السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: لماذا نُحارَب رغم أننا مسالمون سالمنا بشرف وأوفينا بالعهود ولم نقطع ما أمر الله به أن يوصل؟ لم كل هذا المكر والكيد والخبث والطعن من الخلف والغافلون يقيمون لهم الولائم ويقدمون لهم الطيبات من الرزق ويرقصون معهم كأنهم في حفل عرس كله فرح وحبور وابتهاج وسرور؟ والطيبون في غفلة لا تليق بمؤمن كيس فطن؟ إننا بحق شئنا أم أبينا نواجه ما واجهه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن قال أول ما قال: أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تدخلوا الجنة؟ وكان أول رد تلقاه من عربي ذي فطرة سليمة عرف معنى لا إله إلا الله: هذا أمر تكرهه الملوك، وقال له آخر بنفس الحس السليم والإدراك الواعي إذن تحاربك العرب والعجم وصدق الرجلان فقد كان ما كان لا أزيدك علمًا. ونحن نواجه هذه الحرب المتنوعة الأشكال المتعددة الأطراف ولن تضع الحرب أوزارها إلى أن يهلك أحد الفريقين. إن الله العليم الخبير أخبرنا في تقرير صادق لا يعيه إلا من ألقى السمع وهو شهيد إن لهؤلاء الطغاة البغاة هدفًا ثابتًا لا يتغير ولا يتبدل أبدًا وهو القتال إلى أن نرتد عن ديننا كفارًا في أي صورة من صور الكفر الكثيرة «ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا». الإسلام هذا الدين القيم سيحارَب ونحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم سنواجه ما واجهه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى ومنذ أن صدع الرسول الكريم بالأمر وشرع في تبليغ الدعوة وإلى يوم الناس هذا نحن في حرب وصدام ومواجهة. على الطيبين في غفلة أن يفيقوا من غفلتهم وعلى النائمين أن يستيقظوا فإن العدو الدائم لن يتركهم مهما كان عظم التنازلات، إن هؤلاء الطغاة البغاة الأشرار لن يرضوا عنا إلا أن نكفر ونتبع ملتهم ملة اليهود والنصارى أما سلفا وباقان وأمثالهم من الذين كفروا أو الذين يزعمون أنهم مسلمون ما هم إلا خدم لليهود والنصارى. الإسلام نعمة والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نعمة وكتابه الذي نتلوه بلا تدبر ولا تذكر والذي ينبذه بعضنا وراء ظهره نعمة وشرائعه التي نطبقها أو ندغمسها ابتغاء رضوان الكفار نعمة وشفاء وشعائره التعبدية التي نؤديها كما يجب أو كما لا يجب نعمة فهل منا من يتذكر هذه النعمة التي نستظل بظلالها الوارفة؟، كيف وصلت إلينا هذه النعمة التي لا نؤدي شكرها؟ كيف وصل إلينا هذا الدين صافيًا رغم محاولات أعدائه لتحريفه وتدويره وتبديله. هذا الدين الحق وصل إلينا لا عفوًا بلا تعب ولا صفوًا بلا نصب بل رفعت راياته بالدماء وسكبت في سبيله العرق وتحمل السابقون الأولون تكاليف الجهاد جهاد الاحتمال والصبر في مكة كفاح الصبر والمصابرة مهما كان الكيد والأذى ثم هاجر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومعه صحبه الكرام إلى المدينة ضحوا بوطنهم رغم حبهم له تركوا الوطن الحبيب وضحوا بكل ما يملكون في هذه الفانية وخرجوا وهم ينشدون: الأهل والأوطان *** فراقهم صعب لكنه الإيمان *** فداؤه القلب والروح والأبدان *** فليقبل الرب فليقبل الرب ما معنى هذا؟ معناه أن الدين فوق كل شيء فوق الأرض وفوق النفس والحياة وفوق المال والجاه فما قيمة كل هذه إذا كانت العقيدة وشعائر الدين وشرائعه مهددة بل كل يذهب أدراج الرياح من وراء الدين والعقيدة. لذلك شرع الله عز وجل مبدأ التضحية بالنفس والمال والأرض في سبيل العقيدة والدين لأن التضحية بهذا المعنى حفظ للوطن والحياة والمال. إننا إن كنا مسلمين حقًا سنواجه بالحرب الشعواء كما واجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الإسلام الجديدة يثرب «المدينةالمنورة» سنواجه بالحرب الضروس بعد أن تركنا الجنوب طائعين مختارين ولن نهدأ حتى لو سلمنا لأعدائنا ما يسميه هؤلاء بالجنوب الجديد لأنها حرب ضد الإسلام ويستعملون كل سلاح ولا يتورعون عن أي سلاح. كيف نواجه هذه الحرب؟ لا بد من تحديد الأعداء الحقيقيين لا الوهميين لكي نجاهدهم جهادًا كبيرًا. إن أعداء هذا الدين هم هم بالأمس واليوم وغداً الأمة الإسلامية تواجه نفس الأعداء وتجابه نفس الجبهات الجبهة الوثنية المتمثلة في الشيوعية العالمية التي اندحرت ولكن كفرها باق والوثنيون من الهندوس وما أطلق عليهم المتلاعبون بالألفاظ بكريم المعتقدات!! هكذا التدليس مارسه زعيمهم عملاء الماسون في بلادنا، والجبهة الثانية هي الجبهة اليهودية وهي الجبهة التي توظف كل الجبهات لصالحها والبلهاء يبذلون كل جهد في خدمة شر البرية بوعي أو بدون وعي لا فرق. والجبهة الثالثة هي جبهة النصارى وإن أردنا الإنصاف فهي الجبهة الصليبية الأصولية المتحالفة مع الجبهة اليهودية. أما الجبهة الرابعة فهي جبهة المنافقين في الداخل أو من نسميهم بالطابور الخامس وهي حقيقة أخطر الجبهات لأنهم يخادعون الله والذين آمنوا وكثير من المؤمنين ينخدعون يصلون عليهم إذا ماتوا ويدفنونهم في مقابر المسلمين ويسبغون عليهم صفات القديسين والأولياء الصالحين. الآن رمتنا الدنيا كلها عن قوس واحدة. عادها الأعداء في المشرق والمغرب فكيف نجاهدهم؟ إن جهاد أعداء الله فرع على جهاد العبد لنفسه كما يقول ابن القيم. لا نستطيع أن نقضي على الهدف الثابت المستقر لأعداء الله وهو فتنة المسلمين عن دينهم والقضاء على الإسلام القضاء المبرم إلا بالجهاد. جهاد النفس وبالتخلص من المعوقات الثمانية التي تجعلك تنجذب لطين الأرض «قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره» علينا أن نعي ما وعاه الأولون «لا سياسة بدون قوة ولا قوة بدون تضحية ولا تضحية بدون اتحاد ولا اتحاد بدون طاعة ولا طاعة بدون إيمان ولا إيمان بدون دين ولا دين فيه حياة بدون تربية». لكسر حماقة طواغيت الأرض وخدمهم الأذلاء لا بد من إعداد النفس لاحتمال أعباء الطريق والمجاهدة ودفع الكيد وعدم الاستماع لدعاة الهزيمة والبلبلة زوار البنتاغون الذين يقولون «أمريكا منهج حياة». إن هذا الطريق الذي سار فيه سيد الخلق المجاهد الأول طريق شاق حافل بالعقبات والأشواك مفروش بالدماء والأشلاء وبالإيذاء والابتلاء. إنه الجهاد الذي يبدأ بالتربية لينتهي بالقوة الضاربة التي بدونها لا تكون هناك سياسة فيلزم اللاغطون المتخاذلون مساكنهم وليقعدوا مع الخوالف فلا مكان بيننا بالراضين بالقعود. لا بد أن تكون القيادة في الأيدي النظيفة الطيبة المؤمنة المستقيمة الواعية التي لا تنخدع لخداع المبطلين المخادعين. لا للطيبة الغافلة نعم للطيبة اليقظة الواعية. الكلمة اليوم للمجاهدين لا للمفاوضين الطيبين الذين كان جزاؤهم جزاء سنمار.