عقب انفضاض الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف علقت بالنفوس كثير من المسائل المحزنة جراء ما صاحب الاحتفائية من معارك نشبت بين الجماعات السلفية وجماعة أنصار السنة، وسبق ذلك الاعتداء على عدد من الأضرحة بمناطق متفرقة من البلاد، ووسط هذه الأجواء أقامت وزارة الإرشاد والأوقاف ملتقاها التنسيقي السابع للوزراء المعنيين بالدعوة والذي خصص للخطاب الدعوي وهو لم يأت على خلفية ما جرى وقد تم الترتيب له قبل فترة طويلة وكذلك المكان الذي كان ولاية كسلا، لكن اختيار الأخيرة كان هو الأنسب لجهة ان ولاية كسلا لم تشهد أي نوع من الصدام بين الجماعات الإسلامية كما أن الخطاب الدعوي لجماعاتها الإسلامية يخلو من التطرف وهو ما جعل واليها محمد يوسف آدم يباهي بكسلا الولاية ويشير إلى أن سمة الاعتدال انتقلت حتى لأحزاب الولاية المتوافقة بغض النظر عن مواقف قياداتها في المركز، وسبق لكسلا أن توافقت على أمر لم يطبَّق في أية ولاية أخرى بالسودان حتى الآن على ما أعتقد وهو إنشاء مجلس معني بتوظيف الخريجين تم تشكيله من شباب كل المكونات السياسية بالولاية، وقد يكون ذلك ما دفع وزير الشؤون الاجتماعية بكسلا النور أبو محمد لوصف ولايتهم بولاية الاعتدال الوسطى والإشارة إلى دورها في الحراك الدعوي في السودان وصل مرحلة رفدها للويات الأخرى بالأئمة والدعاة وبالقطع مرد ذلك أن كسلا تضم أكبر مركز دعوي على نطاق القارة الإفريقية وهو خلاوي ومسيد همشكوريب بجانب «770» خلوة ونحو «1250» مسجداً مما أهل حَفَظَة القرآن الكريم بالولاية من حصد الجوائز في مهرجان القرآن الكريم الذي احتضنته جنوب دارفور حيث احتلت كسلا المرتبة الأولى، ويذكر أن مدينة همشكوريب استهدفت بواسطة الجيش الشعبي الجنوبي قبل سنوات خلت لإيقاف المد الإسلامي. تداول المجتمعون الذين مثلوا كل ولايات السودان ربما عدا جنوب كردفان حول هموم الخطاب الدعوي، ودعا وزير الشؤون الاجتماعية بسنار فضل المولى الهجا إلى ضرورة تصحيح كثير من المفاهيم والمصطلحات التي يحملها الخطاب الدعوي، كما دعا إلى ضبط الخطاب الدعوي الذي أقر وزير الدولة بالإرشاد محمد مصطفى الياقوتي بضعفه، وقال في ورقة قدمها في الملتقى إن الخطاب الدعوي في عصرنا هذا مخجل لضعفه من حيث المساحات المغطاة ومن حيث طريقة عرضه، وقال إن الخطاب الدعوي بين المسلمين يعيش واقعًا ظلاميًا فهو يقوم علي التكفير، وأشار إلى أن ما يضعف الخطاب أن الدعاة ينظرون إلى الذين هم موضوع الدعوة بعدوانية، وقد أقر والي كسلا في فاتحة أعمال الملتقى بظهور بعض بعض الظواهر والسلوكيات التي وصفها بالمستغربة مما يحتاج إلى طرح إسلامي أصيل ووسطي. وقد تباينت آراء المشاركين في الملتقى من وزراء ومسؤولين معنيين بالدعوة بشأن الخطاب الدعوي واتفقوا على ضرورة ضبطه بل أن يذهب البعض إلى ضرورة تجديده، وقد قال د. الأمين الصادق في ورقته «الخطاب الدعوي رؤية تأصيلية» إن المراد بتجديد الخطاب الديني هو إيجاد خطاب دعوي معافى يربط الأمة بعبوديتها للخالق ويصبغ حياة الأمة في جميع شؤونها بمنهج الإسلام الكامل، وقد ذهب وزير الإرشاد والأوقاف د. خليل عبد الله إلى ضرورة البحث في سبل مقاربة بين الخطابات الدعوية وتطوير أساليب الدعوة، وقال في خاتمة الملتقى إن ذلك من شأنه أن يتم وفق اتباع أساليب علمية وزاد عليها الوزير محمد الياقوتي مسائل مثل تغليب حسن الظن وعدم المسارعة إلى إصدار الأحكام وتركيز الخطاب نفسه على القضايا الكبرى التي تشكل هماً مشتركاً.