هنالك نوع من الناس شيمته في الحياة متابعة الناس وأخبارهم وتتبعهم.. ماذا فعلوا وماذا قالوا، ولا يهدأ لهم بال الا بعد معرفة اخبار الناس ونقلها، ليس ذلك فحسب، بل يقومون بتأليف قصص وشائعات من نسج خيالهم عمن حولهم بقصد تشويه سمعتهم، إما لغيرة من نجاح هؤلاء الناس في حياتهم أو حسد لهم نسبة لمكانتهم الاجتماعية المرموقة، ومنهم من يقوم بذلك للأنس وقضاء الوقت نسبة لوجود كثير من أوقات الفراغ لديهم، وقد نهانا ديننا الحنيف عن ذلك، فقد دعا الدين الإسلامي إلى الصدق وحذر من الكذب، وثبت عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا» رواه البخاري ومسلم. وحول نقل الشائعات وأثرها على الناس أخذنا رأي الطب النفسي عبر د. أحمد شريف استشاري الطب النفسي والعصبي، ورأي الدين عبر د. عبد الرحمن حسن أحمد/ أمين دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان، وكانت افاداتهم على النحو التالي: الشائعات تسبب الأذى النفسي يوضح د. أحمد شريف استشاري الطب النفسي والعصبي أن الشائعات هي انتشار أخبار أو معلومات عن شخص او اشخاص ليس من المفترض ان تعرف عند الآخرين، أي هذه المعلومة هي سلوك شخصي أو أمر خاص لا يجب أن يعرفه الآخرون، وعندما يتعمد شخص ما أو أشخاص نشر أو إشاعة هذه المعلومات عن ذلك الشخص، وهذا حتما لا يرضي الشخص المشاع عنه، فإن انتشارها هو الأذى بعينه، ويبدو أن من يشيعون أخبار غيرهم غيلة أو نميمة إما أن يكونوا أصحاب غرض لنشر الأذى ضد الشخص الآخر أو أشخاصاً لا يقدرون الخطر أو خصوصيات الآخرين بغرض الانتقام أو الأذى أو الإزالة أو التنقيص من شأن الآخر، بسبب منافسة أو غيرة بسبب المال أو الجاه أو المكانة الاجتماعية أو الوظيفة. خلل نفسي سلوكي ويبين د. أحمد أن هناك نوعاً آخر من ناشري الشائعات هم من يألفون الشائعات للأنس واللغط وقضاء الوقت، وهذا في حد ذاته نوع من الشذوذ بأن يستمتع الإنسان بتلويث سمعة الآخرين باشياء سلبية، وقد تكون معلومات غير حقيقية أو منقولة عدة مرات، فتصير مسلسلاً تنقله الأفواه، وهنا تدخل خطورة الإضافات والتأليف وهكذا، مشيراً إلى أن الشخص المشاع عنه يحدث له أذى أو ضرر كبيران نفسياً واجتماعياً ومهنياً، أما من يخلقون الشائعات أو يعيشون عليها لا يمكن أن يكونوا أناساً أسوياء، بمعنى أنهم يعانون من خلل نفسي سلوكي، ويمكن أن نسميهم «مريضو الشخصية»، وهم يحتاجون الى علاج نفسي، ولكن للأسف لا يدركون أنهم يحتاجون لذلك. نقل الشائعة محرم في الإسلام يبين د. عبد الرحمن حسن أحمد/ أمين دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان أن نقل الحديث من غير توثق كذب، لأن الظن كذب، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى بالتثبت، فقال «فتثبتوا» «فتبينوا» والذي ينقل الشائعة هو ناقل للافك والكذب، لذلك هو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بين الذين آمنوا، لأن من واجب المسلم الستر إذا اطلع على عورة أخيه، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال «من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة»، فلذلك الذي ينقل الشائعة اذا قال صدقاً فهي غيبة واذا كان كذباً فهو البهتان، وكل ذلك محرم في الاسلام، مشيراً الى العقوبة الدنيوية للذين يشيعون عن الناس، فاذا كانت الشائعة مما يتعلق بالعرض فعقوبتها حد القذف، وإذا كانت غير ذلك فعقوبتها التأديب بتعزير مناسب من قبل القضاء، وفي الآخرة أعد الله سبحانه وتعالى لهم عذاباً أليماً.