في العام 2003 افتتح المؤتمر الوطني مكتبًا لحزبه بالقاهرة دفع بسفير السودان الحالي لدى مصر كمال حسن علي مديرًا للمكتب ووجدت الخطوة استحسانًا لجهة أهمية مصر في الخارطة العربية وبعدها السياسي والثقافي والاجتماعي وأهميته بالنسبة للسودان كما لا يمكن إغفال بعدها الأمني والإستراتيجي حتى وإن كان المكتب خاصًا بحزب.. الوطني مشى في اتجاه خلق تعاونًا مع الحزب الوطني الحاكم لمصر حينها حتى إن افتتاح المكتب شهدته قيادات رفيعة من البلدين.. ولكن السؤال ماذا حقّق المكتب والتساؤل الأهم كيف يُدار المكتب؟.. أكثر الأمور إثارة للدهشة بحسب مجالس السودانيين بالقاهرة التي تنظر للمكتب باعتباره سفارة قائمة بذاتها هو تعليقهم على أن الوطني يدار بريموت كنترول الصدفة التي تفتقر للتخطيط المسبق وبشكل أوضح قال لي البعض لدى زيارتي القاهرة يوليو الماضي إن سفارات الدول تنتقي السفير المناسب لها لكل دولة بعينها وتتوخى الدقة في اختياره حتى يحقق لها أكبر قدر من الفائدة وكانت الإشارة إلى مدير مكتب الحزب الحالي وليد سيد الذي قفز بالزانة إلى رئاسة المكتب الذي عند افتتاحه سمى أمين الطلاب السابق كمال حسن رئيسًا له ومحمود عثمان حبيب الله نائبًا والاثنان قدما من السودان ومع متغيّرات الأوضاع انضم وليد للمكتب قادمًا من دار السودان بالقاهرة حيث كان يقضي جلّ وقته بها وهي تجمع السودانيين وكان طالب دراسات عليا «ماجستير» مبتعثاً من جامعة إفريقيا، ساعد وليد أسرة المكتب في إجراءات التأسيس. وقد تمت تسمية وليد بعد فترة مسؤول العلاقات الخارجية ثم في ظروف غامضة تم إبعاد نائب كمال، وبدأ وليد يعرف نفسه بصفة مساعد مدير المكتب وشيئاً فشيئاً قدّم نفسه للمجتمع المصري بصفة نائب رئيس المكتب.. رغم أن مجموعة من الإسلاميين وعضوية ملتزمة من المؤتمر الوطني مقيمة بالقاهرة تتمتّع بكفاءة عالية وعلى دراية بمفاتيح ومغالق الأوساط المصرية انضمّت وبمحض إرادتها للمكتب منهم المدير السابق للمركز التجاري السوداني للقاهرة حيدر إبراهيم، ومدير مكتب منظمة الدعوة الإسلامية بالقاهرة جمال عبد الرحمن، ورئيس شباب ملتقى الجالية السودانية بالقاهرة حمدي بشير، ورجل الأعمال مجد الدين عوض، والناشطة والإعلامية ست البنات حسن لم تغادر محطة عضوية المكتب. بالنسبة للمكتب ظل ولوقتٍ طويل مكبلاً لجهة طرقه الباب الخطأ مع الحزب الوطني المخلوع فجل التعاملات التي ظلت تتم مع حزب مبارك كانت مع مسؤول شؤون العضوية ماجد الشربيني «حبيس سجن طرة الآن، متهم في معركة الجمل بميدان التحرير».. شل الشربيني حركة مكتب الوطني بالقاهرة أثرت على مستوى أداء الحزب بمصر وحدت من انفتاحه على المجتمع المصري ومؤسساته السياسية.. أكثر المسائل التي كبلت الحزب هناك هي المنظمة المثيرة للجدل والتي تورّط فيها المؤتمر الوطني والمسماة «وادينا» والتي تأسست في العام 2007 بمصر بهدف تفعيل علاقات البلدين وتولى الشربيني رئاسة المنظمة ووليد سيد منصب الأمين العام وظل كمال حسن علي بعد أن عيّن وزيرًا للدولة يتمتع بعضويتها وهي معلومة غير موثقة ورغم أن المنظمة شراكة بين الحزبين الحاكمين إلا أن حساب المنظمة ببنك مصر كان مسؤولية الشربيني هو الذي يملك حق التوقيع ومعه عضو المنظمة هاني وحيد «مصري الجنسية» ويعمل مديرًا لفرع بنك مصر ب 6 أكتوبر. ولعل طريقة إدارة المسؤولين بالمكتب أثّرت على الحملة الانتخابية للحزب في الانتخابات الأخيرة رغم النتيجة الكبيرة التي حققها الوطني في القاهرة ولكن مرد ذلك بحسب متابعاتنا أن ذلك النجاح تحقّق من خارج أسوار المكتب حيث تولى الوزير المفوض بالجامعة العربية د. حسين محمد عثمان رئاسة لجنة دعم ترشيح البشير واستطاع مع مجموعة لا تنتمي للوطني رفعت شعار البشير رئيسنا تحقيق تلك النتيجة وكان وليد سيد مسؤولاً عن المال الذي وفره الحزب من الخرطوم ومع ذلك لم يذهب كثيرون جدًا لمراكز الاقتراع لعدم توفر المال.. أيضًا دخل مكتب الوطني في مسلسل عثمان دقنة الذي صرفت فيه أموالاً طائلة لم يتم التحقيق في كيفية صرفها. جاءت الضربة القاضية من الحزب الوطني المصري للمؤتمر الوطني في سيناريو زيارة الممثلة المصرية ليلى علوي للسودان والتي وقف على تفاصيلها ماجد الشربيني الذي ظل يمارس دور الوصاية على المكتب كان الغرض الحقيقي من زيارة ليلى لدارفور وقد رافقها وليد سيد والشربيني ليس بهدف مناصرة الخرطوم بل لتلميع نفسها وقد كانت تتهيأ لتكون سفيرة للنوايا الحسنة وبلع الوطني الطعم فجاءت إلى السودان وتبرّعت بخمسة ألف كرتونة لبن تحمل الوطني نفقات شحنها والتي فاقت سعرها بالخرطوم، ويقال إن الوطني قام بشراء اللبن كما غادرت ليلى بطائرة خاصة لدارفور.