التعليم والحاجة لتغيير المفاهيم الحديث عن العملية التعليمية يحتاج لأكثر من هذه الزاوية لمناقشة قضاياها المتشعبة والمترابطة ارتباطًا وثيقًا لا نستطيع تجاوز جزئية منه لنذهب لأخرى وفي اليومين الماضيين عقد المؤتمر العام للتعليم والذي ضم الخبراء والمختصين كافة والمسؤولين عن التعليم العام والعالي تلاقت أفكارهم وخرجت بعد نقاش مستفيض برؤية موحدة تسلّمها النائب الأول لرئيس الجمهورية. أوصى المؤتمر بتعديل السلم التعليمي بإضافة السنة الناقصة إلى مرحلة الثانوي وإعداد منهج جديد للغة الإنجليزية وإعادة صياغة المناهج الدراسية ويبدو أن تغيير السلم التعليمي لأكثر من مرة في السنوات الأخيرة أثبت بلا أدنى شك عدم جدواه وانعكست آثاره السالبة على الطلاب في جميع مراحلهم الدراسية؛ لأن النظام القديم في رأيي كان يراعي الحد البعيد جميع المقدرات النفسية والجسمية والذهنية للطلاب والطالبات. في السابق كان هنالك اهتمام متعاظم بالتعليم واليوم ظهرت بدائل كثيرة لجأ إليها الطلاب مثل الإنترنت بدلاً من الكتب والفيسبوك بدلاً من المكتبة المدرسية. اختفت من المناهج كل المواد التي تنمِّي مقدراتهم وتحفِّز فيهم الإبداع مثل الفنون الجميلة وحصة النشاط الرياضي والتدبير أو الاقتصاد المنزلي والمكتبة دون أسباب واضحة. المعلمون كانوا ينالون قدرًا كبيرًا من الاحترام من الطلاب والأُسر والمجتمع الآن تغيَّر الحال؛ فالمعلم في نظر البعض مجرد أداة للتدريس فقط لا غير؟. أصبح الهم الشاغل لكل العاملين في العملية التعليمية جمع الرسوم من الطلاب.. رسوم الدراسة والكتب واللبس وفي بعض المدارس يتعدى الأمر لجمع رواتب المعلمين من الطلاب أنفسهم أو أسرهم دون أي مراعاة للظروف المالية في بعض المناطق في الريف القريب من الخرطوم.. يبدأ اليوم الدراسي متأخرًا جدًا وقديمًا يُمنع الطلاب من الدخول بعد فوات الزمن المحدد؟ ويعاقب الطلاب حال التأخُّر بدون عذر واضح أو يتم استدعاء ولي أمره؟ واليوم نرى جموعًا من الطلاب أثناء الدوام المدرسي جعلوا الشوارع والطرقات مدارسهم وهم على يقين بألّا أحد يسأل أو يراقب. في السابق الاجتهاد والمنافسة سمة غالبة للطلاب للحصول على مراكز متقدمة يتباهون بها بين أقرانهم وعائلاتهم والآن «ما فارقة» بالمرة. كان التعليم الحكومي له الأولوية والاهتمام وجاء التعليم الخاص ليحل محله رغم ارتفاع التكاليف المادية في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها الدولة والمواطن. بعد انتهاء سني الدراسة نواجه بمشكلة العطالة بين الخريجين وانعدام فرص التوظيف. في السابق كان التعليم مجانًا وتغيَّر الحال؟ في ظل العولمة والإنترنت تزايدت أعداد الفاقد التربوي وهي حقيقة مفارقة كبيرة، حيث نجد في الخرطوم مدارس حكومية وخاصة تنعم بالخدمات وأخرى في الولايات على النقيض تمامًا، الأمر الذي يؤكد أننا بحاجة إلى ثورة في التعليم.