العقبات التي واجهت الزراعة بالشمالية خلال الحقبة الماضية جعلت العديد من المزارعين يتجهون إلى مهن أخرى ولم يخلُ منها السفر والاغتراب عن الديار رغبة في تحسين الحال وأملاً في وضع اقتصادي جيد عند المآل، كما اتجه العديد منهم إلى حقول الذهب أملاً في العائد السريع والذي وصفوه بالمضمون، ولذلك تسابق حكومة الولاية الشمالية الخطا من أجل الإسراع في «كهربة» المشروعات الزراعية للحفاظ على ما تبقى من الممسكين بمهنة الزراعة والقابضين على جمرها الحارق في أغلب الأحيان، ومن ذلك فقد نظمت محلية دنقلا خلال الأيام الماضية عددًا من الاحتفالات كان الأبرز فيها افتتاح كهربة عدد من المشروعات الزراعية بعدد من المواقع شملت مناطق «شرق النيل وغرب النيل» إلى ذلك ووسط هتافات من قبل المزارعين والذين علت حناجرهم بالقول «بالإنجاز تركنا الجاز» ابتهاجًا بدخول الكهرباء لمشروع «خور أرقو» بشرق النيل فقد افتتح والي الشمالية فتحي خليل كهربة المشروع الذي أعاد الحياة لأراضٍ طغت عليها أشجار المسكيت والعشر بسبب ارتفاع تكاليف الزراعة واعتماد المزارعين على موسم واحد فقط هو الموسم الشتوي. ويرى والي الشمالية فتحي خليل الذي خاطب الجماهير المحتشدة بساحة المشروع احتفالاً بهذه المناسبة أن «كهربة» مشروع خور أرقو تعني بالمقام الأول توفير مقومات الإنتاج، وأضاف «أن المرحلة القادمة هي مرحلة الإنتاج الحقيقي والاحتفال الأمثل هو عندما نرى الإنتاج قد مكّننا من الاعتماد على ذاتنا» كما وجه والي الشمالية المزارعين بالمشروع بعدم ترك المساحات الزراعية بورًا بعد اليوم مضيفًا أن ترك الأراضي يعني إهدارًا للأموال التي صُرفت في توفير المياه، بينما يرى عضو المجلس الوطني عن دائرة دنقلا بلال عثمان بلال أن الزراعة هي مفتاح التنمية لذلك جاء اهتمام الجهات الرسمية بتقليل تكاليف الإنتاج بكهربة المشروعات الزراعية، بينما استعرض معتمد دنقلا الدكتور الفاتح حسين حجم الجهود التي بُذلت من أجل توفير التمويل اللازم لكهربة المشروعات الزراعية مضيفًا أن المحلية تمكنت من كهربة «300» من جملة «348» مشروعًا غير أن ممثل إدارة المشروع طالب الجهات ذات الصلة ببذل مزيد من الجهد تجاه المشروع الذي يحتاج إلى فتح المعابر على طول الخور وتطهير القنوات إضافة إلى حل مشكلة الديون بالمشروع التي تراكمت به. إلى ذلك فقد شهد والي الشمالية وعدد من المسؤولين بحكومته شهدوا بداية تدشين مشروعات الأسر الفقيرة بشرق النيل حيث تم تسليم ما لا يقل عن «56» أسرة من جملة «76» أسرة وسائل إنتاج شملت «أفران الغاز تربية دواجن» حيث طالبت أمينة المرأة بالمنطقة بضرورة تفعيل التمويل الأصغر للمرأة، كما طالب ممثل المنطقة بتسريع الخطا لإكمال مباني الوحدة الصحية التي لم تكتمل بعد إضافة إلى حاجة المنطقة إلى مدرسة ثانوية ودور للمؤمنات، من جانبه فقد قدم نائب رئيس المجلس التشريعي بالولاية عادل البكري دعمًا ماليًا للشباب والمرأة بلغ ألفي جنيه، كما قدم معتمد دنقلا دعمًا مماثلاً للشباب والمرأة بالقرية أيضًا. إلى ذلك فقد خاطب والي الشمالية فتحي خليل اللقاء الجماهيري بمنطقة «عقب اللقية»غرب دنقلا والذي جاء بمناسبة افتتاح مسجد المنطقة وبداية العمل في مد خطوط الكهرباء إضافة إلى صيانة مدرسة الأساس بالمنطقة حيث امتدح والي الشمالية الأسلوب المميَّز الذي اتبعه أهل المنطقة في التعبير عن مطالبهم، وأضاف «هذه هي الطريقة السليمة في المطالبة بالحقوق والتي تتمثل في ذكر الموجود والمطالبة بالمفقود، وأردف: «في بعض المناطق التي نذهب إليها يذكرون غير الموجود فقط» وشدد والي الشمالية على أن حكومته لا تنوي تغيير مسار خط الكهرباء تنفيذًا لمطالب أهل القرية مشيرًا إلى أهمية ربط المنطقة بالطرق لتسهيل عملية ترحيل الإنتاج موضحًا رغبة الحكومة في تحويل قرية القعب إلى مدينة ووجه والي الشمالية الجهات ذات الصلة برفع تقديرات تكلفة توصيل الكهرباء إضافة إلى وضع خطة وسقف زمني لبداية العمل في المستوصف مطالبًا أهل المنطقة بتعمير المسجد بالصلوات والذكر حتى تتنزل بركات السماء وتتفتح بركات الأرض، كما خاطب اللقاء معتمد دنقلا الدكتور الفاتح حسين الذي أمن على إكمال خطوط الضغط المنخفض في المرحلة القادمة إضافة إلى بداية العمل بالمركز والعمل على إنشاء دورات المياه بمدرسة القعب وفق الاتفاق مع هيئة اليونيسيف، بينما عبر علي أحمد كورشاب أحد أعيان المنطقة عن امتنانه للمجهودات التي بُذلت من قبل حكومة الولاية من أجل تطوير المنطقة وعاب على منتقدي سياسة الحكومة عندما قال «بعض الناس صرحوا في الانتخابات الماضية باتهام المؤتمر الوطني بأنه سيستخدمنا مثل اسكراتش الرصيد ويرمي بنا بعد استنفاد أغراضه»، في إشارة واضحة إلى أن المؤتمر الوطني لن يلتفت إلى ناخبيه بعد أن يفوز أعضاؤه بالمناصب، وأضاف «نقول لهؤلاء أن المؤتمر الوطني أنجز لنا بالمنطقة ما لم تنجزه الحكومات السابقة»، ووجه كورشاب شكره لمعتمد دنقلا عندما قال «نشكر معتمد دنقلا الذي استجلب لنا أشجار المانجو، وجعلنا نتحول من أكل «الدوم» إلى أكل فاكه المانجو». الجدير بالذكر أن «واحة قعب اللقية» والتي تبعد حوالى «45» كيلومترًا غربي مدينة دنقلا هي المنطقة التي اشتهرت بعلاج مصابي الرطوبة عن طريق «الدفن» في موقع يسمى «قوز العافية» والتي تم اكتشافها قديمًا عن طريق عرب البادية الذين يبحثون عن الكلأ والمياه وتسكنها قبيلة العوائدة ويبلغ عدد سكانها حوالى «800» نسمة.