الكُتّاب المُترسلون يجب أن ينضدوا اللفظ، ويجودوا المعنى، ويروضوا القوافي في مدح قواتنا الباسلة التي أذهبت الروّع، وأمنّت الجناب، وكففت عُرام أصحاب النحل الخبيثة، والمطامع الخسيسة، الذين يصدر عنهم كل فساد، وينجم منهم كل شر. طواغيت الحركة الشعبية كانوا يتوقعون أن تغشى أجواء الوطن الحبيب الذي انسلخوا عن كينونته أدخنة البوار والدمار بعد أن ذهب البترول الذي لم يستفرغوا الوسع فيه، الذهب الأسود الذي لم يجعل من الشمال حطاماً وأشلاء، فالسودان غني بموارده وعقول بنيه المتقدة، ولكن موطن الداء يكمن في الفساد الذي تزكم رائحته الأنوف، الفساد ومخصصات الوزراء الذين ضاهى تعدداهم في ظل الحكومة العريضة تعداد صانعي الجفان والتماثيل لسليمان، هو الذي جعل السواد الأعظم من هذا الشعب الصامد على عرك الشدائد، يتبلغ بيابس النبت، وآسن الماء. اسرائيل التي يتعاقب عليها وزراء الجنوب تعاقب الظلال، تنصب شراك الفتنة لرواد الخنا، وسماسرة الفجور، وتسدد إلى أفئدتهم الحافلة بالسخائم والأحقاد سهم الغواية بالورق المالي الصفيق حتى يبطلوا الاجتهاد، ويعطلوا العقول إذا كانت لهم عقول للارتقاء بصرعى الفاقة وأسرى المرض قاطني الجنوب الذي تركض فيه المصائب، وتتسابق إليه النكبات. وسلفا كير الذي لا تتوسم النبوغ في ملامحه، أو الكياسة من شمائله بحكم النشأة وسلطان العادة، أسلم مقوده لربيبة الشر معتقداً أنها سوف تسانده مهما ناله من خطوب، أو اختلف عليه من صروف. مفاجآت العام المنصرم قلبت كل وضع، وسبقت كل احتمال، فقد شهدت انهيار أنظمة لا يختلج فيها شعور، أو ترق عليها عاطفة، أنظمة غاشمة مستبدة استطالت على الهدم، وتعمقت على الاجتثاث عقوداً من الزمان، أنظمة لم يكن يأبه طغاتها للبطون الخاوية التي لا تصيب الدواء، والأجساد العارية التي لا تجد الكساء، والأبدان المعتلة التي لا تنال الدواء، طواغيت مناط آمالهم، وحديث أمانيهم العجاف أن يظل السودان في ساق الركب الأممي، ولا يرتقي إلى ذرى المجد، ولما طوتهم الغبراء ووردوا حياض أم خشعم، أبى حمام الموت إلا أن يرفدهم بأذنابهم. المجون الذي وصفه أحد أدباء العربية بأنه أصيل في كل نفس، عريق في كل أدب، يجب أن تتناصر كل شرائح المجتمع على كف ضلاله، وكبح شروره، وذلك بتجفيف منابعه، ورصد المظاهر المنحرفة التي تتنافى مع عاداتنا المغروسة وتقاليدنا الموروثة، وتفعيل قانون النظام العام ومد أكناف الصبر عليه، فهو لعمري كفيل بأن يقينا شرور المظاهر التي تندب الشرف وتنعي الأخلاق. أغاني المُلهم وردي نصوص صحيحة الثبوت في التفرد، صريحة الدلالة على الكمال، تنذر من يود أن يصاولها بأفدح الخطوب، لأنها تهز الشعور، وتوقظ النشوة، وتُذهِب الكدر.. رحم الله الشفيف وردي الذي اشتهر بطلاوة الحديث وشجاعة الرأي وحرية الضمير. قلم رصين على شاكلة قلم الكاتب الفخيم الأسلوب الأنيق المفردة الجزل العبارة الأستاذ المتفرد حسين خوجلي، ينبغي أن تتباهى به الحركة الإسلامية، لا أن تسعى لإخماده.