التمييز الطبقي تشتهر به الكثير من شعوب العالم خاصة العالم العربي والذي معظم سكانه من المسلمين.. والإسلام نهى عن التمييز والكل يعلم ذلك إلا أن العادات والتقاليد ما زالت تسيطر على تفكير الكثيرين.. نحن في السودان وإلى وقتٍ قريب كان الناس يتفاخرون بعدم وجود تميّز أو تفاوت طبقي حقيقي بالبلد ولكن في الآونة الأخيرة برزت إلى السطح بعض الممارسات ولا نقول الظواهر التي بها التفاوت الطبقي والتمييز الاجتماعي وكان ذلك واضحًا من خلال رفض بعض الأسر لزواح أبنائهم بزوجات من مستويات اقتصادية واجتماعية أقل من المستوى الذي يعيشون فيه.. (البيت الكبير) استقبل بعض الإفادات الحقيقية والواقعية من بعض الأشخاص الذين واجهوا هذه المشكلة على أرض الواقع وقد تحدَّثوا عن تجاربهم الشخصية فإلى ما قالوا من إفادات كي نقيِّم إذا كان هنالك تمييز اجتماعي وطبقي من بعض الأسر أم لا: رفضوني بسبب فقري!! انتصار «معلمة» قالت: إن التفاوت الطبقي الاجتماعي والاقتصادي موجود وإن كان بدرجات مختلفة ولكن يتمركز عند الأسر الارستقراطية وذات الوضع المادي الممتاز، وأريد أن أسرد قصتي التي عشتها وأنا أقيم معي شقيقتي الكبرى فكانت تحبني هي وزوجها الذي يعمل بأحد أفرع الشرطة، وعُرف زوجها بالتقوى والدين والأخلاق العالية ومخافة الله وتم نقله إلى المطار وفي مكان عمله تعرَّف على موظف كبير ومن أسرة أم درمانية لها مركز اجتماعي واقتصادي ممتاز وفي إحدى المرات قال له الموظف إني أريد أن أكون أحد أفراد أسرتك وطلب منه أن يزوجه إحدى بناته أو قريبته ونسبة لصغر سن بناته رشحني له كي يتزوجني وبالفعل لقد تم بيننا لقاء وأعجب بي وأعجبت به وحدَّد يومًا لحضور أهله وفعلاً حضر الأهل الذين استقبلناهم بكل حفاوة وكرم ولكن قرأنا في وجوههم عدم الرضا بوضعنا المادي وشكل منزلنا الذي كان من «الجالوص» والمتآكل من كل الأطراف ومن تاريخ زيارتهم لم نسمع عنهم شيئًا وأصبح الموظف الكبير يخجل من زوج أختي ويتوارى منه. فقراء ولكن شرفاء بهذه الجملة ابتدرت «منى» حديثها حيث قالت: كانت تربطني بشاب علاقة طاهرة وكان يريد الزواج مني وهو صادق معي وكنت متيقنة من صدقه تجاهي وكنت أعرف جيدًا المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأسرته وكانت تنتابني بعض المخاوف التي كنت أطردها ولكن تأكد هذا الاعتقاد بعد أن حضر إلى منزلنا المتواضع والذي يقع بأطراف العاصمة أهله والذين كانت تبدوا عليهم علامات الثراء الشديد.. وبعد أن تحدَّثوا مع والدي في الموضوع واعتقدت أن كل شيء يسير جيدًا وما إن ذهبوا حتى اتصل ليخبرني أن والده ووالدته أمروه بنسيان الفكرة كلها والسبب كما علمت منه المستوى الذي نعيش فيه. يرفضونها بسبب عمل والدها الشريف!! إقبال السيد «ربة منزل» تقول: أحكي إليكم قصة حقيقية حدثت بأحد أحياء الخرطوم الراقية وهي أن لهذه العائلة ابنًا يقيم بالولايات المتحدة وعندما حضر إلى السودان أصرَّت عليه والدته أن يتزوج ببنت من السودان وبعد أن رأى إصرار والدته وضع مواصفات أخذت وقتًا طويلاً ولم يعثر عليها وفي إحدى المناسبات لفتت انتباهه فتاة بنفس المواصفات التي يريد وفعلاً تحدّث مع والدته التي رحبت بشدة وما إن ذهبوا إليها رحب أهلها وتمت الموافقة من قبل أهلها وفجأة انقطعت أخباره عنها ثم أوضح لها أن عمل والدها في صنع «المكانس» هو سبب الابتعاد عنها. اعتبرها عدم تمسّك بالقيم والدين فاطمة محمد «موظفة» قالت: أنا أعتبره نوعًا من الجهل بالدين؛ لأن الرسول الكريم حث على ذات الدين وليست ذات المال حيث قال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» كما اعتبره نوعًا من أنواع العنصرية البغيضة والجهوية المرفوضة ولو أن الناس التزمت بتعاليم الدين الإسلامي وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان كل شيء من أمورنا وأحوالنا يسير في ما يرضي الله والزواج بسّطه الله ورسوله بكلمة «من ترضون دينه فزوّجه». رأي علم النفس توجزه الأستاذة حفصة الطاهر أستاذة علم النفس الاجتماعي حيث تقول: إن موضوع التفاوت الاجتماعي والاقتصادي ما كان يجب أن يجد مكانته بين أفراد المجتمع المسلم والمجتمع السوداني على وجه الخصوص فقد قال الله تعالى: (وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجه» الآية والحديث اختزلتا كل حياة المسلمين الاجتماعية في أمور الزواج فما ينبغي للأسر أن تخالف أمر الدين بأشياء تافهة كالفقر الذي يكون من يعيشه أشرف وأنبل من بعض الأغنياء.