هذا النحو وهي توقف بعض الصحف لأسباب أمنية فمتى يكون الأمن الفكري والثقافي للأمة على سلم الأولويات؟!، إن الخرطوم هذه التي أعلنت مقاطعة الدنمارك التي أساءت للرسول عليه الصلاة والسلام ثم هي تسمح بنشر كلام يشكِّك في صدقية القرآن نفسه مهددة أن يوقع الله بها عذابًا شديدًا وغضبًا مدمِّرًا إن لم تتُب إلى الله، قال تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول فدمرناها تدميرًا»، إن لله سننًا لا يجامل فيها ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلاً ولا وليًا صالحًا، إن بلادنا وهي تخوض معركتها مع المتربصين بها أحوج ما تكون إلى تأييد الله ونصره.. والسخرية بالدين والاستهزاء بالشريعة من موجبات غضب الله تعالى وخذلانه. ثم ضرب الكاتب مثالاً على نسخ أحكام الإسلام بعد انقطاع الوحي وهو يتحدث عن العقوبات الإسلامية فقال «وتضمنت عقوبات ذلك الزمان قدراً هائلاً من التنفيس عن رغائب التشفي والانتقام والإذلال الذي كان يستعذبه الهمجي عندما يمارسه على عدوه سواء كان حيوانًا أو إنساناً»، فرسولنا عليه الصلاة والسلام الذي بُعث رحمةً للعالمين كانت العقوبات التي شرعها تعبيرًا عن الهمجية والتشفي وحب الانتقام بحسب الكاتب، ثم قال «لقد انكشف الآن أن هذه العقوبات التي كانت تسمى بالعقوبات الحدية وكان يقال بأنها صالحة لكل زمان ومكان لأنها وردت بنصوص قطعية السند والدلالة أنها جميعاً قد نُسخت إذ لم يعد تطبيقها في وسع الإنسان!!». هذا بعض.. بعض ما جاء في مقالاته من هرطقة وسخرية بالدين وطعنٍ في أصوله ومصادره، إن جرأة كاتب سوداني في صحيفة سودانية على كتابة ما ذكرته يعتبر مؤشرًا خطيرًا على مرحلة جديدة يريد البعض أن يجر إليها البلاد جرًا، مرحلة لا تراعي لله حرمةً ولا للمسلمين مقدسًا، والمرحلة هذه بالجرأة والسخرية هذه مع فتاوى الصادق المهدي المستفزة للأمة والأيادي العابثة تعمل على تفخيخ الساحة الدينية في السودان إن لم ينهض العقلاء لإيقاف هذا العبث فإنه ستنهض له كتائب لا وُعَّاظ وكُتَّاب فإن عقوبة الله إذا حلَّت لم ينجُ منها إلا القائمون بأمر الله نهيًا عن المنكر وأمرًا بالمعروف، قال تعالى: «فلما نسوا ما ذكروا أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون» فإن الطعن في الدين دواؤه القرآني واضح، قال تعالى: «وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون»، فالسخرية بالدين عندما تبلغ حدًا تشكِّكُ في الثابت وتطعنُ في القطعيات وتمسُّ المقدَّسات على هذا النحو الذي تجعل كاتبًا يتجرّأ فيزعُمُ أنَّ القرآن منه ما هو كذبٌ ومنه ما هو صدقٌ وأنَّ آياته يمكننا أن نختبر كذبها من صدقها، فقولوا لي بالله عليكم ماذا بقي لنا من دين وماذا بقيت لنا من حُرمة؟!! بل باطن الأرض عندئذٍ خيرٌ لنا من ظاهرها، وإن من الأمراض والأدواء ما لا تشفيه كلمة ولا موعظة ولا كتابة بل كتيبةٌ تقومُ بالحقِّ وتنصرُ الدينَ وتحفظ للقرآن قدسيَّتَه وللإسلام حرمَتَه.. إن التطرف يصنعه تطرف مقابل فإن هذا الحديث المتطرف والكلام المتطرِّف والفتاوى المتطرِّفة تجاه المرأة وحجابها هي التي تصنع تطرُّفاً مقابلاً.. فالتطرف عملة لها وجهان وجه التفريط ووجه الإفراط، فمن أضرم نار تفريطها سيصطلى بنار إفراطها!!.