شيّد الموسيقار رياض السّنباطي وحنجرة كوكب الشرق أم كلثوم مجداً باذخاً للأغنية الدينية. ومنحا مصر عرش الصدارة الخالدة في العالم العربي والإسلامي في سماء الأغنية الدينيَّة، ليبقى بهاء الشعر الجميل وأمواج الموسيقى الرائعة والصوت الذهبي في فضاءات الوجدان والذاكرة، مابقيت الحياة. كانت بدايات السّنباطي في تلحين القصائد الدينية الجميلة بديوان الشوقيات لأمير الشعراء أحمد شوقي فبدأ بقصيدة (سلوا قلبي) ثم (نهج البُردَى) التي جارى فيها شوقي (بُردَة) الشاعر (البوصيري) أمن تذكُّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ٭مزجت دمعاً جرى في مُقلتي بِدَمي. ثم أعقب السنباطي برائعة الأغاني الدينية الشهيرة (وُلِدَ الهُدى) ثم قدَّم السنباطي وأم كلثوم عام 1956م (إلى عرفات) وهي كذلك من كلمات أحمد شوقي. يُذكر أن كوكب الشرق (أم كلثوم إبراهيم) قد تغنت من ألحان رياض السنباطي بأغنيات خالدة مثل (رابعة العدوية) و(علي عين بكت عيني) و(تائبُُ ُ تجري دموعي ندما) و(عرفت الهوي) و(ياصاحبة الرَّاح) و(العقيدة البديعة) و(حديث الروح) للشاعر الباكستاني والمفكر الإسلامي المجدِّد (محمد إقبال) وقد غنتها عام 1967م. ثم كانت (الثلاثية المقدسة) ثم القصيدة الجميلة التي كتبها الشاعر الرائع بيرم التونسي عن تجربة الحجّ، قصيدة (القلب يعشق كلّ جميل) التي جاء لحنها وقوراً وقار ألحان السّنباطي التي سبقتها. وقار يمتد بجذوره إلى وجدان حافظ القرآن الموسيقار رياض السّنباطي. رياض السّنباطي مثل أم كلثوم حفظ القرآن منذ صغره وأتقن تجويده. قصيدة (القلب يعشق كل جميل) سبق أن لحنها وغناها الشيخ الموسيقار (زكريا أحمد) عام 1946م. ويلاحظ أن العديد من موسيقيي مصر الكبار هم شيوخ ذوو خلفية دينية كبيرة، من الشيخ سيد درويش إلى الشيخ زكريا أحمد إلى الشيخ رياض السّنباطي إلى الشيخ محمد عبدالوهاب الذي كان مؤذناً لمدة أربع سنوات في مسجد بمدينة (طنطا). ثنائية كوكب الشرق في الأغنية الدينية مع السّنباطي، تبرِز الوجه الإبداعي الجميل الآخر للسيّدة أم كلثوم التي تسلطنت على وجدان المحبين بإبداعات مرسى جميل عزيز وأحمد شفيق كامل وجورج جرداق ومأمون الشناوي. تسلطنت (الستّ) ب (إنت عمري) و(أمل حياتي) و(دارت الأيام) و(هذه ليلتي) و(يا مسهرني) و(ألف ليلة وليلة) و(غنِّيلي شِوَي شِوَي غنِّيلي وخد عيني) من كلمات بيرم التونسي، كما تسلطنت ب (الأطلال) من كلمات إبراهيم ناجي وألحان رياض السنباطي، ذلك إلى جانب أغنيات أم كلثوم القومية والوطنية والعاطفية. رياض السّنباطي وأم كلثوم في الغناء الديني والألحان الدينيَّة تجربة فذة خالدة لم تتكرر. اللهمّ ارزقنا تجربة سودانية خالدة في الغناء الديني تنقلنا من عالم (الطار)... آمييين!.