بعيدًا عن السياسة فإن الشعب السوداني لا يستطيع تحمل الحرب مجددًا فقد عانى منها زمناً، وقد ظن قادتنا زورًا أن الانفصال والاتفاقيات المختلفة ستوقف الحرب، ولكن ماذا نفعل إذا كانت الحكومة لم تستطع أن تفهم ما يريده هذا الشعب الطيب المغلوب على أمره الذي يرهقه الآن أن أمله في أن يعيش في مستوى معيشي متوسط بعد وقف الحرب قد ضاع لن يستطيع تمويل مشروعات التنمية بميزانية الحرب لأنها لم تتوقف بل عادت بضراوة، كانت هنالك حكاية تدرس لتلاميذ الصف الرابع ابتدائي بكتاب الكشكول، قبل السلم الثماني الذي غير المناهج وهي ان أمًا وبخت ولدها الكسول بأن يجد عملاً، عمل الولد في اليوم الأول مع فلاح فأعطاه قطعة نقود ثمينة حملها في يده ومر بجدول صغير فأراد أن يتخطاه بالقفز حتى لا تبتل قدماه فوقعت قطعة النقود، عاد الى امه وحكى لها الحكاية فوبّخته وقالت له كان يجب عليك ان تضعها في جيبك، وعدها ان يفعل في المرة القادمة، في اليوم التالي ذهب وعمل في مزرعة ألبان في نهاية اليوم أعطاه صاحب المزرعة قدحاً صغيراً به لبن فوضع القدح في جيبه فإذا باللبن ينساب على ملابسه عند العودة وبّخته والدته، أمرته أن يفكر وكان يمكن صب اللبن في علبة محكمة القفل، وعدها أن يفعل في المرة القادمة، في اليوم التالي عمل مع صاحب مزرعة للدواجن في نهاية اليوم أعطاه دجاجة نظير عمله فوضعها في علبة وأحكم إغلاقها، فوصلت للأم ميتة، قالت له كان يمكنك أن تربطها بحبل وتمسك بطرفه حتى تصل، قال لها سأفعل المرة القادمة، في اليوم التالي عمل مع أحد الجزارين الذي أعطاه في نهاية اليوم فخذاً نظير عمله فربط الفخذ بحبل وجره في الأرض فامتلأ بالاوساخ والقاذروات، غضبت الأم لكنها ما زالت توجه ولدها لعله يفكر فيفعل الأفضل قالت له كان يمكنك حمل الفخذ على كتفك، فرد عليها بقوله لا تغضبي يا أمي سأفعل ذلك في المرة القادمة، في اليوم التالي عمل مع راعٍ أعجب بعمله وخصص له راتبًا شهريًا وحتى يساعده في ان يصل مبكرًا أهداه حماراً ليركبه، فحمل الحمار على كتفه، وذهب لوالدته، لم تنته القصة الا أن الكاتب طلب من التلاميذ أن يكملوا القصة من خيالهم، والشعب السوداني طلب من الحكومة ان تأتي بحل لوقف نزف الدماء بطريقة مناسبة الا أنها كانت تجلس كل مرة في اتفاقيات حتى حملت الحمار على كتفها فاستعصت علينا تكملة القصة، واستعصى عليها فهم ما يريده الشعب السوداني، الشعب السوداني يريد ماء للشرب وعلاجًا متوفرًا ولم نقل مجانيًا، ويفضل توفره بالداخل لأن الكثير يموت في فترة تكملة إجراءات العلاج بالخارج، ويريد مواصلات متوفرة تقيه شر الوقوف على الطرقات والانتظار.