«الموت نقاد يختار الجياد».. هذه العبارة ترتسم في مخيلتي كلما يغادر دنيانا الفانية عزيز حفر في دواخلنا ذكريات طيبة وله اعمال تتحدث عن نفسها.. ولعل اكثر ما يشق على المرء تحمله هو نعي الناعي لحبيب يمشي بين الناس بسيرة وسريرة نقية وطاهرة.. صافية صفاء ليلة قمرية في أرياف سوداننا الحبيب.. فقيدنا وفقيد البلاد اصطفاه الله تعالى في يوم هو من اعظم الأيام يوم الجمعة وفي ذلك دلالة.. ولا نزكيه على الله.. كان هو من يستقبل التمامات الصباحية بحكم موقعه كنائب لمدير الادارة العامة للشرطة الشعبية وما درى انه سيرفع التمام ليس بهدوء الأحوال تلكم العبارة المعهودة... تمامه سيرفعه لرب الانام.. ولكن تمامه هذا كان من نوع خاص فقد كان للقاء الرحمن.. لذا وكغير عادته في التأني والصبر والتروي كان في عجلة من امره.. كيف لا وقد ناداه رب العزة تبارك وتعالى «اني قد اصطفيتك» وكأنه يدري ان تعليمات المولى القدير النافذة قد صدرت بصعود روحه الطاهرة المتوضئة الى باريها.. فما كان منه الا التسليم بقضاء الله وقدره.. وقد حدثني من اثق بحديثه عندما سألته عن الساعات والايام التي سبقت رحيله المفاجئ.. فقال لي كان في آخر ايامه يكثر من الحديث عن الموت وكيفية غسل الميت وتكفينه وما درى ان اكفانه قد نسجت.. ولعلها بصيرة يهبها الله تعالى لمن يحس بدنو اجله ومغادرة دار الفناء لدار البقاء.. كان الفقيد يرحمه الله ذا نظرة ثاقبة وبعيدة صقل خبرته الشرطية التراكمية بالدراسة فألف العديد من الدراسات والبحوث في مجال العمل المجتمعي لشدة حبه والتصاقه الدائم بمكوِّنات المجتمع.. بفقده انهد ركن اساسي من اركان الشرطة الشعبية حيث كان يمثل الفقيد واسطة عقدها وعنصر الخبرة فيها والبوتقة التي تنصهر فيها جميع الادارات التي تشكل عقدها.. سنبكيك ايها الفقيد العزيز حتى تجف مآقينا.. وسنظل نذكر محاسنك وما اكثرها ونرفع الاكف ضراعة للمولى القدير ان ينزل على قبرك شآبيب رحمته ويغفر لك بقدر السرور الذي كنت تدخله على الجميع فعهدنا بك باسم هاش باش لاتفارقك الكلمة الطيبة.. ولاتغادر روحك السمحة الوضاءة والتفاؤل.. هي كلمات نثق انها لا توفيك حقك ومستحقك ونعلم كم هي خجولة ولكنه جهد المقل.. فحتى يراعي تمنّع واستعصم عن دلق مداده حزنًا لفقدكم الأليم.. دمت خالدًا مخلدًا في جنان الخلد الشهيد العميد حسن محمد احمد البشير.. وسنظل نرعى ما غرست من قيم طيبة ومآثر جميلة لانها تذكرنا بك.. ولن ننساك.. الصبر والسلوان لأسرتك المكلومة.. ولا نقول الا ما يرضي الله سبحانه وتعالى «انا لله وانا اليه راجعون».. رائد شرطة محمد فاروق قسم السيد