أجمع عددٌ من الخبراء الأمنيين أن الشائعة التي انطلقت أواخر الأسبوع الماضي وتداولتها عدد من المواقع الإسفيرية عن اختطاف مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق أول صلاح قوش واغتياله الهدف الأساسي منها هو إعادة الرجل إلى دائرة الضوء من جديد بعد أن خفت نجمه إثر إقالته من مناصبه في الحكومة والحزب العام الماضي، وقال مدير جهاز الأمن الأسبق العميد «م» عبد الرحمن فرح ل «الإنتباهة»: واضح أن هذه الشائعة انطلقت لإعادة قوش لدائرة الضوء ذات الهدف رجحه الخبير الأمني العميد «م» حسن بيومي وهو يؤكد ل «الإنتباهة» أن أي شائعة وراءها أهداف، وأن هدف شائعة اغتيال قوش هو إعادة إنتاج ظهوره مرة أخرى في الإعلام بصورة مثيرة، الغرض من شائعة اغتياله هو ظهوره في الإعلام مرة أخرى، خاصة أنه في وقت لا يمكن أن يظهر فيه في التلفزيون لعدم وجود صفة رسمية تجعله في واجهة الأحداث، وهو ما جعل بيومي يفسر ظهورها في المواقع الإلكترونية، ولكن رغم ذلك وصف بيومي الشائعة بالضعيفة، وأشار إلى أن ما يؤكد ضعفها مدى سريانها بين الناس، حيث أشار إلى أنه لم يسمع بها، وأضاف: أن من بناها لم يدرك أن ثقافة الاغتيالات لدى الشعب السوداني ضعيفة وغير متوفرة إلا في حالات نادرة. ولكن البعض يرى أن قوش منذ إقالته من الجهاز لم يبرح دائرة الضوء وعلى عكس رجال المخابرات ظل مثيرًا للجدل مخالفًا بذلك العرف الذي يتسم به رجل المخابرات الذي يكون دائمًا في الظل فبعد إقالته من الجهاز بسبب ما قيل إنه تنامى نفوذه وتمدد سعى قوش، وأصرَّ على الاستمرار في مجال العمل الأمني عبر تحويله منصب مستشار الرئيس للشؤون الأمنية من منصب أسمى إلى مهمة تعيده إلى المجال الأمني من النافذة، وبدأ قوش من خلال المستشارية أن يخلق له وجود وثقل سياسي عندما قاد حوارًا مع القوى السياسية الأمر الذي أحدث صراعًا بينه وبين مساعد الرئيس د. نافع علي نافع الذي رأى أن الحوار مع الأحزاب ليست من مهام المستشارية.. وقال: «إن حوار المستشارية لم يجد القبول من قبَل الأحزاب السياسية وأنه لا يمثل حزبه» بينما اعتبر قوش «أن حديث نافع يخصه وأنه متمسك بالمضي قدمًا في هذا الاتجاه» كما أكد أنه لا يحق لأي شخص أيا كان التدخل في عمله طالما أنه تم بتكليف من الرئيس ولن يتوقف إلا بأمر منه، وعلى خلفية ذلك تمت إقالة قوش مرة أخرى كمستشار للرئيس ومن أمانة العاملين في الحزب التي أدار من خلالها أزمة إضراب نواب الأطباء التي تصاعدت وقتها باقتدار ورغم تجريد الرجل من كل مهامه ومناصبه إلا أنه ظل مادة طازجة تتغذى عليها أجهزة الإعلام ردحًا من الزمن. وربما يجد المتابع دليلاً على ذلك من خلال التوقعات والتكهنات التي أشارت أكثر من مرة لإمكانية إسناد مهام جديدة للرجل خاصة أن تلك التكهنات استندت إلى تصريحات أطلقها كثير من قادة الوطني تشير إلى حاجة الحزب لجهوده ولم يستبعدوا عودته مرة أخرى، وحملت الترشيحات لولاية النيل الأزرق اسمه عقب تمرد عقار باعتباره الأقدر على قيادتها في تلك الظروف، ومرة ثانية برز اسمه في ترشيحات الحكومة الحالية كوزير للداخلية وحتى في المؤتمر التنشيطي الأخير للوطني قبل أن يتم تعديل في تقييم اللجنة تم اقتراح توليه أمين لأمانة لم تحدد هذا كله بجانب أنه ما زال نائبًا عن دائرته في البرلمان. شائعة اغتيال قوش من شأنها أن تطرح سؤالاً مهمًا: مَن هم أعداء قوش وخصومه الذين ربما يسعون لاغتياله فعلاً؟ خاصه أن هنالك معلومات أكدت أنه سبق أن تم الاعتداء عليه في اجتماع لإحدى النقابات بنادي النفط عندما كان يتولى أمانة العاملين إلا أنه لم يكترث لذلك ومضى كأن شيئًا لم يكن، ويشير الكثيرون إلى جهات كثيرة ربما لها خلافات مع الرجل إبان إدارته للجهاز أولها الحركات المسلحة التي نشط قوش في مطاردتها إبان اشتداد أزمة دارفور، وأسهم في إجهاض الكثير من محاولاتها خاصة العدل والمساواة ومحاولتها لغزو أمدرمان التي أُشير إلى ضبط قائمة بحوزتها لتصفية قيادات كبيرة على رأسها د. أمين حسن عمر الذي سكن أم درمان قبل دخول الحركة إليها وبتوجيه من قوش انتقل إلى بحري بجانب بعض الأحزاب رغم تمتعه بعلاقات جيدة وتواصل مع الكثير منها أو ربما خصومه من داخل الوطني في إطار الصراع المشروع على السلطة وتولي المناصب في الحكومة والحزب معًا أو ربما خصوم من الخارج كالجماعات الإسلامية التي ترى فيه آثار تقارب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية خاصة أنه نشط إبان إدارته للجهاز في مكافحة التطرف والجماعات المتطرفة بيد أن عبد الرحمن فرح يرجِّح أن أية محاولة لاغتياله يمكن أن تتم من الخارج لعدم تجذر ثقافة الاغتيالات لدى الشعب السوداني رغم إشارة فرح إلى أن لقوش أعداءً من الأحزاب والطوائف والنظم السياسية القديمة. ومن هنا أيضًا تبرز مسؤولية الحكومة في حماية الرجل الذي يوصف بأنه مخزن لمعلومات مهمة، وفي ذلك يقول بيومي: «الحماية من حقه وهو لا يزال يتمتع بالحراسة التي كان يتمتع بها سابقًا.. وأضاف: لو شعر باستهداف نحوه كان بلّغ عنه»، ويرى فرح «أن الحكومة مستمرة في حمايته؛ لأنه لا يزال يدين لها بالولاء ولأنه يمتلك كثيرًا من المعلومات لا ينبغي التفريط فيها».