(من يريد الحركة الإسلامية الحقيقية فليأتِ إلينا)... هذا ما قاله المزروع كمال عمر لصحيفة آخر لحظة... بالله عليكم هل من نكتة ألطف وأكثر إمتاعاً وإضحاكاً من هذه؟! مشكلة كمال عمر أنه يُلقي الكلام على عواهنه بدون أن يفكر في وقعه على الناس الذين يدهشهم أن من يقول هذا الكلام ومن ينتسبون إلى حزبه (المؤتمر الشعبي) يعلمون يقيناً أن حزبهم قد تخلى عن إحدى أهم ثوابت الدين المتمثلة في عقيدة الولاء والبراء وأنه قد أصبح عدواً للسودان وشعبه من خلال تحالفه مع قوى الإجماع الوطني أو قل قوى جوبا التي يقودها بالوكالة عن الحركة الشعبية الشيوعي فاروق أبو عيسى وتضمُّ العلمانيين المحادين لله ورسوله بمن فيهم تحالف كاودا بالرغم من قول الله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ....). الحركة الإسلامية التي يتحدث عنها كمال عمر هي في نظره المؤتمر الشعبي الذي اتفق مع أبي عيسى على إقامة دستور انتقالي خالٍ من الشريعة... هذا ما قاله كمال عمر صراحةً وهو يتصدّى لجبهة الدستور الإسلامي التي اشترك فيها نخبة من أكبر علماء السودان والقانونيين من أساتذة الجامعات. هل تذكرون قرائي الكرام كيف رفض الترابي التجمُّع الوطني الديمقراطي برئاسة الميرغني المتحالف يومها مع جون قرنق عندما كان الترابي في السلطة، وكيف أنكر على الميرغني أن يتحالف مع قرنق الذي كان يعتبره عدواً لله في ذلك الزمان وكيف تحول الترابي عندما خرج من السلطة على فقهه القديم وأصبح قرنق وحركته الشعبية وأولاده باقان وعرمان والتجمُّع الوطني الديمقراطي باسمه الجديد (قوى الإجماع الوطني) بقيادة الشيوعي فاروق أبو عيسى.. كيف أصبح هؤلاء جميعاً الآن بعد أن فقد الترابي السلطة ولياً حميماً بعد أن كانوا العدو اللدود؟! سبحان الله... سبحان مغيِّر الأحوال.. الميرغني حليف قرنق السابق وعدو الترابي والإسلام في نظر الترابي أصبح حليف البشير اليوم وتحول البشير في نظر الترابي اليوم إلى عدو للإسلام يتعين اجتثاثه.. أما قرنق وأولاده وحلفاؤه أبو عيسى وبنو علمان فقد أصبحوا صحابة في نظر الترابي يتخلّى من أجلهم عن مرجعياته كلها ويوافق على أن يتراجع عن الشريعة ويُصدر دستوراً انتقالياً خالياً من الدين عقب إسقاط هذا النظام الذي يتعاون مع الشيطان من أجل القضاء عليه!! لماذا يا تُرى استمسك أبو عيسى بمرجعيته العلمانية في قوى الإجماع الوطني بينما تراجع الترابي عن مرجعيته القديمة التي لطالما خاض من أجلها الحرب على بني علمان بل وقاد حل الحزب الشيوعي قديماً؟! من الذي تغير الترابي أم أبو عيسى؟! لماذا لم يُصر الترابي على الإبقاء على الدستور الحالي أو دستور 8991 الذي أسهم في صياغته ليصبح الدستور الانتقالي في حالة سقوط الحكومة الحالية التي يحلمون بالإجهاز عليها أو دستور نميري الذي تضمن قوانين سبتمبر التي دافع عنها الترابي وتصدّى للصادق المهدي حين حاول إلغاءها؟! من الذي تغير: أبو عيسى أم الترابي؟! وبالرغم من ذلك يقول كمال عمر: (من يريد الحركة الإسلامية الحقيقية فليأتِ إلينا)!! إنه التاريخ يُعيد نفسه... عندما يسقط الإنسان في ابتلاءات واختبارات الحياة ويضعف أمام أحقاده ومراراته فينسلخ من مرجعيته القديمة فيتبعه الشيطان فيكون من الغاوين ويخلد إلى الأرض ويسقط سقوطاً مدوِّياً فلكم أخلد البعض إلى عصبية القبيلة ولكم أخلد آخرون إلى عصبيات أخرى وهل كانت أول جريمة في التاريخ إلا بين شقيقين هما ولدا آدم هابيل وقابيل الذي قتل أخاه في سبيل الثروة المتمثلة في (الزوجة)؟! اقرأوا ما قاله الزعيم الإسلامي التونسي راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة لتلفزيون دبي.. فقد أعلن الرجل أن دستور تونس سوف يستند إلى الشريعة الإسلامية كمصدر أول.. تونس التي رأيتُها أكثر من عشر مرات وأقسم بالله إنني لم أرَ طوال تلك الزيارات شابة محجّبة واحدة بعد أن حرم الحجاب من قبل الحكومة.. تونس التي شهدت أبشع الأنظمة المعادية للإسلام خلال فترة بورقيبة وزين العابدين بن علي... تونس التي حاول حاكماها الطاغوتيان أن يجعلاها قطعة من فرنسا ويسلخا شعبها من دينه وهُويته.. تونس التي رأيتُ فيها ما لم أرَه في دولة عربية أخرى من حيث فتح الباب على مصراعيه لجميع أنواع الموبقات والمجون والخلاعة.. تونس هذه تعود إلى الإسلام بعد اغتراب عنه وحرب عليه ولو لم يقل الغنوشي ما قال ولم يعلن ما أعلنه لعذرته لكن بالله عليكم قارنوا بين ما قاله الغنوشي في تونس وما قاله وأعلنه حزب الترابي من تخلٍّ عن شريعة الله في السودان؟! الترابي يعلن أنه سيتخلى عن الشريعة التي ظلّ دستورها يحكم السودان منذ عام 3891م فبالله عليكم ماذا يقول الترابي لربه وهو يتخلّى عن الشريعة بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً من حكمها؟! ماذا يقول وهو يتجاوز الثمانين من العمر ويقترب من القبر في كل يوم وكل ساعة؟! ورغم ذلك يقول كمال عمر إن المؤتمر الشعبي هو الحركة الإسلامية الحقيقية بالرغم من أن الترابي هو الذي بادر بحل الحركة الإسلامية بعد قيام الإنقاذ بفترة قصيرة!! لكن السؤال الذي أختم به مقالي هذا هو ما سبق أن وجّهتُه لقيادات الشعبي ولا أعني كمال عمر ذلك النبت الشيطاني الذي طفا إلى سطح حزب الترابي في غفلة من الزمان.. ماذا تقولون أيها الإخوة فيما يفعله الترابي بكم وبحزبه وبالسودان؟!