مثلما فعل زعيمُه الحسيب النسيب (الصغير) وهو يدشِّن منصبه الرفيع حين (قام من نومه لقى كومه) وتحدث، وليته لم يفعل، خالطاً بين جنوب كردفان وشمال كردفان ثم بين النيل الأزرق والنيل الأبيض، فعل وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر وهو يعلن على رؤوس الأشهاد أنه طلب من رئيس دولة الجنوب سلفا كير أن يتخذ مبادرة لحل مشكلة دارفور!! بالله عليكم هل يمكن أن يحدث هذا في أية دولة في العالم غير سودان العجائب وهل يمكن أن يطلب وزير جنوبي باقان أو دينق ألور مثلاً من الرئيس البشير أن يحل مشكلة النزاع القبلي في بانتيوبجنوب السودان مثلاً؟! سلفا كير يحتل جيشُه الشعبي أجزاء من وطننا ويحتضن ويدعم المتمردين على سلطان الدولة من حركات دارفور المسلحة، بل ويقيم قادة التمرد في النيل الأزرق وجنوب كردفان في جوبا التي تستضيفهم، وبالرغم من ذلك يجلس إليه وزير من حكومتنا السنية (ويحنسه) لكي يحل مشكلات السودان!! سلفا كير الذي تحدَّث أمام الرئيس البشير الذي جاءه مهنئاً يوم تدشين دولته مخاطباً متمردي السودان بمن فيهم متمردو دارفور أنه لن ينساهم.. سلفا كير الذي يقود دولة لم يبلغ عمرها عامًا واحدًا وتعاني من الجوع والفساد والحروب الأهلية.. يطلب إليه وزيرنا الهمام أن يحل مشكلاتنا بالرغم من علم الوزير أن سلفا كير ليس محايداً بيننا وبين متمردي دارفور إنما منحاز إلى أولئك الذين يتحالفون مع دولة الجنوبالمحتلة لأرضنا!! إنها بلاد بلا وجيع فبدلاً من أن يعمل بالحديث الشريف إذا بُليتم فاستتروا ويسكت عن (جليطته) يتباهى بها ويتحدث إلى الصحافة أنه سعى لحل مشكلة دارفور من خلال سلفا كير!! كان ينبغي، إن كان لا بد من حديث إلى سلفا كير، أن يطلب إليه أن يزيح باقان من وفد التفاوض أو أن يسحب دعمه من الحركات المتمردة في الشمال أو أن يطرد قيادات التمرد المقيمة بجوبا أما أن يوسطه لكي يحل مشكلة دارفور رغم أن الحكومة استفرغت جهدها ووقّعت على اتفاقية نظن أنها كفيلة بحل الأزمة فإنه لعب خارج الميدان (وخرمجة) لا تليق ذلك أن سلفا كير اليوم عدو لدود احتل هجليج ولا يزال يحتل بعض أراضي السودان ويعمل بالليل والنهار لإيذائه والنيل منه. بين إسلامية حزب الأمة وعلمانية المؤتمر الشعبي!! { لم أستغرب البتة أن ينحاز حزب الأمة القومي إلى إرث الأنصار والإمام المهدي حين اشترط الحزب تضمين التوجُّه الإسلامي في الإعلان الدستوري الذي توافقت عليه أحزاب المعارضة المنضوية تحت ما يُسمى بقوى الإجماع الوطني وهي تبحث شكل الحكم بعد إسقاط الحكومة الحالية!! لكن بربِّكم أرجو أن تعقدوا المقارنة بين موقف حزب الأمة القومي وهو ينحاز إلى الشريعة الإسلامية وبين المؤتمر الشعبي وهو يتنكر لها ويعلن على رؤوس الأشهاد أنه ينادي بدستور انتقالي لا يكون إسلامياً!! قارنوا بين الترابي بعد أن تجاوز الثمانين من العمر واقترب من القبر وهو ينساق وراء أبو عيسى وكمال عمر.. قارنوا بين الترابي الذي قاد معركة حل الحزب الشيوعي عام 8691م والترابي موديل 2102 وهو يجالس الشيوعيين ويتبنى أطروحاتهم!! عام 5891م عقب سقوط نميري استمات الترابي في الحفاظ على قوانين سبتمبر الإسلامية بينما قال الصادق المهدي عنها إنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كُتبت به فسبحان مُغير الأحوال حيث انحاز الصادق المهدي اليوم إلى التوجه الإسلامي وفرضه على قوى بني علمان ليضمّن في الإعلان الدستوري بينما تنصل الترابي من ذلك!! الأدهى والأمر الذي أرجو أن تتماسكوا وتتجلّدوا قبل أن أنشره عليكم هو أن الترابي، وفقاً لرواية من أثق فيه كما أثق في نفسي، طلب إلغاء البسملة من الإعلان الدستوري وعدم تضمينها تماماً كما فعل الرويبضة عرمان وهو يرفض وضع البسملة في أعلى الدستور الانتقالي عقب عودة قرنق بعد توقيع اتفاقية نيفاشا المشؤومة. أكاد لا أصدق!! ربما لا تصدقون لكن اقرأوا قصة بلعام بن باعوراء الذي كان من أكبر علماء بني إسرائيل لكنه انحرف وخرج فكان أن خلّد القرآن قصته لكي يعلمنا أن ما حدث له يمكن أن يتكرر في التاريخ: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ).