لقد استمرأت حكومة الجنوب لعبة القط والفأر و هي ما درج عليه الأطفال من مشاهدة لمسلسلات Tom & Jerry حيث لا يوجد اتفاق بينهما يتصف بصفة الصمود والمصداقية وأصبح العراك سمة مائزة لكل حلقة من الحلقات التي يتابعها الأطفال يومياً في قناة فضائية مخصصة حازت على الشهرة والذيوع وسعة الانتشار. وفيما يبدو أن ليس أطفال الجنوب هم الذين تعمقت لديهم هذه الثقافة ولكنها انسحبت كذلك على قيادات دولة الجنوب وهم بذا يحسبون مسألة الانفصال والاعتراف بالدولة لعباً بمثل الذي يشاهده الأطفال من مسلسلات للعب على نسق Tom & Jerry. والإعلان الصريح الذي تجرأ حاكم دولة جنوب السودان على الإفصاح عنه أمام كاميرات القنوات الفضائية بأنه سيطر على منطقة هجليح لا يخرج عن سياق السلوك الطفولي الذي يمارسه ناقصو العقل، وعديمو الوعي بتخيل ما لا ينسجم مع الواقع كما أنه سلوك يضع الجنوب برمته في صورة بلد عربدت في أرجائه اتجاهات اللاوعي، كأنما الانتصارات في الحرب هكذا تتحقق، باعتبار أن شرذمةً و شذاذ آفاق استطاعوا أن يتسللوا إلى ناحية قصية من هجليج يمكن أن يثبتوا للعالم بناءً عليها أنهم قد تمكنوا من الدخول إلى أرض ليست لهم وهم لا يعلمون أن البقاء فيها لساعات معدودة سيكلفهم الكثير من الخسارات، ويبقى هكذا مثل هذا الادعاء مسخرة ومضحكة، لا تقل عن ما يشاهده الأطفال من هجوم لفأر ضعيف على قط شرس يعلم الكيفية والمهارة التي عن طريقهما يقتنص كل أشكال وألوان الفئران. وحتى لا نكون من الذين يسهمون في تعليم قادة الجنوب هذه الطبيعة بأن يمارسوا مثل تلك العمليات الطفولية و يستمرئوا لعبة القط والفأر، بمثل ماكانوا يستخدمونها في السابق عندما كانوا يحترفون التمرد، إلى احتراف في أعلى درجاته بعد تحقق انفصال الجنوب فإننا أمام هذه المشاهد، مطالبون بإيقاف شراذم الحركة الشعبية، من فئران ضالة، وجماعات طاش بعقلها الوهم الكاذب، والخيال السقيم عند حدود الحقيقة، وفي مستويات الواقع اللذين لا يحتملان منا أي قدر من الإطناب أو الاستطراد، وهذا لا يتم إلا بتوجيه ضربة قاضية لهذا التمرد المأفون، حيث لا فرق بين سلفا كير الذي يعلن أنه سيطر على بقعة من بقاع الشمال، أو عبد العزيز الحلو الذي يلقى الدعم منه والسلاح، أو مالك عقار الذي يتشبه بقرنق ويود من عجلة التأريخ أن تتدحرج تارة أخرى للوراء. ولا أظن أن الشعب السوداني اليوم سيفهم بأي صيغة مهما كانت عندما يتناهى إلى مسامعه أن فلولاً من التمرد قد هربت من هجليج لتهاجم قرى أخرى بمنطقة تلودي، أو أن حشداً عسكرياً من الحركة الشعبية يتأهب لعملية أخرى، لتتكرر تمثيليات Tom & Jerry التي لا تشبه إلا من يعترف بالاتفاقيات المنقوصة، ويتعامل بطبيعته هكذا مع مثل هذا النمط السخيف. والضربة القاضية تلزم حكومة السودان بأن تثبت لسلفا كير و أعوانه أننا لا نمارس بأي حال معه سياسات المد والجزر، فإذا أرادوا السيف، فمنطق السيف لا يحتمل المناورة والمداراة. فالسيف اصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.