مسألة الطبقات هذه استهوتني حديثًا ربما لكثرة تمعُّني في تكرار هذه الظاهرة وانتشارها أفقيًا ورأسيًا.. توطئة لشرح ما أرمي اليه «حلوة توطئة دي مش؟» أود أن أوضح أن طبقات الجوتتكون رأسيًا من التروبوسفير ثم الاسترتوسفير ثم الميزوسفير وانت طالع، وفي كل طبقة خصائص لا توجد في الأخرى ومخاطر مختلفة عما في سواها أوع بالك... أصحاب المواهب والمهارات والبراعات والابتكارات وحتى الجمال الصارخ، يشتهرون بين الناس لفضيلة أعمالهم واستحسان الناس لهم فتطير شهرتهم متخطية الحدود الولائية ثم القطرية ثم إلى كل بلاد الدنيا.. هذه الشهرة تجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم في صورة معجبين ومحبين ومريدين بل وعاشقين عدييييل كدا، فتنهال عليهم الثناءات والهدايا والميداليات والتكريم وهذه الأشياء تدفع بعضهم لأن يغيّر مكان السكن ورقم الهاتف بل والاستعانة بحرس خاص تلافيًا لضوضاء العامة من الناس.. هذه المعطيات تدفع الموهوبين هؤلاء إلى طبقة اجتماعية فوق التي كانوا بها وهناك يعانون من الكيد والملاحقة والحسد وإشانة السمعة والتشكيك في الأصل والفصل والنسب وحتى دياناتهم ذااااتا ....معاي انت؟؟ قيل لبعضهم: ما بال فلان يحسدك؟ قال: لأنه شقيقي في النسب وجاري في البلد وشريكي في الصناعة، فذكر بذلك جميع دواعي الحسد.. نخلص من كلام هذا الشيخ إلى أن الحسد لا يأتيك من بعيد أبدًا، فالطبيب يحسد الطبيب والمحامي يحسد المحامي وكذلك الحال عند الميكانيكي والتاجر والسمسار والمعلمين، أما أشد أنواع الحسد والغيرة فهي تكون بين المطربين والمذيعين رجالاً أكانوا أم نساء وكثيرًا ما سمعنا بالملاسنات والخصومات بينهم إما على الصحف أو النت ولا غضاضة في ذلك، فالمشهور عيبه مشهور والمستور عيبه مستور إذ كثيرًا ما نسمع أن هذه المغنية من أسرة كذا وكذا وأن حفيد الممثل عمر الشريف مثلي الجنس، كما أن عادل امام متعاطف مع الرئيس مبارك تحت تحت!!! وبذلك تشتمل هذه الطبقة على مصيبتين، الأولى حسد الزملاء لبعضهم البعض والثانية حسد الناس للمبدعين والمبدعات لدرجة أن بعض الناس يقول لك في ثقة تهز ثوابتك إن عالم الفن والشهرة يقتضي اطّراح الحشمة والفضائل ومصاحبة المُجان وأصحاب الكبائر إلا أن هذا الكلام غير صحيح يا جماعة!! أضف إلى ذلك رأيت بعض الناس يستعذب أن يلوك سيرة المشاهير بما يسوؤهم فقط لأنهم استنكفوا المكوث في القاع مع ذلك الهماز المشاء بنميم وهذا حال الناس وربما لا تصدق أن أحدهم لم يجد ما يهجوه من الناس فهجا القمر، وقد كان ذلك في العصر العباسي حيث قال: إن القمر يهدم العمر ويوجب أجرة المنزل ويشحّب الألوان ويقرض الكتان ويعين السارق ويفضح العاشقين!! تاني في كلام؟وقال السمرقندي: يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل الحسد إلى المحسود 1/ غم لا ينقطع 2/ مصيبة لا يؤجر عليها 3/مذمة لا تُحمد عقباها 4/ سخط الرب 5/ يُغلق عنه باب التوفيق... في الطبقة الرابعة أي التي فوق هذه نلمس فيها خوف المشاهير من المجهول فكلما زادت الشهرة ازداد معها الخوف من انحسار الأضواء والوحدة وانفضاض السامر.. هل تصدق أن مارقريت تاتشر أقوى رئيسة وزراء إنجليزية تعيش في بيت لوحدها مع كلبين الآن !!! لقد ذهبت عنها كل تلك الأبهة والمجد والصولجان ... أين الأكاسرة الجبابرة الألى شادوا القصور فما بقين ولا بقوا!! سنة الحياة تقتضي ظهور أجيال جديدة من الأطباء والمطربين وأصحاب المهن الرفيعة فيزيحوا القدامى عن مواقعهم وهنا تبدأ العزلة وقد يؤدي ذلك إلى الاكتئاب والإحباط بل واللامبالاة وكل هذه أمراض نفسية يستعصي علاجها ما دامت أسبابها موجودة، وأخيرًا أُورد ملاحظة وهي أن مشكلات هذه الطبقة المصاحبة لهم داخل وخارج إفريقيا هي: الطلاق المتكرر، تشتت الأبناء، شيل الحال، السفر المتواصل هربًا من المحيط المحلي وفي هذه الحالة لا ينفع السفر لأن الشخص يحمل رأسه معه بما فيه من هموم... أسباب كتابة هذا المقال هوان إحدى المذيعات اشتكت لي من محيط عملها، فقلت لها والله إلا أفشّك وهسع أنا ذاتي ما عارف فشّيتا وللا لا؟