في كل مرحلة من المراحل التي تشهد فيها الساحة السياسية السودانية بعض التغييرات تظهر آثارها في مكوناتها أولها الأحزاب والتنظيمات السياسية وكمثال لتلك التغييرات ما تشهده أروقة بعض الأحزاب هذه الأيام حيث دخل عددٌ منها في مناقشات ومراجعات كثيرة شملت حتى محاولة تغيير أسمائها فبعد أن كشف أمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي د. بشير آدم رحمه للزميلة التيار عن وجود تحولات مهمة سيشهدها الحزب أشار إلى أن هناك تغييرًا قادمًا سيشمل اسم الحزب الذي قال إنه لن يحتوي على كلمة إسلامي بل سوداني حتى ينفتح الحزب على الآخرين من غير ملة الإسلام ويضم كل السودانيين وليس الإسلامين فقط رغم أن الاسم المعروف لحزب المؤتمر الشعبي لا يحمل كلمة إسلامي. المؤتمر الشعبي لم يكن وحده الذي طرق هذا الباب فقد ضجّت أروقة الحزب الشيوعي بالمطالبين بتغيير اسم الشيوعي حتى قبل رحيل زعيمه محمد إبراهيم نقد، وحسب تأكيدات القيادي بالحزب الشفيع خضر للزميلة «الأهرام اليوم» هذه ليست هي المرة الأولى التي يُطرح فيها تغيير اسم الحزب وأشار إلى أن الأمر طُرح من قبل داخل الحزب ودار حوله نقاش طويل ولكن في المؤتمر الخامس للحزب أيدت الأغلبية بقاء اسم الشيوعي. وسبقت الحزبين في تغيير أسمائها أحزاب وتنظيمات كثيرة كالحركة الإسلامية التي تقلبت بين عدة أسماء من الإخوان إلى جبهة الميثاق الإسلامي والجبهة القومية حتى وصلت إلى الحركة الإسلامية بجانب كيانات أخرى غيرت أسماءها إما بإضافة كلمات إلى أسمائها القديمة او بالحذف منها لتمييزها من أخرى انشقت منها، وجاء ذلك إبان إجازة قانون الأحزاب لعام 2007م حيث أضاف الحزب الاتحادي الديمقراطي كلمة «الأصل» لتمييزه من الفصائل الاتحادية الأخرى التي أضافت بدورها كلمات كالمسجل والموحد وغيرهما، وكذلك فعل حزب الأمة الذي أضاف كلمة القومي تمييزًا من أحزاب الأمة الأخرى المنشقة عنه وهي «الإصلاح والتجديد، والفدرالي والوطني والقيادة الجماعية التي خرجت عن الإصلاح والتجديد وكانت تضم كل القيادات التي خرجت من الإصلاح والتجديد» وكذلك فعلت بعض الحركات الموقعة على السلام في دارفور بعد أن تحولت للعمل السياسي. وفي مرحلة لاحقة بعد انفصال الجنوب دار جدلٌ كثيف حول تغيير اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال وكان محور الجدل يرجع لمنع القانون تسجيل حزب هو امتداد لحزب أجنبي، بجانب أن كلمة تحرير السودان صارت جزءًًا من الماضي الأمر الذي سيقف عقبة أمام قيادات الحركة التي دفعت أوراقها لمسجل الأحزاب حول مسمى الحركة وربما تغييره. بعض الظروف دفعت بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية في الوطن العربي والعالم الإسلامي إلى تشكيل أحزاب بأسماء جديدة للعمل كواجهات سياسية لها مثل حزب الرفاه الإسلامي في تركيا الذي تحول إلى حزب العدالة والتنمية بعد أن تعرض الأول لمضايقات شديدة، وفي مصر استنسخت جماعة الإخوان المسلمين عقب الثورة حزب الحرية والعدالة للعمل كواجهة سياسية للجماعة. مسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية الأسبق الخبير القانوني مولانا محمد أحمد سالم قال ل«الإنتباهة»: «من حق أي حزب أن يختار ويغيِّر اسمه في أي وقت بعد إخطار مسجل الأحزاب» وأشار إلى أن أسماء الأحزاب تعبِّر عن برامجها وخطها السياسي الرئيس وضرب مثلاً بالحزب الوطني الاتحادي الذي كان يسعى للاتحاد مع مصر، وأشار إلى أن أسماء بعض الأحزاب جاءت نتاج تأثر بأحزاب أخرى في بلد آخر وهنا أشار إلى حزب الشعب الديمقراطي حزب الختمية الذي انشق من الوطني الاتحادي وأكد سالم أن تغيير أسماء الأحزاب يكون نتاج الانقسام والاندماج في كثير من الأحيان وفي بعض الأحيان لأسباب وجدانية كالحزب الشيوعي الذي قال إنه ظل مطالبًا في كثير من الأوقات بتغيير اسمه نتيجة وجوده في مجتمع مسلم حيث ارتبط اسم الشيوعية بالإلحاد وبالتالي أصبحت كلمة شيوعي منفِّرة الأمر الذي قاد لأن يصبح الشيوعي طوال وجوده في السودان حزبًا للصفوة. وقال البعض : في بعض الأحيان اسم الحزب يكون استنفد أغراضه وأصبح جزءًا من الماضي كاسم الحركة الشعبية لتحرير السودان وقال: إذا أراد دانيال كودي وغيره تسجيل حزب باسم الحركة الشعبية فلا يمكنهم استخدام كلمة تحرير السودان، وأشار سالم لوجود أسماء يمنع بموجبها القانون تسجيل الحزب الذي يريد أن يتسمى بها كالأسماء التي تحمل نعرات طائفية والأسماء التي تعطي ميزة كاسم «حزب الله» وقال: «حزب بهذا الاسم مافي زول بسجله» واعتبر أن اسم «حزب البهجة» يعبر عن سخرية من التجربة، وأشار إلى أن بعض الأسماء مرحلية. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن تغيير برامج الأحزاب وممارستها أولى من تغيير أسمائها باعتبار أن الاسم مجرد معبر عنها يرى البعض أن تغيير الاسم هو الآخر بذات الأهمية باعتباره المدخل والعنوان ولا يمكن اعتباره مسألة شكلية، ويشير الكثيرون إلى أن بعض الأحزاب تترد في تغيير أسمائها بسبب رسوخها في أذهان الجماهير وأن تغييرها بصورة متكررة يقود للتضليل والخلط.