هل ترسخ لدى الكثيرين أن والي القضارف كرم الله عباس «ماسورة»؟ ذلك المصطلح الذي بات شائعًا في الشارع السوداني في إشارة إلى الشخص كثير الكلام قليل العمل أو غير الملتزم بتعهداته ما يرقى لنعته بالمخادع، والأمر في مجمله طرق أُذن عباس بقوله: «نؤكد للذين يريدون أن يثبتوا أن القضارف واليها (ماسورة) خاب ظنهم وفألهم وسنأخذ حقنا بكل الوسائل الدستورية والقانونية» وكان الرجل يعني أموال ولايته بطرف المركز وذلك أثناء مخاطبته حفل تأبين أحد أعلام القضارف. وقبل تجاوز التناقض البائن لتصريحات عباس الذي دعا أمس الأول للتطبيع مع إسرائيل، تزامناً مع حالة الاستنفار التي دعا لها الرئيس قطع بعدم تقديم أي دعم مالي لصالح الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والخدمة الوطنية بولايته.. ظلت تصريحات الرجل تثير الجدل، فعقب أدائه القسم والياً قال إن ما يُعرف بسوق المواسير بالفاشر، عرفته القضارف قبل «30» عاماً، وأردف: «القضارف أكبر ماسورة» ما أحس معه البعض أن كرم الله ينوي الإصلاح رغم أن آخرين ذهبوا في اتجاه أنه هدف للتقليل من سابقيه في الحكم الضو عثمان وعبد الرحمن الخضر الذي كان يرى أي عباس أنه أحق منه بحكم الولاية. ولم يسلم الوطني بالقضارف من لسان كرم الله عندما رمى قياداته ذات مرة بكلمات بذيئة وعبارات خادشة للحياء مصرحاً ودون لباقة بوجود ممارسات لا أخلاقية داخله متهماً بعض أعضائه بممارسة أفعال فاضحة. أحاديث مجالس القضارف تذهب في اتجاه أن الرجل يرى الكفاءة في نفسه حتى لقيادة الدولة وهو طموح مشروع ولكن عند النظر لحالة التنازع في شخصية كرم الله يبدو أن الأمر يحتاج لتفسير، وقد قال ذات مرة «هل تصدقون لولا الانتخابات أن يكون مزارع أغبش ليس لديه شهادات أكاديمية أن يكون واليًا للقضارف»؟ وذلك في حفل تدشين دورة اتحاد الطلاب في يناير الماضي، بينما يبدو أن عباس يستمتع بأن يبحر بمركبه بعيدًا عن شواطئ حزبه والحكومة سواء بالولاية أو المركز بتكذيبه كل التوقعات بشأن حكومته الأخيرة، وقال: «أنا أصلاً ما عندي توقعات وما عندي سر وهسي جاي من الخرطوم غيرت ثلاثة وزراء من داخل عربيتي»، في تحد سافر بأنه يتصرف وفق هواه وليس كرجل دولة!! ويعد عباس الوالي الوحيد الذي يتحدث في شؤون من صميم المركز، وقد كشف مرة عن اتجاه في أروقة الوطني لتغيير اسمه إلى «حزب الله» وهو أمرٌ عارٍ من الصحة كما سبق أن قال إنه «ما سائل حتى في الرئيس ولا خايف من د.نافع»! رغم أن السياسة لا تعرف تلك الأدبيات الهوجاء مما دفع رئيس تحرير الأهرام عبد الماجد عبد الحميد في إحدى كتاباته السابقة ب«الإنتباهة» أن يقول «قيادة المؤتمر الوطني أمام امتحان حقيقي بعد أداء كرم الله للقسم.. فهذا رجل لن يتعلّم، ليس لأنه لم ينل تعليماً فوق الثانوي العالي كما قال.. بل لكونه يفتقد شروط ولاية العبد على العباد.. تلك القيمة التي لم تتدبرها قيادة الوطني في الخرطوم» ويبدو ذلك صحيحاً حيث سجل سابقة هي الأولى من نوعها بأن اتهم وزيرًا إتحاديًا «وزير المالية» ووصفه بالجهوي والعنصري بل هدد المركز بأن تكون القضارف دارفور أخرى حال لم تُمنح ولايته مالاً، وكان ذلك خلال مخاطبته العيد ال «17» لإذاعة القضارف، فضلاً عن سخريته من المركز عندما عزا تأخر تأدية حكومته القسم لعدم توفر سيارات للدستوريين وقال: «إن على الذين وجهوا بتكوين الحكومة العريضة توفير سيارات الدستوريين»، بل أدار ظهره للمركز بتواصله مع حزبي الشيوعي والشعبي برفضه الإذعان لأي توجيهات من المركز بقطع مثل هذه الصلات. ومهما يكن من أمر فإن كرم الله بات حالة تحتاج لتأمل ودراسة ابتدأها رئيس الجمهورية في مؤتمر بالخرطوم حذر فيه الولاة من شكوى المركز للإعلام وخصّ عباس بالحديث مادايرين شكاوى وللا ما كده ياكرم الله وكان أحد الكتاب ختم مقالاً له عن كرم الله بعبارات «لا يبدو أن القضارف موعودة بمستقبل أفضل» تحتاج هي الأخرى لتأمل.