العلاقة ما بين مطالبة المحكمة الجنائية بتسليم أحمد هارون ومحاولة اغتياله وإقالته من سُدة حكم ولاية جنوب كردفان، علاقة ذات سيناريو واحد تكاد لا تختلف في الهدف أو المطلب الأساسي، فقد ظل الرجل يحتل واجهة الأحداث التي اعتاد على إلفتها فعمدت هي الأخرى إلى إلفته لحد كبير، وطيلة حياته السياسية ارتبط الرجل بتوليه المهام الصعبة في المواقع القيادية حتى رسا به المطاف أخيرًا والياً لولاية جنوب كردفان، ففي الوقت الذي صمد فيه الرجل وواجه كل التحديات التي صاحبت الولاية بعد الفوز الكاسح الذي حققه بمنصب الوالي وقطع عهدًا على نفسه ببذل الغالي في سبيل الولاية من أجل إعادة السيرة الأولى لإنسان جنوب كردفان ومنحه أمناً واستقرارًا، ومزيدًا من التنمية التي فقدتها، نجد في المقابل آخرون يسعون للسباحة عكس التيار، وما مضى زمن حتى استطاع الرجل وحكومته إنجاز العديد من التعهدات التي قطعها على نفسه باثاً في نفوس المواطنين الأمل بتحقيق الأمن والاستقرار في كل الولاية، المكافأة التي يستحقها كانت منادات أصوات باستقالته من منصبه كوالٍ، وتعالت مجددًا هذه الأصوات غير أن الخطوة قمعت بقوة من قبل المؤتمر الوطني، نافياً أي اتجاه لعزل الوالي، الأمر الذي رفضه أنصار هارون واصفين الخطوة ب«التخزيلية» لكون أن الرجل يقود الولاية في ظروف أمنية وسياسية وإنسانية معقدة، لم يسلم هارون من المطالبة بإقالته بهجوم مفاجئ من القيادي السابق بحزب الأمة القومي وأحد أبرز أعيان المسيرية عبدالرسول النور الذي وصف الرجل بأنه أحد عناوين الأزمة، منتقداً بشدة السياسة التي يتبعها في جنوب كردفان لكونها تتركز حول المعالجات الأمنية وتستفرد بالرأي والقرار وتغيِّب «حكماء المنطقة» ولاتشاور أحداً، ومضى عبدالرسول النور لأبعد من ذلك حيث طالب رئاسة الجمهورية بالتدخل وإعفاء أحمد هارون من منصبه عبر إجراءات استثنائية تماثل التي تم استخدامها بموجب صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية في النيل الأزرق، غير أن مستشار حكومة ولاية جنوب كردفان ياسر كباشي كشف في حديثه ل«الإنتباهة» عن وجود فئات ومجموعات تطالب بإقالة أحمد هارون، أبرزهم عبد الرسول النور القيادي السابق بحزب الأمة القومي وأبرز أعيان المسيرية، وقيادات المؤتمر الوطني الذين وقفوا من وراء المذكرة الشهيرة التي قدمتها قيادات لتصحيح المسار، وهو الستار الذي أخفت من خلفه قيادات المذكرة رغبتها في إبعاد هارون. إلا أن تلك المذكرة قد تطابقت رؤاها مع ما قطع به القيادي السابق في الأمة عبدالرسول النور إذ لوّحت بأنه أصبح جزءاً من الأزمة في المنطقة، وأن إبعاده يتيح الفرصة لحل سلمي بين الحكومة والحركة الشعبية، مشيرًا إلى أن القيادات ومدعي تمثيل مكوناتها يتحملون جزءاً من مسؤولية ما جرى ويجري من خراب في الولاية، مؤكدًا أن هارون يمثل حزباً سياسياً معروفاً وينفذ أجندته، إلا أنه رغم ذلك يتعرض من قبل بعض قيادي هذا الحزب في جنوب كردفان والمركز لمؤامرة تهدف لإبعاده عن الولاية، متهماً بدوره هذه القيادات بقيادة تمرد بمشاركة ودعم أنصارها أخطر من تمرد الحلو لأنه على حد تعبيره، يستهدف نسيجها وتماسكها الاجتماعي ويرى مراقبون إلى تزامن التحركات الجديدة باتجاه إقالة هارون، مع بعض القرارات التي اتخذها، ومنها قرار إعفاء معتمد «الفولة»، ويؤكد المراقبون أن عملية استهداف هارون التي قال بها، فإنه يؤكد أن القيادات التي تتصدر تمثيل الولاية منذ السبعينيات، تحاول تعليق شماعة فشلها على «هارون»، مبررًا ما ذهب إليه بما يقول عن انتقادات حادة توجه إليهم من قبل قبائل جنوب كردفان، لعدم تقديمهم إلى المنطقة شيء، واستبعد عدد من المراقبين صعوبة إعفاء أحمد هارون من منصبه بقرار استثنائي، مستدلين بالثقة الكبيرة التي حظي بها الرجل من قبل القيادة السياسية العليا وبخاصة «الرئيس ونائبه الأول».. هكذا ظلت وضعية هارون في مناصب عديدة تجعله يقترب كثيراً من الموت والتحديات الصعبة ومنها المطالبة بالإقالة.