علاقات النسب بشتى انواعها يسودها نوع من الحساسية بين أهل الزوج وأهل الزوجة ولكن علاقة النسيب «زوج البنت» بنسيبته «أم الزوجة» هي علاقة تمتاز بالاحترام والحياء لدرجة بعيدة فمازالت بعض المجتمعات في السودان تمتنع فيها النسيبة عن الأكل بحضرة نسيبها بل نراها مطرقة برأسها وهي تحادث نسيبها باعتبار النسيب «عين شمس» لا تسطيع أن تملأ عينها منه وعلى النقيض تمامًا هنالك بعض المجتمعات الارستقراطية زالت تلك الحواجز فيها بين النسيب ونسيبته وصار البساط أحمدي لدرجة التدخل في شؤون الأسرة الخاصة.. «البيت الكبير» أجرت استطلاعًا وسط فئات مختلفة من الجنسين لمعرفة رأيهم في تلك العلاقة كما ختمنا استطلاعنا برأي علم الاجتماع.. بداية افتتح لنا شرفة الحديث الأستاذ ياسر الفادني موظف بالقطاع الخاص حيث افادنا قائلاً: للزوج دور كبير في كسب ود اسرة زوجته فاحترامه لزوجته وتقديره لها يصب في تقدير النسيبة اما عدم تناولها للطعام معه نتج من الحياء والاحترام الشديد وعن ذات نفسي مازالت نسيبتي ترفض تناول الطعام بمعيتي في «صينية» واحدة وفي مرة حاولت أن أضحك معها فقلت لها «أنتي مابتاكلي معاي عشان لقمتك كبيرة وماعايزاني اشوفك» فاكتفت بالضحك ولم تغّير موقفها. حكت لي زميلتي قائلة: إن أم صديقتها أتت من البلد خصيصًا للاقامة مع ابنتها في فترة الوضوع وصديقتها تلك تقطن في شقة وشاءت الظروف أن انقطع التيار الكهربائي عن البناية وأم صديقتي لم تعتد على السخانة خاصة وأنها قادمة من إحدى الولايات التي تمتاز ببرودة الجو فلم تجد بديلاً عن النوم في البلكونة وعندما استيقظت في الصباح وجدت أن نسيبها ينام في السرير المقابل لها في ذات المكان فلم تنطق ببنت شفة وأكتفت بحزم حقائبها والعودة أدراجها لولايتها! الأستاذ جلى ابو إدريس من وكالة السودان للأنباء أفادنا بقوله: جبل الشعب السوداني بموروثات في معظمها تُعلي من شأن المرأة وتبوئها مقامًا يحفظ كرامتها ويجعلها مكان تقدير واحترام فزوج البنت لا يقابل نسيبته ولا يكلمها الا بعد الزواج وذلك من باب الحياء كما أنه لايأكل معها احترامًا وتقديرًا للنسب الذي بينهم فللنسب مكانة خاصة في السودان فيشعر أهل الزوجة أن احترامهم لزوج ابنتهم من باب تقديرهم لابنتهم وفي كثير من الأسر يصبح زوج البنت اقرب لوالدي زوجته من بعض أبنائهم فيستشار في كثير من الأمور. عبدالله عبد المنعم تاجر بسوق بحري كان له رأي مختلف بعض الشيء حيث قال في إفادته: النسيب عندنا في الريف مازال محتفظًا بمكانته لدرجة قد تصل لتهديد أحدهم بالفضح أمام نسيبته مثلاً حال لم يستجب لطلباتنا والتي غالبًا ماتكون بسيطة.. لكن قبل بضعة أشهر كنت برفقة أحد أصدقائي مجاملة له في زواج صديقه وأثناء الحفل كانت هنالك امرأة متوسطة العمر ترقص وتزغرد وتمسك بيد العروس تارة وبيد العريس تارة أخرى وعرفت فيما بعد أنها أم العروس!! فتعجبت جدًا لأننا مازلنا متمسكين بمقولة «النسيب عين شمس ». م . ع أوجز افادته في عبارات قائلاً: نسيبتي أنا بالنسبة لها الدجاجة التي تبيض ذهبًا وقد ضقت من طلباتها التي لا تنتهي وتدخلها المستمر في حياتي وبشكل سافر وأفكر الآن جديًا في فراق ابنتها اذا لم تكف عن ما هي عليه. ختمنا جولتنا بافادة الأستاذ محمد عبد الرحمن أستاذ علم الاجتماع بجامعة الخرطوم والذي قال في افادته: يكون الاحترام للنسيب باعتباره وافدًا جديدًا ومازال المجتمع الريفي متمسكًا بعاداته وتقاليده وقيمه ولكن هنالك عوامل أثرت على شكل العلاقة واسهمت في تغيير العادات عمومًا مثل الانفتاح على العالم الخارجي وشكل الاتصالات وبصورة أخرى نجد أن تعقيدات الحياة والجري وراء استكمال متطلباتها أدت الى تحرير الناس من كثير من القيم وانخفاض درجات الضبط الاجتماعي والذي يعد أقوى من الضابط الرسمي وكان يعاقب كل من ينجرف عن العادات المتوارثة.. فصعوبة الحياة نفسها اضافة الى العولمة جعلت المجتمع متساهلاً حيال بعض التقاليد وأصبح جل المجتمع ينظر للعلاقات الجديدة بما فيها الزواج ينظرون اليها باعتبارها علاقات شكلية سطحية سريعة ذات منفعة بالتالي انتفت قيمة الاحترام الزائد للنسيب وسادت روح الندية فأصبح أهل الزوجة يتحينون الفرص لزوج ابنتهم والعكس زوج الابنة يتحين الفرص لأهل زوجته وهذه من المعضلات التي تنتج عنها مشكلات قد تؤدي للطلاق والتفكك الأسري وتشرّد الأبناء، أما بالنسبة لتدخل النسيبة في حياة ابنتها فأقول إن الزواج لا يتحمل دخول طرف ثالث في العلاقة مهما كانت درجة القرابة ويجب أن تنحصر مشكلاتهما في اطارهما الخاص لأن كليهما أدرى بكيفية تعامله مع الطرف الآخر وغالبًا تدخل بعض أفراد الأسرة يؤدي لتشعيب المشكلات.